الجلسة التي عقدها مجلس الامن الدولي يوم الاربعاء لبحث التطورات في سوريا بعد إتهام المعارضة للنظام بإرتکاب مجزرة في ريف دمشق استخدم فيها السلاح الکيمياوي، يمکن إعتباره بمثابة تطور من طابع خاص قد يقود الى تصعيد و توتر و تعکر الاجواء مالم يتم تدارك الامور و التحسب من عواقبها.
تبادل الاتهامات بين النظام السوري و المعارضة بخصوص إستخدام الغازات الکيمياوية ضد بعضهما، أضفى على الاوضاع في سوريا طابعا ضبابيا إذ أنه و بعد أن کانت المعارضة تتهم النظام بشن هجمات کيمياوية ضدها، فإن النظام نجح و بواسطة طرق و اساليب مختلفة في رمي الکرة نفسها الى حضن المعارضة، وليست هذه المرة الاولى التي تتم فيها تبادل للإتهامات بين الطرفين، إذ سبق لهما وان إتهم أحدهما الاخر بتدخل أطراف خارجية لصالحهما، فقد إتهمت المعارضة النظام بإستقدامه قوات الحرس الثوري الايراني و قوات حزب الله اللبناني و جماعات شيعية عراقية و يمنية، فيما إتهم النظام المعارضة بإستقدامه لأفراد من منظمة مجاهدي خلق المعارضة للنظام الايراني للقتال معهم ضده، لکن، والحق يقال بأن مزاعم إشتراك أفراد من منظمة مجاهدي خلق الى جانب المعارضة السورية في القتال تبين أنه محض إفتراء قد تم إطلاقه من جانب النظام الايراني للإلتفاف على واقع الامر، غير أن مسألة مشارکة الحرس الثوري و حزب الله اللبناني و جماعات شيعية عراقية و يمنية قد أثبتت مصداقيتها، ولو أن المعارضة السورية قد وحدت صفوفها و کلمتها بخصوص مسألة إستخدام النظام السوري للغازات السامة، وترکها اسلوب الخطاب الحماسي، فإنه من الممکن جدا وخصوصا بعد المجزرة الوحشية التي جرت في ريف دمشق والتي تشير معظم الادلة و القرائن انها تحمل بصمات النظام دون غيره.
ان قصة الاتهامات المتبادلة لإستخدام الغازات الکيمياوية بين النظام و المعارضة، والتي سبقتها کما أشرنا آنفا مسألة إستقدامهما لقوات من الخارج، لو دققنا فيها بإمعان، لتأکد لنا أن المهندسالذي خططلجعل الاجواء تبدو ضبابية و ملبدة و غير واضحة بالمرة انما هو النظام الايراني بعينه، الذي يمکن إعتباره الخاسر و المتضرر الاکبر في حال سقوط النظام السوري، ولهذا فإنه معني أکثر من غيره بنصرة هذا النظام و السعي لحمايته و الذود عنه بمختلف الطرق و بشتى الوسائل و الامکانيات، بل واننا نعتقد بأن الجماعات التکفيرية التي ينبري السيد حسن نصرالله حاليا لحمل راية القتال ضدها داخل سوريا، إنما قد تم إقحامها في المستنقع السوري بعربات النظام الايراني و الذي له أکثر من خبرة و باع طويل في هذا المضمار، لأننا لو دققنا في مجريات الاوضاع في سوريا لوجدنا أن الطرف الاکثر خسارة و تضررا من تلبد الاجواء في سوريا ولاسيما بعد تدخل الجماعات الارهابية و التکفيرية فيها، انما هي المعارضة السورية دون غيرها.
اننا نرى أن القصة ليست إستخدام النظام للغازات السامة أم عدمه، بل هي قصة من هو الطرف الذي يقف خلف ستارة الاوضاع و يرش بين الفترة و الاخرى المزيد من زيتquot;التصعيدquot; على الاوضاع المعقدة في سوريا، ومن دون شك فإن الجميع يعلمون بأن النظام الايراني هو اساسا اللاعب الاکبر و الابرز على الساحة السورية(کما هو حاله على الساحتين العراقية و اللبنانية)، وان على مجلس الامن الدولي فيما لو أراد عدم وقوع مذابح و فتن و مصائب أکبر و أدهى، أن يبادر الى وضع آلية لبتر ذراع النظام الايراني الطويلة في سوريا و التي سبق وان أعترف وزير الخارجية العراقية بأنهم لايتمکنون من السيطرة عليها في العراق، وبدون هکذا إجراء عملي و واقعي فإن الامر برمته سيکون مجرد جدل بيزنطي ليس إلا!