لجأ المعارضون في الدول العربية التي تشهد انتفاضات شعبية إلى أدوات غربية لاختراق خدمة سكايب الهاتفية والتي استفادوا منها في تنظيم وتنسيق خطواتهم على الأرض.


يستخدم المحتجون في الانتفاضات التي يشهدها العالم العربي خدمة سكايب الهاتفية ذات الشعبية الواسعة على الانترنت لعقد الاجتماعات عبر دائرة الفيديو والاتصالات الهاتفية وتبادل الرسائل والمعلومات. وفي إيران، استخدم قادة المعارضة والمحتجون خدمة سكايب لرسم خططهم الإستراتيجية وتنظيم تظاهرات في شباط/فبراير الماضي. ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن وثائق دبلوماسية أميركية مسربة على موقع ويكيليكس أن سكايب كان أيضًا من الوسائل المفضلة بين ناشطين في المملكة العربية السعودية وفيتنام.

وتعمل الآن صناعة ناشئة في الولايات المتحدة وشركات أخرى في اوروبا على تصميم وتسويق أدوات يمكن ان تُستخدم لتعطيل الاتصالات عبر سكايب أو التنصت عليها، كما أفادت وول ستريت جورنال. واختبرت الاستخبارات المصرية العام الماضي احدى هذه الأدوات من إنتاج شركة غاما البريطانية، كما تكشف وثائق رسمية مصرية وفرع الشركة في مصر.

وقال ادريان آشر مسؤول أمن المعلومات في سكايب إن شركته لا تستطيع أن تمنع هذه التكنولوجيات من استهداف خدمتها الهاتفية. واعتبر أن استخدام سكايب أداة للمعارضة كانت مصادفة محضة، مؤكدًا ان الشركة لا تتعمد صنع منتوج مفيد للمعارضين والمحتجين في العالم. ولكنه أضاف أن هذه الاستخدام هو ناتج عرضي quot;يبعث على الفرحquot;.

واكتشف معارضون مواطن ضعف أخرى في سكايب إلى جانب إمكانية استخدام هذه الأدوات لاختراق الخدمة. فالثوار الليبيون عثروا مؤخراً على برمجية تجسسية يقولون إنها تنتشر عبر اتصالاتهم على سكايب. وقالت شركة سيماتك الأمنية لصحيفة وول ستريت جورنال إن هذه البرمجية توزع على موقع الكتروني يحمل تاريخ اليوم الذي بدأت فيه الاحتجاجات الليبية. ولكن مصدر الملف ليس معروفًا. ومنفذ الهجوم قد يكون في اي مكان في العالم، بحسب الخبير كيفن هوغان من شركة سيماتك.

وفي الصين يتعرض مستخدمو سكايب للرقابة. وكانت شركة سكايب، لتأمين دخولها السوق الصينية عام 2004، وافقت على صيغة فريدة من نوعها تتيح استخدام برمجيات خاصة لتمرير نصوص المستخدمين عبر مصفاة وحجب المفردات الحساسة سياسياً.

وقالت مذكرة لمباحث أمن الدولة المصرية إن غالبية الجماعات المعارضة لجأت إلى منظومة اتصالات سكايب للتواصل فيما بينها.

وفي بلدان بينها عمان ومصر وإيران والامارات العربية تُحجب خدمة سكايب أو تحجب جزئيًا رغم أن مثل هذه المحاولات كثيرًا ما لا تكون مجدية. وتقوم شركات غربية عدة بينها شركتان اميركيتان هما ناروس، احد فروع بوينغ، وبيتك انترناشنال، وشركة ايبوك الألمانية، بتسويق منتجات متطورة يمكن أن ترصد حركة سكايب وتتيح إمكانية حجبها.

وقالت صحيفة وول ستريت جورنال إن الشركات الثلاث رفضت الحديث عن زبائنها الأجانب. ولكن رئيس بيتك التنفيذي غراهام بتلر قال إن منتجات شركته قادرة على تعطيل سكايب في عموم البلد إذا طُلب منها ذلك وان شركته تستطيع أيضًا تسجيل حركة سكايب وتسليم ما تسجله إلى الحكومات ذات العلاقة لتحليله.

وتقول هذه الحكومات أحيانا إنها تحجب خدمة سكايب لأن اتصالاتها المجانية أو الرخيصة تؤثر سلباًفي إيرادات شركات الهاتف المحلية. ولكن برقية سرية أرسلتها السفارة الأميركية في عمان عام 2009 تشير الى أن السبب غير المصرح به والحقيقي على الأرجح أن مثل هذه الخدمات تكون بعيدة عن آذان الحكومة. وأكدت السلطات الرقابية العمانية أن خدمة سكايب غير مرخص بها لأسباب منها أنها لا تستوفي متطلبات اعتراض الاتصالات بالطرق القانونية في عمان.

