&ان انطلاقة الاتحاد الوطني الكوردستاني في الاول من حزيران سنة 1975 كان ردا حاسما وشجاعا على االمؤامرة الدولية التي استهدفت شعب كوردستان وبديلا جريئا للانهيار الشامل التي ادت الى إفلاس الحركة الكوردية المسلحة بقيادة المرحوم الملا مصطفى البرزاني التي لم تستطع تحمل أعباء المقاومة وفضٌلت الانزواء بعيدا في ايران وخيٌرت الآلاف من البيشمركة والجماهير بين الاستسلام الخنيع للبعث او اللجوء الذليل الى ايران.....
لقد إختارت نخبة مؤمنة بالشعب الكوردي وكوردستان وبمادرة تأريخية من( مام جلال) كما يحلو للكورد تسميته (المقصود الرئيس جلال الطالباني)، طريق الرفض المطلق للارادة الشريرة للبعث الفاشي والقوى الإقليمية والدولية السوداء التي كانت تريد اطفاء جذوة الثورة الكوردية واستعباد شعبنا الى الابد.... وكانت تلك الانطلاقة المباركة من كازينو الطليطلة في دمشق من قبل المناضل (مام جلال) واربعة من رفاقه الميامين باصدار بيان تحت عنوان (الاتحاد الوطني...لماذا ) وكان ذلك البيان هو الناقوس المدوي الذي أيقظ شعب كوردستان من واقع اليأس والقنوط،وحمل اليه بشرى إعادة الأمل والدفئ والبيشمركة الى جبال كوردستان مرة اخرى... وأقلق في الوقت ذاته مضاجع سلطة البعث التي كانت منهمكة بتعريب وتبعيث وترحيل الكورد الى مدن وقصبات جنوب وغرب العراق وبدأت حملتها الشوفينية الشعواء بتهديم الآلاف من القرى والقصبات الكوردية حسب المبدأ الفاشي( جفف البحيرة والسمكة تموت)....
لقد جاءت فكرة تأسيس الاتحاد الوطني (وذلك يستدل حتى من اسمه) بحشد وتوحيد كل القوى الكوردستانية الوطنية المؤمنة بالدفاع عن وجود الكورد كشعب وكوردستان كأرض (اللذين كانا مستهدفين بالاذابة والابادة و بالتهديم والحرق من سلطةقبل البعث الفاشي)، واستهل الاتحاد وعلى رأسه مام جلال بالاتصال بكل تلك القوى والعناصر الخيرة ومن ثم تنظيم وتوعية وإستنهاض همة شعب كوردستان، من اقصى اليمين الكوردي الى اقصى اليسار الكوردي (كما كان نموذج الجبهة الوطنية الكمبودية والفيتنامية التي كانت ذائعة الصيت في اواسط السبعينيات), وبذا فان تعدد المنابر واختلاف الرؤيا السياسية ووجهات النظر المتباينة قد شكلت ظاهرة فريدة في تاريخ الحركة التحررية الكوردية المعاصرة.... كانت هذه ميزة انفرد بها الاتحاد الوطني الكوردستاني منذ تأسيسه والى يومنا هذا,مما شكلت نقطة قوة نوعية للاتحاد لانها أسست مجالا رحبا للاجتهاد و افردت مساحة واسعة للمشاركة العريضة لمختلف الاتجاهات السياسية التي كانت من مصلحتها وواجبها خوض النضال الصعب والضروس في مرحلة من أدق وأخطر مراحل النضال التحرري الثوري لشعبنا الكوردي بعد انهيار الحركة المسلحة التي كان يقودها المرحوم الملا مصطفى البارزاني اثر توقيع اتفاقية الجزائر المشبوهة بين المقبورين شاه ايران وصدام حسين.... الا ان تعدد المنابر كانت تخفي قي ثناياها في الوقت عينه صراعات مخفية وكامنة كانت تطفو على السطح في بعض مراحل الثورة، الا ان