حينما انبثقت حركة التغيير قبل اكثر من خمس سنوات بزعامة السياسي المخضرم( نوشيروان مصطفى) كحركة سياسية عصرية حداثوية تدعو الى (مؤسسة) الأقليم سياسيا واداريا وتنظيميا وحتى عسكريا على مختلف الصعد ، وانبرت بحمل راية محاربة الفساد المالي والاداري والحزبي المستشري في مجمل الحياة السياسية والاقتصادية وبالاخص من قبل الحزبين الحاكمين في كوردستان ( الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني) ، مدعية انها نفسها ستعتمد الشفافية في منهاجها النظري مترجمة ذلك الى نهج عملي بناء لتغيير المجتمع والحياة السياسية فيه نحو آفاق رحبة في التوازن الممكن لتوزيع الثروة والفرص امام ابناء الشعب بشكل متساوي بعيدا عن كل اشكال النفعية والمحسوبية والمنسوبية وتحقيق الحد الادنى للعدالة الاجتماعية وحقوق الانسان.انتقدت الحركة الاحزاب التقليدية التي دبت فيها ديدان الفساد وانتشرت منذ انتفاضة 1991 حينما نزل الثوار من الجبال لممارسة السياسة والادارة في المدن وبدؤا شيئا فشيئا الابتعاد عن شعاراتهم واهدافهم المعلنة. فنخر الفساد تاريخ و جسد وكيان بل ووحدة الاحزاب السلطوية الكوردستانية التقليدية.حيث ازدادت وتيرة الفساد حينما بدأت اموال النفط الطائلة تنهال على الاقليم بشكل غير مسبوق واستغلت لاغراص شخصية وحزبية بدلا من تخصيصها لاعمار وتطويرالبنية التحتية المهدمة في كوردستان.... اقول حينما نشأت هذه الحركة استبشر الكثيرون من الخيرين والمخلصين من ابناء شعب كوردستان بهذا الحدث الجلل لعله سيكون البداية الصحيحة لتصحيح مسار الحركة السياسية الكوردية الطموحة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ليس فقط وفاء اٌ وجزاءاٌ للتضحيات الجسام لهذا الشعب المناضل طيلة اكثر من نصف قرن من الزمان، بل تناسقا وانسجاما مع التاريخ النضالي الطويل والدامي لهذه الاحزاب نفسها....وحينما فازت هذه الحركة بحوالي ربع مقاعد برلمان كوردستان وعدد لاباس به من مقاعد البرلمان العراقي ، توقع الكثيرون وانا منهم ان تترجم هذه الحركة اقوالها ووعودها الى افعال ملموسة من خلال تصرفات وإداء اعضاءها المنتدبين الى أروقة البرلمانين الكوردستاني والعراقي على حد سواء.ولكونها حركة اختارت صف المعارضة وليس المشاركة في الحكم مما يعني ان جل نشاطها سيتركزفي داخل البرلمانين العراقي والكردستاني مما كان سيحتم عليها اداءا برلمانيا فاعلا و متميزا ومتفانيا لخدمة قضايا شعب كردستان بالدرجة الرئيسية ولتكون تجربة رائدة على مستوى العراق ككل و يكون مبعث إعجاب وزهو وإفتخار لجماهير شعب كوردستان بشكل عام والاعداد الغفيرة من ناخبيه الذين قاربوا النصف مليون ناخب بشكل خاص و الذين وثقوا بهذه الحركة وبوعودها والتغيرات التي ستحدثها(كما يدل ذلك اسمها) في مجمل الساحة السياسية منطلقة من مواقفها اليومية الملموسة في قاعات البرلمان الكوردستاني والعراقي واستغلال منبري البرلمانين لفضح و كشف مواطن الفساد التي تم تشخيصها مسبقا في إعلام الحركة التي تنتمي اليها المقروءة والمرئية والمسموعة منها.. مما لا يختلف عليه اثنان ان مواطن الفساد في الاستغلال السيئ للمراكز الحزبية والادارية في الكسب الحرام و الاثراء الفاحش والسريع من خلال التلاعب بالمال العام والتمتع بامتيازات خيالية من الاموال والعقارات والارصدة في كوردستان (والحال لا يختلف في باقي العراق بطبيعة الحال) واضحة للعيان حتى ان مسؤولي كل الاطراف السياسية لا يخفون مظاهره... وكذلك إمرارالصفقات الاقتصادية الضخمة في مجال استخراج وتهريب نفط كوردستان(التي هي ثروة أجيال كوردستان المخزونة ومن المفروض الحفاظ عليها وليس بيعها في المزادات الرخيصة لمحتلي كوردستان) قد خلقت ازمة عميقة مع المركز يعاني منها حتى المواطن الكوردستاني في مصدر رزقه واستمرار تلقي راتبه الشهري. وكذلك مسألة التشارك مع مختلف الشركات من دول الجوار خاصة في مجال الاستيراد و البناء و مختلف المشاريع الحقيقية منها والوهمية ، مع تلك الدول (تركيا وايران ) على وجه الخصوص التي لا تتوانى ولو للحظة واحدة في اضطهاد وقتل واعدام العشرات من ابناء شعب كوردستان يوميا بلا ادنى رحمة او شفقة مما افقدت هذه الاحزاب مصداقيتها القومية وشعاراتها الرنانة باخلاصها لمستقبل الكورد وحلم دولتهم المرتقبة.....