وبدأت في السنوات الأخيرة شركات اوروبية بينها غاما البريطانية وديجي تاسك الالمانية وهاكنغ تيم الايطالية وايرا آي ني سوليوشن السويسرية ، تطور ادوات للتنصت على سكايب. وتبيع هاكنغ تيم وغاما برمجياتهما للحكومات خارج اوروبا ، بما في ذلك في الشرق الأوسط.

وتتكون غالبية هذه الأدوات من برامج يتعين ادخالها في كومبيوتر الشخص. وهي توزع في أحيان كثيرة عبر ملفات ملوثة خلال التراسل بالبريد الالكتروني أو تُدس بصيغة تنبيه لتحديث البرمجيات وبذلك استدراج المستخدم الى تحميلها. ولا يفك البرنامج شفرة سكايب، لكنه يلتقط حركة الاصوات والمفردات الأساسية التي تُطبع على لوحة المفاتيح وربما أي شيء آخر يحدث في الكومبيوتر.

وتنقل صحيفة وول ستريت جورنال عن رئيس شركة هاكنغ تيم الايطالية ديفيد فينسنزتي ان خدمة سكايب كابوس الأجهزة الأمنية بسبب شفرتها ولكنه يضيف quot;ان سكايب لم تعد مشكلة مع استخدام تكنولوجيتناquot; موضحا ان البرمجية التي تبيعها شركته تلتف على شفرة سكايب وتقرأ حركة الاصوات مباشرة من ذاكرة الكومبيوتر.

ويقول رئيس الشركة الايطالية إن شركته لا تبيع منتجاتها إلا لقوات الشرطة والأجهزة الأمنية وأن لديها نحو 12 زبوناً، بينهم حكومات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا والشرق الأقصى. لكنه امتنع عن ذكرها بالأسماء.

وتقول مذكرة سرية للغاية من وزارة الداخلية المصرية بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير 2011 إن اجهزتها اختبرت على امتداد خمسة أشهر منظومة اختراق عالية المستوى من إنتاج شركة غاما البريطانية. وكان من نتائج الاختبار بحسب المذكرة quot;النجاح في اختراق حسابات شخصية على سكايب وتسجيل اصوات واحاديث عبر دائرة الفيديو على الانترنتquot;.

كما تشمل قدرات هذه المنظومة اختراق الحسابات الشخصية على هوتميل وجيميل وياهو وتحديد موقع كومبيوتر مستهدف ونسخ كل محتوياته.

وأشارت المذكرة إلى عرض هذه المنظومة لبيعها إلى الأجهزة الأمنية بسعر 388605 يورو أو 559279 دولاراً من ضمنها تدريب أربعة ضباط أمن. وتشير ملفات الحكومة المصرية إلى أن اختبار منظومة غاما جرى العام الماضي بين شهري آب/أغسطس وكانون الأول/ديسمبر.

ولاحظت صحيفة وول ستريت جورنال أن هذه الفترة تتزامن مع تنفيذ مشروع ممول اميركيا في مصر لمراقبة الانتخابات البرلمانية في تشرين الثاني/نوفمبر.

وكان المشروع بمبادرة من منظمة quot;بيت الحريةquot; في واشنطن التي دخلت في شراكة مع ناشطين ومدونين مصريين محليين.

وتنقل صحيفة وول ستريت جورنال عن شريف منصور المدير الإقليمي لبرنامج بيت الحرية أنه اوصى بأن يستخدم الناشطون المحليون خدمة سكايب لأنه كان يعتقد انها مأمونة أكثر من البريد الالكتروني.

ولكن وثيقة عثر عليها ناشطون اقتحموا احد مقرات مباحث امن الدولة في آذار/مارس الماضي اظهرت ان الأجهزة الأمنية كانت تراقب الاتصالات على سكايب وتحدثت الوثيقة عن quot;اختراق اجتماعهم التنظيمي على الانترنت بنجاح... من خلال سكايب المشفرةquot;.

وتقول الوثائق إن وزارة الداخلية المصرية وافقت على شراء منظومة شركة غاما البريطانية لاختراق سكايب في كانون الأول/ديسمبر، ولكن ممثل الشركة قال لصحيفة وول سترتيت إن الثورة المصرية أجهضت الصفقة.