الشخصية المتميزة والمهيمنة للسيد جلال الطالباني والخبرة الطويلة له في إدارة وتوجيه الصراعات الداخلية والخارجية كانت كفيلة برسم معادلات متوازنة وهادئة بين كافة الأطراف والحيلولة دون حدوث انشقاقات أوإنقسامات حادة لا سيما وان الاتحاد كان يناضل في اكثر من جبهة لديمومة الكفاح المسلح ضد( أعدائها) قوميا ووطنيا واقليميا.... لقد كانت مهمة عسيرة تلك التي اضطلع بها الامين العام للاتحاد الوطني السيد جلال الطالباني في تجنيس هذا المزيج المختلف من الأطياف في خلطة واحدة خاصة ميزت الاتحاد عن بقية الاحزاب والتنظيمات, والتي جمعت بين الماركسيين الماويين الى اليساريين المعتدلين الى الاشتراكيين الى القوميين المتطرفين الى البرجوازيين الوطنيين وانتهاءا برجال الدين ورؤساء العشائر شاملا كافة اطياف الشعب وطبقاته الاقتصادية والاجتماعية.......... وهي ظاهرة ولدت مع ميلاد الاتحاد الوطني، والتي جاءت كرٌد فعل مباشر وايجابي تجاه الانهيار الدراماتيكي للحركة المسلحة بزعامة المرحوم الملا مصطفى البرزاني, ذلك الانهيار المفاجئ والشامل الذي كان ولا يزال مثار جدل واستغراب كبيرين في اوساط المثقفين و المهتمين بالشأن الكوردي, لكون الحركة آنذاك كانت تتمتع بامكانيات بشرية وتسليحية هائلة, وتتمتع بتأييد جماهيري منقطع النظير ولها مساحة نضالية وميدانية تتميز بطوبوغرافية مثالية لممارسة أسلوب حرب العصابات وكانت ستمكنها من المقاومة والصمود لسنوات عدة لو توفرت لدى قادتها إرادة الاستمرار والاعتماد على طاقات شعبها الذاتية التي لا تنضب.
...وقد قام الاتحاد ومنذ الايام الاولى لتأسيسه بالاتصال مع العناصر الواعية من الشخصيات الكوردية المتواجدين في دول الجوار وأوروبا وأمريكا والتنسيق مع التنظيم السري لحركة شغيلة كوردستان (الكومه له ) في الداخل الكوردستاني الذي كان يضم المئات من خيرة أبناء شعبنا من الكوادر النوعية العسكرية والثقافية والتنظيمية في مختلف مدن وقصبات كوردستان والكورد المرحلين الى الجنوب العراقي.....ورغم سيادة الجناح الذي كان معروفا بجناح المكتب السياسي او (الجلاليين) على تشكيلة الاتحاد من خلال الشخصيات المرتبطة بهذا الجناح او بعناصر التنظيم السري (الكومه له) الا انها لم تخلو من العديد من العناصر المخلصة المنسلخة اصلا من الديمقراطي الكوردستاني او بقية وبقايا الحركات السياسية الكوردية مثل الاشتراكيين والقوميين (حسك وباسوك)..... بل وكان وجود هؤلاء اصلا تجسيدا لفكرة الحزب وطبيعة نضاله في تلك المرحلة الحساسة كوردستانيا واقليميا وعالميا وكتقليد للحركات الثورية المعاصرة انذاك مثل الثورات الصينية و الفيتنامية والكمبودية التي كانت تضم في طياته كل من يناضل ضد الفاشية والاحتلال الاجنبي ولذا فان وجود اجنحة متباينة في صفوف الاتحاد لم يكن غريبا رغم انها كانت تتصارع وتختلف احيانا كثيرة ولكنها كانت مجموعة تحت لواء الاتحاد وبزعامة شبه مطلقة من مؤسسها وشخصيتها الأقوى دوما (مام جلال).....
