سفسطة أخوة الشعوب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عقب تبيان رئيس حزب الحرية الكردستاني PAK مصطفى أوزجليك سبب وموقف حزبه وحزب PSK لكلمة (لا) للتعديلات الدستورية في تركيا، وحيث كان من ضمن أسباب لاءاتهم ورفضهم للتعديلات الدستورية هو أنه بكل النقاط المتعلقة بالتعديلات الدستورية التي من المحتمل أن تعرض على الاستفتاء لإقرارها بشكل نهاني في الشهر الجاري، والتي بموجبها سيتم لإقرار نظام رئاسي في الحكم يمنح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات رئاسية واسعة، فقال أوزجليك أنه فيما يتعلق بالتعديلات الدستورية لم يتم ذكر الكرد فيها مطلقاً، ولا شملتهم أية نقطة منها مع أنهم من الأصحاب الحقيقيين لتراب الدولة التركية، ولا تم مناقشة أية جهة كردية بأي نقاطٍ منها، فوضّح أوزجليك إذن سبب قولهم لـ: (لا) للتعديلات الدستورية في الكونفرانس الخاص بتلك المناسة والذي انعقد بعد ظهر يوم الأحد في فندق "هل هوتيل" في تقسيم بمدينة اسطنبول التركية.
ولكن ما لفت انتباهي هو رأي حزب الشعوب الديمقراطية وموقفهم من التعديلات الدستورية نفسها والذي أورده أوزجليك في سياق كلمته قائلاً: أن الحزب المذكور حيال تلك التعديلات يقول: "نقول لا من أجل الجمهورية الديمقراطية، ولا من أجل الشعب الديمقراطي، ومن أجل الأخوة والتعايش المشترك بين شعوب تركيا نقول لا" حقيقة هذا الموقف الضبابي الذي أشبه ما يكون بتفسير الماء بالماء لم يذكرني إلا بفلسفة السفسطايين، أو الكهان في سجعهم الذي كان يركز فقط على طريقة أداء الكلام من دون إعطاء أدنى اهتمامٍ لمضمونه.
فبالرغم من أن السفسطائيين كانوا قد وجدوا في بلاد الإغريق قبل الميلاد، إلا أن شعوب منطقتنا لا تزال تستعين بالجانب التمويهي لفلسفتهم تلك، وخاصة تلك الأحزاب السياسية التي لا أهداف استراتيجية أو رؤى واضحة وعلنية لديها، وتاريخياً معروف أن سقراط كان أحد أهم أقطاب الفلسفة الاغريقية ممن تصدى لهم بقوة في حينه، وذلك بسبب خطورة الآراء التي كانوا يشيعونها بين الناس، إذ أن السفسطائيون كطائفة من المعلمين المتجولين في عهد الإغريق كانوا قد احترفوا مهنة تعليم الناس لطُرق القولِ وفنون الكلام، ومن ضمن آرائهم أن على المرء أن يتحاذق في فن الإقناع، لكي يستطيع أن يجذب الغير إلى جانبه في مجال الجدل والخصام، أو يؤثر في الحكام ليحكموا حسب ما تقتضيه مصلحته الخاصة، وذلك سواءً أكان حقاً أم باطلاً، على مبدأ( التجارة شطارة) أو (ساعة لك وساعة لربك) ووفق زمننا هذا هو تحويل قاعدة الغش والتدليس والخداع والنفاق من عملٍ مذمومٍ مستحقرٍ مدانْ إلى اسلوبِ عملٍ محمود.
ومع أن السفسطائيون حسب الدارسين قد خدموا الفكري البشري من خلال قولهم: إن "الإنسان مقياس كل شيء" موجهين الأنظار بذلك نحو دراسة الإنسان كمحور كوني من كل النواحي، إلا أن أصحاب السفسطات السياسية الراهنة يبدو أن لا غاية مرجوة لديهم غير تضليل الإنسان والمساهمة في تشويه وعيه، وذلك باعتبار أن المبتدعين الحاليين حالهم حال الكثير من الشعراء، الذين على المرء أن لا يأخذ بآرائهم محمل الجد، باعتبار أنها غير واضحة المرامي والغايات والمعاني، وعلى المرء أن يتعامل مع ما يكتبونه فقط كنوع من أنواع الفنون القولية التي تجلب المتعة للسامع أوان القراءة أو الاستماع فحسب، ولا يُرقي ما يقولونه إلى مستوى النظرية أو القاعدة أو الحكمة.
