وعاد كلا الطرفان إلى طاولة المفاوضات.. كلاهما يدّعي الإنتصار.. كلاهما يؤكد بأنه صامد وأنه قضى على قدرة الآخر.. حماس تقول بأنها أقلقت راحة المستوطنين.. وأنها حققت نصرا بقتل عدد كبير من خيرة ضباط الجيش الإسرائيلي.. ولكنها ومع إطلاق 3350 صاروخ فشلت في تدمير بناية واحدة.. وحين قتلت ثلاثة مدنيين كان بينهم مدني إسرائيلي من أصل عربي!!!

إسرائيل ’تصر على الإنتصار.. وتعتقد بأنها حققت أهداف عسكرية إستراتيجيه... أولها ضربة عسكرية قاضية لقدرة حماس الصاروخية حتى وإن كانت عبثية (حسب قول أفيخاي أدرعي الناطق العسكري لإسرائيل ).. تدمير البنية التحتية الإستراتيجية لحماس.. بمعنى تدمير الأنفاق التي كانت شريان الحياة لسكان القطاع لتموين بعض المواد الغذائية... وإستعملتها حماس في نقل الأسلحة إلى القطاع.... و كلّفت حماس والإنسان الفلسطيني الملايين!!!&

إذا كان كلا الطرفان يدّعي النصر.. فلماذا هرول كلاهما لطاولة المفاوضات.. أهداف إسرائيل في العودة معروفة.. إستعادة ماء الوجه بعد السقوط الأخلاقي المدوي وضمان الهدوء للمستوطنين.. أما عودة حماس إذا كانت هي المنتصرة فهي غير معروفة.. لأن حرصها على الإنسان الفلسطيني غير واضح.. خاصة وحين تقول بأن مقابل 1300 قتيل.. حدثت 1400 حالة ولادة بمعنى أن الحرب قادمه بلا محاله... مرة أخرى بل ومرات.. إسرائيل تدعي بأنها تركت القطاع.. ولكن تحرير القطاع من الإحتلال للأسف أعقبه إحتلال جديد من نوع آخر من الإستبداد الديني ممثلآ بحماس وهو ما وضع القطاع في سجنه الكبير.. إضافة إلى الحصار الإسرائيلي.. وهدم الأنفاق بين القطاع و الحدود المصرية.. من هو الملوم لتصل مصر إلى هذه الدرجه من القسوة وهي المعروفه بمساندتها التامه للحقوق الفلسطينية؟؟ من هو الملوم لصمت الدول العربية الأخرى خلال هذا العدوان على غزة؟؟؟؟ هل هو تراجع من كل الأنظمة العربية عن مساندة الحق الفلسطيني.. لآ أعتقد ذلك إطلاقا.. مهما تدنّت العلاقات بين الدول العربية والإنسان الفلسطيني.. فالحق الفلسطيني محفور في كل قلب عربي.. حتى وإن إنشغل الإنسان العربي بهمومه... هناك سبب أقوى من كل ذلك.. هو خوف الجميع من إنتشار سرطان التطرف الإسلامي... والشك والحذر من أهداف حماس.. حتى وهي في سجنها الكبير...&

نعم قلبي ينفطر كلما سمعت عن مقتل طفل آخر.. ’ترى هل أهلل لإنتصار تضمّن مقتل ما يزيد عن 300 طفل... هل أهلل لإنتصار خلّف أعدادا كبيرة من الأطفال المعاقين.. في بلد لا يملك حتى ضمان إجتماعي.. ولا صحي.. هل أهلل لإنتصار خلّف ما يزيد عن 450 ألف شريد بلا مأوى ولا سقف...&

الإنتصار الوحيد الذي حققه الإنسان الفلسطيني هو الوحدة في الهدف المطلوب من المفاوضات بين الجانبين.. السلطة وحماس..