&وفي السنة اللاحقة وبالتحديد في الاول من حزيران عام 1976 بدأ الاتحاد الوطني بتشكيل وارسال اول مفرزة مسلحة بقيادة المهندس الشهيد ابراهيم عزو ورفاقه الثمان وثلاثون من الذين وصلوا كوردستان من سوريا،فيما بادر العديد من مناضلي العصبة الماركسية اللينينية (الكومه له ) بقيادة المناضل سالار عزيز والشهيد آرام( المهندس شاسوار جلال ) بتأسيس اولى الخلايا والمفارز المسلحة في قرى وأرياف كوردستان... وبدأوا بخوض غمار النضال المسلح الثوري في جبال كوردستان وتوجيه ضربات مؤلمة ضد ربايا ومواقع النظام العفلقي الغاصب، جنبا الى جنب مع ضربات التنظيم السري(الكومه له) في المدن والقصبات التي كانت تحت سيطرة النظام، موجهين ضربات قاصمة للنظام ومواقعه ورباياه العسكرية في الجبال, واجهزته القمعية وازلامه والمتعاونين معه في المدن والقصبات، مقدمين الكثير من التضحيات الغالية من خيرة الكوادر والمناضلين سواءا في سوح المعارك الغير المتكافئة أوفي سجون وأقبية الامن والمخابرات البعثية الرهيبة كل ذلك وسط ترحيب وفرحة جماهيرية عارمة بعودة البيشمه ركة الى كوردستان ومعاودة النضال المسلح ضد اعداء الشعب الكوردي... كان نضالا مريرا و طويلا معبدا بدماء عشرات الآلاف من شهداءه وفي ظروف كوردستانية وعراقية واقليمية بالغة الصعوبة ضد حزب البعث الفاشي الذي كان يمتلك كل اسلحة الدمار والابادة الجماعية اضافة الى امكانيات ودعم عربي ودولي لا مثيل له في تاريخ المنطقة والعالم....ورغم الانتكاسات التنظيمية والعسكرية العديدة التي منيت به الاتحاد سواء من قبل نظام البعث (اعتقال واعدام خيرة كوادره المتقدمة ) في السبعينيات او تعرضه لطعنة غدر كبيرة من قبل غريمه آنذاك( القيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكوردستاني) فيما سمي بحادثة (هكاري)... الا ان صمود وديمومة وتحدي الاتحاد جعله يكون التنظيم السياسي والعسكري الأول في عموم كوردستان بفضل قدرة قياداته وكوادره في الاستمرار في النضال وقبول التحديات والتضحيات الجسام بعناد وبطيبة خاطر....فاذا كان هذا سردا مختصرا وواقعيا لتاريخ ونضال الاتحاد فماذا حدث اليوم وبالتحديد بعد تغير الوضع العراقي اثر سقوط صنم بغداد وتحرير العراق ونزول الثوار من الجبال الى المدن ليتحولوا من ثوار الى حكام....
&أي الاتحاد الوطني الى اين الآن!!!!!!
&ان الوضع الجديد وبالأخص بعد الأنتفاضة الكوردستانية وتأسيس برلمان وحكومة أقليم كوردستان قد أفرز معطيات جديدة.... وهكذا دوما مع حركات التحرر التي قد تنجح في النضال الثوري المسلح أو الانتفاضة الجماهيرية الواسعةولكن عيوبها ومثالبها تظهر بعد الانتصار وتسلم زمام السلطة والحكم ( الثورات الفيتنامية والكمبودية، الجزائرية، الايرانية،ثورات الربيع العربي).....ان مهمة التكيف مع الوضع الجديد الذي فيه تكون حاكما في المدن بدلا من ان تكون معارضا في الجبال، والفرق الكبير بين ان تبني مجتمعا ودولة بدلا ان تهدم نظاما فاسدا وغاشما..... بين ان تعيش في أحضان الجماهيروتذود عنهم بروحك ودمك وبين تكون حاكما لهم تأمر وتنهي وبمتناول يدك الامكانيات المادية والامتيازات السلطوية... بين ان تعد الجماهير بالاحلام البراقة وان تنجح في تحقيق تلك الاحلام... بين ان تكون نزيها وأمينا وخادما للشعب بدلا ان تكون حراميا وسارقا لقوته وممتلكاته العامة والخاصة....هذه هي بعض المطبات ومواطن الفساد والأغراءات السلطوية التي لم تنجو منها الكثير من الثورات في مرحلة الانتصار او الأستقلال... وبدون ادنى شك كان للاتحاد الوطني كذلك نصيبا معينا من تلكم الانزلاقات والانحرافات والا لما خسرنسبة من وزنه وثقله الجماهيري كما نراه اليوم مقارنة بالسنين السابقة وكما اشارت نتائج الانتخابات الاخيرة لبرلمان كوردستان تلكم التراجعات في ارض الواقع.... فما الذي حدث ولماذا هذه الانتكاسة الجماهيرية قياسا بالتاريخ النضالي العريق للاتحاد وحنكة قياداته وخبرةكوادره العليا والوسطية الواسعة والمتميزة.... اسئلة محيرة بحاجة الى أجوبة جريئة وصريحة لان أية إنتكاسة للاتحاد الوطني تعني بالدرجة الاولى إنتكاسة للشعب الكوردي في كافة ارجاء كوردستان، وللديمقراطية ومسيرتها المتعثرة في العراق ثانيا وللمسيرة الديمقراطية المهددة بتصاعد سطوة وتسلط التيارات الدينية المتشددة في دول الجوار و المنطقة ثالثا !!!!&
ليس من السهولة بمكان تناول موضوع شائك بهذا القدر لان مسيرة العملية السياسية في العراق عموما وفي كوردستان لم تكن تخلو من تحديات كوردستانية وعراقية واقليمية بل ودولية ايضا....فالتناحر السياسى على مستوى كوردستان خاصة بين القوتين الرئيسيتين الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي الكوردستاني بعد مرحلة الانتفاضة التي وصلت الى حد الاقتتال الداخلي الذي استمر لسنين عديدة وراح ضحيته الآلاف من ابناء الشعب الكوردي, وكان الاتحاد يحارب ويصارع في اكثر من جبهة فمن جهة كان هناك حربا ضروس مع (غريمه) الديمقراطي الكوردستاني الذي كان يستنزف يوميا العديد من ارواح خيرة المقاتلين وخلف وضعا نفسيا مقلقا لكافة جماهير كوردستان, إضافة الى تهديد النظام العفلقي التي كانت قواته العسكرية ودبابته على بعد امتار من قوات الاتحاد في مناطق التماس الممتدة من خانقين جنوبا الى اطراف الموصل شمالا, و كان لهذا الوضع الشاذ تداعياته المباشرة في مستوى الاداء الحكومي في المنطقة التي كان تحت سيطرة الاتحاد أي المنطقة الخضراء مما ادى الى صعود وهيمنة بعض العناصر الهزيلة التي لم تكن بمستوى تلك المسؤوليات المناطة بهم, ففي تلك الفترة الحرجة من الاقتتال الداخلي كان الصراع قويا ومحتدما بل ومصيريا في بعض الاحيان مما افرز ظاهرة تغليب الكم على النوع ولم تراعى تاريخ و اخلاص وولاء بعض العناصر التي استلمت مسؤوليات حكومية مدنية كانت ام عسكرية،وبذا فقد اختلط الحابل بالنابل ووجد الكثيرون من المناضلين ممن ساهموا مع الاتحاد في النضال داخل المدن على وجه الخصوص أنفسهم قد ضاعوا في زخم ذلك الكم الهائل من الوصوليين والانتهازيين والمصلحين الذين استخدموا اساليبهم الميكافيلية في التقرب من بعض القيادات هنا وهناك مما افقد الاتحاد الكثير من عناصره المخلصة والأمينة لنهج ومسيرة الاتحاد،وحينما ضاعت المقاييس الحقيقية بين المناضل الحقيقي والوصولي المزيف فقد تشجع مع الاسف بعض القيادات العليا ايضا في الاستفادة من مواقعها الحزبية والحكومية في الانجرار الى آفة ممارسة الفساد وسرقة المال العام والهيمنة على المقاولات والمشاريع حتى تلك التي كانت تمول من برنامج الغذاء مقابل النفط وذلك قبل سقوط