إذ من بين الديباجات التي غالباً ما كانت الأقرب إلى السفسطائية من الحق والمنطق، هي الشعارات التي رفعها حزب العمال الكردستاني وروافده في كل من تركيا وسوريا وحيثُ تواجدت فروعهم التنظيمية، واعتمادهم منذ الظهور الأول لهم على كلمات غير قادرة على التطبيق على أرض الواقع كحال الرجل الذي تراه في الاشتباكات بالحجارة، لا يهم إلاّ برفع ما كان كبيراً من الحجارة التي هي أصلاً لا تنفع للقتال بها، باعتبار أن من يود رمي الحجرِ يحمل ما كان قادراً على القبض عليه بالكف الواحدة وليس تطويق الصخرة للايهام بأنه يسعى لحملها واستخدامها في الرشق المتبادل بالحجارة، وهو حقيقة شرط مَن لا يريد أن يفعل أي شيء، ولكنه مصرٌ على إيهام عترته بأنه قادر على فعل كل شيء، وحيث اليوم وبعد أن استُهلك مصطلح التحرير والتوحيد راحوا يعتصمون بشعارٍ قديمٍ جديد ألا وهو (اخوة الشعوب)، وهو للاستمرار ربما بإيهام أنصارهم بأنهم يناضلون من أجل شيء لا هم يعرفون الجدوى منه ولا الشعب يعرف.
وفي هذا الخصوص كثيراً ما كنت أتذكر تلك العبارة التي كان يركز عليها السياسي الكردي صلاح بدرالدين سكرتير حزب الاتحاد الشعبي الكردي، إذ كان الرجل حريصاً على تداول شعار (الأخوة العربية الكردية) لعدة سنوات في أغلب الكتابات والندوات والنشرات الحزبية، وكنت أتساءل بيني وبين نفسي ياترى هل ثمة حزب عربي واحد رفع مثل هذا الشعار يوماً؟ أو تبناه تنظيم من التنظيمات العربية، وهل ثمة دولة عربية تعطي أهمية ولو ضئيلة لمثل هذا الشعار؟ وهل ثمة رهط من المثقفين أو الكتاب أو الفنانين العرب اقتنع بمثل هذا الشعار؟ أم أنه شعارٌ لم يرفعه إلا متسولو الأخوة!؟.
وهاهي اليوم منظومة حزب العمال الكردستاني بفروعها وروافدها ترفع ذلك الشعار بمناسبة وبدونها، وطبعاً من غير أن يعطي الآخر المُستجدى منه الأخوة أية قيمة للشعار المذكور، بل وغدا ذلك الشعار كجملة (الأمة الديمقراطية) لازمة موسيقية ترافق الأقانيم الأوجلانية كأسم (آبو) وهي على كل حال سفسطة جديدة تستخدمها المنظومة الأوجلانية للاستمرار في تضليل الناس إلى أجلٍ غير مسمى، لأننا نتصور بأن لأخوة الشعوب شروط ومعايير ومقومات، وهي حالياً غير متوفرة بين الكرد والشعوب المجاورة، وربما لا تتوفر تلك المقومات في المدى المنظور، وذلك باعتبار أن الأخوة بين الشعوب ليست كلمة تقال، إنما قانونياً لا تقوم إلا بناءً على ما جاء في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكذلك ما جاء في مبادئ الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون التي قدمها للكونغرس الأمريكي في 1918، والمؤلفة من 14 مبدأ للسلم، وحيث جاء في البند الثاني عشر منه "إعطاء الشعوب الأخرى في تركيا حق تقرير المصير".
وفي الختام نقول بأن كلمة الأخوة لا تقال قط لمن كان يرى نفسه عبداً والآخر سيّد، ولا لِمَن كان سيّداً والآخر عبداً له، لأن مَن كان بمثابة العبد فيما يصر أحدهم القول له: بأنه سيجعله أخاً للسيدِ، وذلك إرضاءً لمن كانوا من ملة السيد وخداعاً لملة العبيدِ، هو عملياً يكذب على العبدِ والسيّد معاً، فيكذب على السيّد، لأنه من خلال هذا الشعار الوهمي يحاول انتزاع شيءٍ ما والاستحواذ على شيءٍ يخصه هو من السيدِ على حساب العبدِ، ويكذب على العبدِ لأن ما من اخوة تاريخية حصلت بين عبدٍ وسيد، إنما قبل ديباجة الأخوة وخداع العبدِ بها، على العبدِ أن ينعتق أولاً ومن ثم يقرر هو إن كان يود أن يكون بمثابة الأخ لسيده أم لا، أما والعبدُ لا يزال حاملاً في رقبته نير العبودية، وبدلاً من السعي لتحريره من ذلك النير، يأتي من يضلله بهذه البهارات القولية السفسطائية، فمعناه أنه ينوي جعل حالة العبودية القائمة ثقافة لدى مَن كان بمقام العبدِ، بحيث يرضى بها، يستسيغها، يتأقلم معها، ولا يفكر قط بالانعتاق من سطوة وجبروت هذا السيّد، إنما بوده أن يجعله كائناً مازوخياً يستطيب مناخ الدونيةِ، ويستلذُ بالعبودية إلى أبد الآبدين.