مما تقدم نرى ان تقييم اداء هذه الحركة في هذه المرحلة يتركز بالدرجة الاساس في دورها في البرلمانين الكوردستاني والعراقي (لانها ساحة عملها الفعلية المؤثرة في الوقت الحالي).

فعلى مستوى البرلمان الكوردستاني اولا: لم نشهد إداءا متميزا لاعضاء وعضوات النواب من هذه الحركة عدا بضعة مناوشات كلامية وإحداث بعض الصخب والضجيج امام كاميرات التلفزة في بعض الاحيان مقابل القبول بكل الامتيازات التي وفرتها لهم كراسيهم البرلمانية من منح وسفر وشقق وسيارات فارهة اسوة بباقي الاعضاء من ممثلي احزاب السلطة وغيرهم والجميع يدرك حجم هذه الاموال وكمية هذه الامتيازات التي كان من المفترض ان يتم رفضها نهائيا من قبل من يدعون تغيير الواقع ( الفاسد) الى افضل منه ليكونوا امثولة للبرلماني النزيه الذي ينشد التغيير الحقيقي كما الحال في معظم برلمانات الدول الديمقراطية بل كان من الاحرى بالسيد( نوشيروان مصطفى) راعي الحركة والمعروف بنزاهته وامانته المالية ، ان يشترط على نوابه المرشحين للبرلمان ان لا يقبلوا باغرائات السلطة وان يرسموا حدودا فاصلة بينهم وبين من يوصمونهم بالفساد المالي ويقوم بطردهم من صفوف حركته وفضحهم اعلاميا امام الجماهير ليكونوا عبرة لمن اعتبر...

اما بخصوص البرلمان العراقي ثانيا: وهذا هو المهم في معرض حديثنا هنا فاننا لم نلمس أداءا متميزا لنواب (التغيير) حول القضايا المطروحة في اجتماعات ومناورات البرلمان وحتى فيما يخص اهم القضايا الكوردستانية محل الخلاف والاخذ والرد في البرلمان العراقي كقضية كركوك والمناطق المتنازع عليها بل والحق يقال ان بعض البرلمانيين من الكتل الاخرى واخص بالذكر النائب عن التحالف الكوردستاني (خالد شواني ) على سبيل المثال كان الصوت العالي والمدوي دوما في التصدي للشوفيننين والحاقدين على الكورد كشعب خاصة فيما يخص المادة 140 وغيرها من القضايا الكوردية في الوقت الذي حركة التغيير الذين لم نسمع لنواب التغيير يوما مواقفا واضحة ومتميزة حول تلك القضايا المصيرية والحساسة بالنسبة لشعبنا الكوردي و خلافا لكل التوقعات..... والانكى من ذلك هو موقفهم الهزيل من التصويت لصالح تمرير المادتين 37 ،38 من قانون التقاعد الاخير بل ان نواب التغيير ومنهم ( الحاكم لطيف مصطفى) والدكتور ( شورش حاجي)كانا من ابرز المدافعين عن هاتين الفقرتين اللتين اباحتا بل وشرعنتا نهب المال العام واعطاء البرلمانيين واعضاء مجالس البلديات اضافة الى الرئاسات الثلاث رواتب تقاعدية خيالية حتى لو كانت خدمتهم الفعلية غير مجزية.

هاتان المادتان احدثتا ضجة كبرى على مستوى العراق والتي صوت العديد من النواب النزيهين من القوائم الاخرى مثل كتلة الفضيلة والاحرار والصدريين والمجلس الاسلامي الأعلى ضدهما بل وحتى ان بعض القادة السياسيين في هذه الكتل كالسيد (عمار الحكيم) والسيد( مقتدى الصدر ) قاما بمعاقبة وطرد النواب الذين صوتوا ب(نعم) لهاتين المادتين من القانون. لكن ما يدعو الى الاستغراب اننا لم نسمع اجرءا مشابها من قبل اي من القادة الكورد والسيد (نوشيروان مصطفى) تحديدا تجاه نوابه في البرلمان العراقي الأمر الذي كان سيشكل نقطة مضيئة في موقف و اداء هؤلاء النواب وكان سيثير اعجابنا وافتخارنا نحن الكورد بان نوابنا قد حققوا انجازا تاريخيا مما كان سيعطينا كل الحق بان نقول ان افعالنا قد جاءت مطابقة لاقوالنا.... اذن فان كيل الانتقادات للاخرين كان مجرد كلام وسلعة انتخابية لا اكثر واثبتت هذه الواقعة بان( كلنا في الهوا سوا ) ولا فرق بين هذه الحركة وغيرها في كوردستان على المستوى العملي التطبيقي الا كالفرق بين الوان أعلامهم (البنفسجية والخضراء والصفراء) اما الاساس فهو انها كلها من قماش واحد....وصدق المثل الذي يقول( ان من لا يستطيع الوصول الى عنقود العنب يقول انه حامض).

[email protected]