النظام ومن ثم توسع رقعة الفساد وخاصة بعد السقوط والارتفاع المتوقع لأسعار العقارات والأراضي السكنية وحتى الرقع الزراعية في أطراف المدن والقصبات مستغلة نفوذها الحزبي وتأريخها وإرثها (النضالي) وهذا بدوره ادى الى تنامي وشيوع ظاهرة المحسوبية والمنسوبية حينما وجد الكثيرين من المتصيدين في الماء العكر والانتهازيين الفرصة مؤاتية للاستفادة القصوى من هذا الوضع لان البعض من القياديين حتى (ولا داعي للتسمية لانهم معروفون من قبل الجماهير ) لم يقدموا النموذج الأمثل لخدمة الشعب كما كانوا يروجون حينما كانو يناضلون في الجبال بل اصبحوا حتى اسوء حتى ممن كانوا يعارضونهم (وهذه ظاهرة عراقية الان بامتياز ).... وكان غريبا حقا ان من كانوا يدعون الاشتراكية واليسارية والشيوعية و يعتبرون انفسهم خدما للشعب قد اصبحوامن أكبر التجار وأصحاب الشركات والمقاولات وممن يملكون الملايين والمليارات من الدولارات والتي لم تكن الا سرقة شرعية بإسم انجاز مشاريع الاعمار والسياحة والخدمات والتي كانت في حقيقتها تنفذ بربع اثمانها وكانت بعيدة كل البعد عن التنمية الحقيقية لكوردستان المهدمة أصلا في بنيانها التحتانية، وان اغتناء الكثيرين من السحت الحرام ومنهم المحسوبين على الاتحاد بين ليلة وضحاها وتنامي أرصدتهم في الداخل والخارج وعلو عماراتهم وبذخ مساكنهم وأمام أنظار الجماهير التي كانت تعرفهم وما كانوا يملكون قبل الانتفاضة وما باتوا يملكون الآن... أدى الى النيل من سمعة ومكانة الاتحاد كثيرا وافقدته هالة التقدير والتقديس واساء حتى الى مفهوم البيشمركة وارثها وتضحياتها النضالية الجمة....&
- داخليا كان الاتحاد يتألف من عدة اجنحة تنظيمية وعسكرية وتاريخية وهذا بسبب طبيعة تكوين الاتحاد اصلا كما اسلفت سابقا...ولطالما حصلت خلافات واختلافات بين هذه الاجنحة الا ان موقع وشخصية مام جلال كانت دوما عامل تهدئة وتأجيل لهذه الصراعات. وكما نعلم لكل قيادة تاريخية وخاصة في ظروف منطقتنا وواقع كوردستان الجيوسياسية بالذات مزياتها وعيوبها, مفاخرها ومثالبها..... وانا هنا لست بصدد انتقاد قيادة الرئيس مام جلال للمرحلة لانها كانت شائكة ومعقدة كوردستانيا وعراقيا واقليميا ودوليا ايضا ومن يعمل ويجتهد في خضم هذه المتغيرات الكبيرة لابد ان يعتري طريقه بعض النواقص والاخطاء ان صح التعبير ولكن فيما يخص الوضع الداخلي للاتحاد فان التقصير بل والفشل في تحويل الجهاز الحزبي من النموذج الستاليني الهرمي الى النموذج المؤسساتي العريض الذي يعطي الصلاحية والمركزية لكل مفصل من مفاصل الحزب (كما هو الحال في اغلب الاحزاب الاشتراكية الديمقراطية) ولكون الاتحاد قد اعلن انتسابه واتجاهه نحو هذا النموذج الناجح من العمل الحزبي وعدم حصر كل الصلاحيات والقرارات والامكانيات في يد شخص واحد او اشخاص مقربين والابتعاد تدريجيا عن تأليه وعبادة الفرد والكف عن ظاهرة تأهيل وتوريث الابناء والزوجات والاقارب، و التفكير الجدي في امكانية مرض او انشغال او تقادم عمر الامين العام او ايه شخصية قيادية اخرى مثلا وتضاؤل وتحديد قابليلته وقدراته، كان هذا بتقديري المتواضع عاملا حاسما فيما آلت اليه ووضع الاتحاد التنظيمي والجماهيري على حد سواء, على الرغم من وجود وجوه وكوادر وشخصيات بديلة ويارزةعلى المستوى القيادي في الاتحاد قلما تتوفر لاحزاب مماثلة وكان السيد نوشيروان مصطفى مثلا من أبرز هذه الوجوه الذي نأى بنفسه بعيدا من الاتحاد وتركه بما حمل ليضطر الى تشكيل حركة سياسية جديدة( التغيير) والتي اثرت في بنية الاتحاد التنظيمية والجماهيرية أيما تأثير واصبحت بدورها عاملا آخرا لاضعاف الاتحاد وتقليص شعبيته...