&ولكني أعتقد جازمة أن المنتصر الوحيد هنا.. هي مصر.. مصر كعبة قلوب العالم العربي.. والتي حازت على ثقة أشرس دولة.... وعليها الواجب الإنساني قبل الأخلاقي والذي تمتلىء به قلوب المصريين على إستثمار هذه الثقة في عتق الإنسان الفلسطيني وتحريره من كلا المحتليّن... مصر أقدر على التفاوض من كلا طرفي ممثلي الفلسطينيين.... حتى وإن كانت ترى نفسها كوسيط بين الأطراف.. مصر أقدر من خالد مشعل الذي ’يصّر على إحتكار سلطة الرفض والقبول لأي مقترحات حتى من ممثليه... مقارنة مع ممثلي الجهاد الإسلامي الذين تلقوا رسالة من رئيسهم رمضان أبو شلّح بأن يؤيدوا الأفكار المصرية.. بدون تضييع مزيدا من الأرواح الفلسطينية؟؟؟؟؟ مصر أقدر مصر أقدر من أي وفد فلسطيني.. سواء من السلطة التي تفقد مصداقيتها في كل يوم. وحماس....وأنا واثقة بأن أي مبادرة مصرية.. لن تتخلى عن الإنسان الفلسطيني في حقه في التنفس الطبيعي من خلال فتح معبر رفح... لإحياء الشريان الإنساني لمسجوني القطاع.. يمكن مثلا الاتفاق على أن يتولى مراقبون من الحكومة الفلسطينية بمساعدة مراقبين من الاتحاد الاوروبي، ادارة معبر رفح.. ويُمتحن عمل المعبر في مدة محددة ويمكن بعد ذلك إقرار ترتيبات مرور ثابتة بين غزة والضفة.... مصر هنا تضرب عصفورين بحجر واحد.. الأول التخلص من فكرة بناء أنفاق أخرى وما قد تحمله هذه الأنفاق... إضافة إلى القدرة على الرقابة لكل ما سيدخل من حدودها.. والأهم التخلص من العبء الإنساني الذي أثق بأن مصر تحمله في ضميرها مهما قست....&

مصر أقدر في مرحلة لاحقة وبالتعاون والتنسيق مع السلطة الفلسطينية على التفاوض على إنهاء الإحتلال.. من خلال إتفاق سلام بإلزام إسرائيل بفتح مطار غزة.. وميناء غزة.. وبناء صفحة جديدة لحياة الإنسان الفلسطيني والعربي... ومن المصلحة الإستراتيجية لمصر فتح ميناء ومطار غزة...

قدرة مصر على التفاوض القوي مرهونه بقدرتها على الحصول على دعم السعودية ودول الخليج الأخرى..وهناك مصلحة مشتركة لجميع الدول العربية في إنهاء هذا الصراع.. وفي التخلص من وجع إسرائيل ومن سرطان التطرف.. خاصة وهم من سيدفع فاتورة الإعمار؟؟؟؟ أتسائل هنا أليس من حق من سيدفع هذه الفاتورة إملاء شروط تتضمن نزع خيار الحرب والسلام من يدي حماس وعدم العبث مرة أخرى؟؟... أليس من حق من سيدفع هذه الفاتورة أن ’يصر على ممثل رسمي واحد للشعب الفلسطيني مقبول فلسطينيا وعربيا ودوليا....... وحماس حتى وإن كانت تخوض حرب بقاء، فقدت مصداقية الحرص على أرواح ابناء القطاع وستسقط حتما في أي إنتخابات ’مقبله خاصة ومع تباين مواقف إنسان غزة في دعمها أم سبها... أليس من حق من سيدفع هذه الفاتورة أن ’يصّر على تجريد القطاع من السلاح.. خاصة ومع موافقة السلطة الفلسطينية على دولة مجرده من السلاح.. وأخذ تعهدا بالعمل على إستئصال ثقافة العنف والترويج لثقافة سلام... لتوجيه الجهود لإعادة إعمار روح الإنسان العربي والفلسطيني..

إسرائيل دولة غاصبة.. ومعتدية... ومحتلة لحياة الإنسان الفلسطيني.... وتحريره لن يتم بدون التفاوض معها كدولة ’معترف بها شرعيا ودوليا.. ومصر أقدر على هذا التفاوض وإسترجاع شيئا من الحقوق المفلسطينية المهدورة بدلآ من ذوبانها وتلاشيها المرة تلو المرة في تعنّت لم يجلب سوى الدمار.. مصر قادره على إسترجاع الكرامة العربية.. حين تقود مرحلة جديده تتوجه فيها كل الدول العربية لإعادة بناء الإنسان العربي.. متحضرا.. متعلما.. واعيا بحقوقه... وبحقوق الآخرين من حوله في حياة كريمة وآمنه للجميع...&

حينها فقط سيفرض المجتمع الدولي عقوباته الإقتصادية على إسرائيل.. وستوصم إسرائيل بجرائمها ضد الإنسانية...

نعم أنا لا أؤمن بمقاومة عنفية عبثية... ولا أؤمن بإنتصار أي من كلا الطرفان.. حتى وإن سقطت إسرائيل كليا في إختباري.. الأخلاق والإنسانية....هذه المرة أكثر بكثير من حماس!!

&

&منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية&