ياسين الحاج صالح، حساسية المثقف، ونقدية الممارسة وليس الفكر فقط، اختلفت مع ياسين في أكثر من محطة، واكثر من تحليل نقدي لبعض الظواهر السورية. اختلفنا حول المطالبة بالتدخل الدولي، واختلفنا حول قراءة الاشكالية الطائفية في سورية وأثرها على المستقبل السوري.
أحيانا يكون متشنجا قليلا في الخلاف، واشعر انه عصبي قليلا أيضا. رفض الانخراط بأي تجمع معارض، ورفض الانضمام للمجلس الوطني والائتلاف، ذهب إلى مواقع الجيش الحر لكي يقرأ الواقع على الارض( حواري مع ياسين نشر بتاريخ 02.08.2013) وقال بعدها بما معناه( ليس كل ما يبدو لك هو كذلك) بعيدا عن حساسية المثقفين فيما بينهم، والتي تكون احيانا فعلا لا ارديا يجب السيطرة عليه، وأنسنته، بعيدا عن كل هذا كان ياسين وسيبقى علما فكريا وقامة نقدية ووطنية بالمعنى السوري الديمقراطي، هاجمه الاسلامي قبل من يدعي العلمانية زورا، وهم أكثر طائفية من طغمة عاثت فسادا وقتلا في سورية. من يعود لكتابات ياسين، يجد سورية ليست موجودة فيها فقط بل هي المحور اليومي، كان متفرغا للتجول( كتابة) هناك حيث قلة من يدخلوا تلك المناطق، تلك الزوايا المهمشة التي تركتها السلطة السوداء العميقة، بعكس السيستيم الغربي، حيث الهامش أقلية، هنا الهامش هو غالبية المجتمع السوري بكل مكوناته، عندما تتجمع الثروة في أيد قلة، بشكل لا شرعي وبفعل القوة العارية للسلطة السوداء العميقة، وتوزع الثروة الاجتماعية للبلد، طائفيا وامنيا بالدرجة الاولى، وفقا لتنضيدات هذه السلطة السوداء.
بحث في قضية فصل الدين عن الدولة والسيادة والولاية العامة سوريا، عبر تبيئة مفهوم ( الدين العام) المتاح للجميع سلطويا، لأن لها مصلحة في ديمومة وضعها الشاذ على كافة المستويات، لكن ما أثار حفيظة التصنع العلمانوي هو قول ياسين حق الدين في السياسة...مع أنه يخلص إلى نتيجة تقول: (ما نريده هو الربط بين مقاومة وضع الدين العام الممأسس وبين مقاومة الدولة الاستبدادية كعائقين أمام المواطنة والدولة الوطنية الحديثة، أو وضع التحرر من أحدهما في سياق التحرر منهما معا. مفهوم الدولة السلطانية المحدثة يمكننا من توحيد الوجهين، فيؤسس لاعتراض موحد عليهما معا).
بعد الثورة ياسين محط هجوم غير مسبوق ممن ينتجون جعجة فارغة، لخدمة استمرار السلطة، وأي سلطة قتلت من شعب سورية مئات الالوف. فقط لان هذا الشعب مثله مثل بقية شعوب الارض يريد كرامته وحريته في آن معا. ياسين رافق الثورة كلمة كلمة، ظاهرة ظاهرة، متتبعا تفاصيلها بروح الناقد قبل الحالم بسورية حرة ديمقراطية نتاجه متوفر ووافر في هذا الحقل..
هنالك فارق بين ما يتعرض له نتاج ياسين الفكري من نقد بين وواضح وبين هجوم كان الغاية منه، النيل من الثورة السورية. كي يتهم مرة أنه منظر العسكرة، مع أنه أكثر من افرد لظاهرة العسكرية من نتاجه (الثورة والسلاح: خطوط عريضة من القصة) هذه عينة لياسين لم يقرأها هؤلاء المهاجمين.
وأكثر ما هو مضحك، التلميح من قبل بعض هؤلاء عن طائفية ياسين!! ليخبأوا طائفيتهم. ليس نزاهة المثقف ان ينتج المعرفة الموضوعية كما يقال بل نزاهته، في أن يعطي الآخرين حقوقهم، ولا يبخس حقيقتهم، ويهاجم حقائقهم بطريقة لا أخلاقية، بغض النظر عن هذه الحقائق. كما أن نتاج ياسين عرض حتى أخوته الناشطين اصلا في صفوف الثورة والمعارضة، لهجوم كان آخره اعتقال اخويه لدى تنظيم دولة العراق والشام في الرقة،اطلق صراح احمد وبقي فراس الذي حتى اللحظة لا يعرف مصيره. عائلة اعقتل اغلب ابناءها اثناء حكم الاسد الاب، وياسين كان أولهم ودفع من عمره 16 عاما في سجون الطاغية. ياسين ننتظرك سالما كي نقرأ لك...
التعليقات