وكان هناك ولا يزال آخرون من القيادات الكفؤة والمقتدرة لقيادة المرحلة فرديا او جماعيا وعلى راسهم الدكتور برهم صالح (المعروف بخبرته السياسية الواسعة وباسلوبه الديبلوماسي المتميز), والسيد عادل مراد(احد مؤسسي الاتحاد الخمسة وعلاقاته الخارجية الواسعة و المؤثرة عراقيا واقليميا ودوليا)،والدكتور نجم الدين كريم( الذي بدأ نجمه بالصعود بعد انجازاته الكبيرة كمحافظ كركوك تلك المدينة التي لها خصوصيات بالغة الاهمية كوردستانيا وعراقيا واقليميا ونجاحه الكبير في حفظ التوازنات الدقيقة في هذه المدينة التي تتميز بمواصفات خاصة بالغة الدقة والخطورة على المستوى الكوردستاني والعراقي والاقليمي، وكونه استطاع ان يكون نموذجا أمثل في التعامل مع اهل وقضية كركوك بحسب خبرته السياسية ودقته الطبية كطبيب جملة عصبية وتطبيقا لمقولة مام جلال (ان كركوك هو دماغ العراق ويجب التعامل مع خيوط اعصابه بدقة جراح اخصائي!!!)...
- ان حصر الكثير من المناصب الحساسة العسكرية والمخابراتية والتنظيمية بل وحتى الدبلوماسية بموجب مفهوم المنسوبية والمحسوبية أضفى على الاتحاد (الذي رفع شعار محاربة حزب العائلة لعشرات السنين) نفس الصبغة العائلية والعشائرية بل وحتى أسوء لان أغلب شاغلي هذه المناصب الحساسة كانوا مفتقرين الى ادنى درجات القدرة و الكفاءة بل لم يجرأ احد على محاسبتهم او حتى نقدهم حينما كانوا يخطئون لكونهم قريبين أو مقربين من السلم الأعلى في القيادة.....
- (ان ازمة الاتحاد ليست ازمة كوادر وقيادات وسطية وعليا فهو يمتلك المئات والآلاف من الكوادر النوعية المخلصة المثقفة الذين صقلتهم التجارب ويمتلكون رصيدا هائلا من الخبرات التنظيمية الرصينة.... بل انه أزمة صراع مزمن و صامت بين (الكتل اوالمنابرالثلاثة) كتلة نائبه الاول( كوسره ت رسول) وكتلة نائبه الثاني (الدكتور برهم صالح ), وكتلة عقيلته (السيدة هيرو ابراهيم احمد) و التي باتت لا تستطيع التنسيق والعمل المشترك في اي مجال بل اصبح كل يغني على هواه.... ولعل العقبة الكبيرة امام نقاهة وتطور الاتحاد الى الامام هي مسألة حصر الصلاحيات والامكانيات المادية والعسكرية والمخابراتية في ايدي كتلة واحدة فقط من هذه الكتل والتي لا تحضى بمقبولية وتأييد كبيرين من قبل أغلبية العناصر الواعية والكوادر الوسطية من الاتحاد نفسه ناهيك عن الرأي العام الكوردستاني وتكاد تكون هي السبب الرئيسي لنكسات الاتحاد المتتالية.....
- اضافة الى تداعيات وأخطاء اخرى وقع فيها الاتحاد منها توقيع( الاتفاقية الاستراتيجية الغير متكاقئة مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني) والتي كانت حصة الاتحاد فيها حصة الارنب وللآخرين حصة الغزال في توزيع المناصب في كوردستان والعراق،واطلاق يد الديمقراطي في توجيه الاحداث والتصرف بالواردات وتوقيع العقود النفطية واثارة العديد من المشاكل مع المركز لاسباب بعيدة عن مصلحة شعب كوردستان الحقيقية...
- ان تولي السيد الطالباني منصب الرئاسة في العراق التي اضرت بالاتحاد وبالكورد كثيرا ولا اعتقد بان هذا المنصب قد حقق للكورد شيئا وبالاخص المادة 140، وان سعي السيد الطالباني في تولي هذا المنصب الكبير اسما والصغير مكسبا وصلاحيا تا لم يحقق للكورد ما كانوا يتوقعون غير رفع الغبن عنهم كونهم قد عوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية او ادنى ومنذ تاسيس الحكومة العراقية.... اضافة انه تسبب في ابتعاد السيد الطالباني عن الساحة الكوردستانية وانشغاله بالامور العراقية والانشغال في اجراء المصالحة بين الاطراف العراقية المتصارعة السنية منها والشيعية في الوقت الذي كان فيه بعيدا عن دقائق الأمور وغائبا عن المشاكل التي كانت تعصف بالاتحاد داخليا....وها ان المنصب شاغر لاكثر من سنة ونصف دون ان يؤثر سلبا او ايجابا في اي امر يتعلق بالكورد ووجودهم في المركز واذا كان له فعلا اية اهمية تذكر فلماذا لم يرشح لشغله شخصية كوردية اخرى بديلا عن السيد الطالباني طيلة الفترة الماضية؟؟؟؟،
- مرض السيد الطالباني المفاجئ الذي ترك الاتحاد دون رأس وموجه ومدبر, ذلك المرض الذي جاء في وقت غير مناسب وطال أمده دون معرفة اية تطورات حقيقية عن ماهيته ومدى تأثيره على مستقبل السيد الطالباني السياسية سواءا في ادارة الاتحاد او في تولي منصب رئيس الجمهورية من جديد.... لا شك ان موقع وكاريزما السيد الطالباني له دور كبير في تطور الاحداث المستقبلية وقد رأينا ان طلة بسيطة لمدة دقيقة واحدة من قبل السيد الطالباني قد فعل فعل السحر في جماهيره ومحبيه من الكورد والعراقيين ولكن علينا ان نواجه هذه المسالة بشجاعة وجراة بعيدة عن العواطف والمشاعر.... رغم بعض التصريحات المقتضبة من المقربين منه من انه على وشك العودة الى كوردستان والبدء مجددا بممارسة مهامه التنظيمية والرسمية الى انه وبتقديري المتواضع بعيد عن واقع الحال... فالطالباني وآسف لقول هذا لن يستطيع الا بمعجزة من العودة الى ما كان عليه قبل مداهمة المرض له وكما نعلم ان زمن المعجزات قد ولت،اضافة الى سنه الكبير وبتقديري انه لو استطاع السيد الطالباني من استغلال الوقت في كتابة مذكراته لو اسعفته ذاكرته لذلك يكون قد اسدى للكورد وللتاريخ بجميل سيحفظ له هذا التاريخ المجيد وسيضيف الى امجاده امجادا ومآثر لانه عاصر وتفاعل واثر في مجريات الكثير من الاحداث الجسام التي كان له فيها اليد الطولى والتاثير البالغ لانه شخصية تاريخية من طراز خاص من الصعوبة تكرارها او حتى تقليدها او التشبه بها.......
ويبقى الان السؤال المهم... مالعمل...والجواب بتقديري وفهمي المتواضع يتلخص في ما يلي
اولا.... البدء باختيار قيادة جماعية تحضى بقبول أغلبية أعضاء الأتحاد لحين عقد المؤتمر التصحيحي للاتحاد وتكون لها كافة صلاحيات الامين العام مجتمعة من النواحي التنظيمية والمالية والعسكرية،وتقوم بتسجيل بكل الامكانيات والممتلكات المنقولة وغير المنقولة التي هي مسجلة باسم اشخاص الى حوزة الاتحاد ككيان معنوي، والاشراف المباشر على القوات العسكرية والاجهزة المخابراتية والامنية للاتحاد.&
ثانيا..... وتشكيل هيئة نزاهة صارمة وقوية تدقق في ممتلكات وارصدة كل من يثبت تلاعبه بالمال العام واحالته الى القضاء ومحاسبته حزبيا وتفعيل مبدأ (من اين لك هذا) وذلك بعد ان يتم افساح المجال لهم بالتنازل وتسليم كل الممتلكات العمومية التي تحت تصرفهم وفي حوزتهم الى الحكومة وكشف ذممهم المالية وبيان مصادرها وعدم استثناء احد من المسؤولين من هذا الاجراء بدءا باعلى السلم الحزبي...&
ثالثا....الانسحاب رسميا مما سمي بالاتفاق الاستراتيجي التي اثبتت الاحداث انها لم تكن اتفاقا للشراكة والتعاون بل كان اتفاقا تكتيكيا من قبل الجانب الآخر لتفتيت وانهاء الاتحاد من الساحة السياسية الكوردستانية والعراقية&
رابعا....القيام باداء دور المعارضة السياسية في الأقليم(والتعاون والتنسيق خارجه) وبأدوات وتوجه جديد واستغلال الكوادر والوجوه الشابة لهذا المهمة وعدم القبول بالمناصب الهزيلة الباقية في الحقائب الوزارية في الاقليم التي ستحط من قيمة الاتحاد ولن تكون الا لترضية بعض الاشخاص المتنفذين في الاتحاد وسيكون استمرارا للسياسة السابقة التي اثبتت الوقائع وأصوات الجماهير فشلها عدا في محافظة كركوك التي اعطت مؤشرا أيجابيا ومشجعا بان الاتحاد بامكانه لو رجع الى اصوله وعمل بمبادئه الاصلية يمكنها ان تكسب حب وتقدير شعب كوردستان بكافة قومياته واديانه ومذاهبه و بامكانية نهوض الاتحاد وتبوئه موقعه المميز من جديد لو تم العمل باخلاص وتفاني من اجل الاتحاد وكما اثبت ذلك قيادة الدكتور نجم الدين كريم لادارة محافظة كركوك وحصوله عاى اكبر الاصوات من كورد وتركمان وعرب وكلدو آشوريي كركوك.
خامسا... الاستمرار بالنهج الثابت للاتحاد في مساندة ودعم الثورة الكوردية في باقي أجزاء كوردستان (الشمالي والغربي ) على الخصوص وفضح السياسات العوجاء لبعض القوى في تنفيذ مآرب محتلي كوردستان بل وتعميم تجربة المقاومة الباسلة لثوار وثائرات غربي كوردستان ضد الارهابيين والظلاميين وباعتماد اسلوب الاعتماد على قوى الشعب الذاتية تلك الاستراتيجية الناجحة التي بدأت بها المقاومة في جنوبي كوردستان من قبل مقاتلي الاتحاد الوطني الكوردستاني في الثورة الجديدة التي خاض غمارها التحاد في السبعينيات.....
&وختاما فان الاتحاد قوة طليعية كوردستانية وعراقية وأقليمية لا يمكن التغاضي عنه او التقليل من دوره وشأنه لانه عامل مهم وحاسم في التوازنات الكوردستانية والعراقية والاقليمية وهو رقم كبير وصعب واثبتت الاحداث طيلة اربعين عاما من نضاله بانه قادر على تجاوز المحن والصعوبات وتداوي جراحاته ونتمنى التعافي والعمر المديد لمؤسسه ومهندس انتصاراته مام جلال..... والاتحاد ولد ليبقى ويتعزز دوره لتحقيق آمال الكورد في كل ارجاء كوردستان بهمة الآلاف من كوادره والعشرات من قيادييه المتمرسين في سوح النضال والمنازلات الكبرى.... ونرجو ان لا تتاثر مسيرته بمرض او غياب اي قائد او فرد حتى لو كان ذلك القائد المحبوب مام جلال، رغم أهمية وجوده وعظم دوره وكونه رمزا كان وسيبقى خالدا الى الابد....&
&
التعليقات