التعليقات
انه مرض السرطان
sherin -قبل تطبيق أخوة الشعوب عليهم أولا تطبيق تلك الأخوة مع ابناء جلدتهم من الكورد. يمنعون رفع علم كوردستان و بالمقابل يسمحون برفع اعلام دول العالم كافة. يخترعون كل يوم اعلام جديدة ذات صبغة افريقية اسيوية جنوب أمريكية و كأنهم في كرنفآلات البرازيل و البندقية و ذلك لإلغاء الرمز الوطني القومي عن الشعب الكوردي و إلغاء تاريخه و هويته. تراهم كل يوم يخترعون شعارات و مصطلحات جديدة. دماء الشباب الكورد تهدر من أجل تحرير مناطق الاخرين و ليست من أجل كوردستان. إنه التاريخ يعيد نفسه للأسف. كلما تحين الفرصة للكورد بالتحرير و الاستقلال تراهم يحاربون بعضهم البعض و يتحالفون مع الغرباء ضد ابناء جلدتهم.
في عقول وأفئدة هؤلاء.
raman -في تفسير الشخصية والمواقف؛ سواءً بسواء.يُثار إلى جانب هذه المسألة؛ إثارة لمسألةٍ قديمة جديدة مفادها بأنه من غير المقبول بل المرفوض أن يتم تحرير الرقة (العربية) على يد (الكرد) في سوريا وعلى اعتبار أن الرقة منطقة غير كردية!!من الذي يُقِّسم هذا البلد؟ ومن الذي ينتشله من حالة التشظي المستشرية في عقول وأفئدة هؤلاء؟بالنسبة للمشروع الديمقراطي للحل الديمقراطي للوصول إلى سوريا الديمقراطية؛ لا نتعامل وفق هذه الأجندة المهترئة والتي لا تنتمي إلى حقيقة مشروع: الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا، بل نحارب هذه التصورات الشوفينية التقسيمية. أما بالنسبة لكرد الأمة الديمقراطية فإن عيونهم على كل سوريا، وسوريا هي كردية بالقدر التي نراها عربية، وهي مسيحية وإيزيدية بالقدر الذي نراها مسلمة، وسوريا المستقبل لكل السوريين بجميع شعوبها وطوائفها بقدر ما يتحقق ذلك عن طريق مشروعها أو مشاريعها الديمقراطية؛ التي يظهر منها وممثّلة لها وبها عن طريق سوريا الفيدرالية أو الاتحاد السوري الذي يتألف من أقاليم جغرافية وليست قومية؛ تؤخذ فيها إرادة شعوبها كأساس في تحقيق التحول والتغيير الديمقراطي.من يتحرك وفق طاقة الدوافع المُسيطرة عليه؛ يجد نفسه مُحاطاً بكم هائل من ليبدو الافتراض أو الوهم، وأن الشك الذي يسيطر عليه يجعله أسير تصوراته غير السويّة؛ ليجد نفسه بآخر المطاف بأنه محاط بدوائر وهم من صنعه ومن صنع العالقات المتعلقة في الذاكرة المصطنعة التي حُلِّت بدورها بدلاً من الذاكرة الجمعية. أولى خطوات العلاج تبدأ من تشكيل هوية مجتمعية سورية يخلقها أبنائها؛ وفق تصوراتها الحقيقية وأجنداتها الوطنية وحق تقرير مصير الشعوب في سوريا وفق التفسير الديمقراطي غير الدولتي، وهنا يكمن أصل المشكلة وأصل الأزمة السورية التي لن تُحَلَّ إلا وفق ليبدو المشروع الديمقراطي.
ديناصورات الدولة القومية
raman -الشعوب لا تتراجع إنما تقف أو تتراوح في محلاتها كي تظهر بمظهر المتخلف عن رُكْبِ الحضارة وتجد بأنها باتت على مسافات شاسعة مع الشعوب الأخرى. وفي البحث عن أسباب ظاهرة الستاتيك/ السكون المجتمعي؛ نرى بأن أهم سبب يعود إلى ضعف أو تراجع مفهوم الحماية الذاتية، ومثل هذا المفهوم لا ينطوي في صيغة العسكرتارية فقط إنما أقوى حالات الحماية تكمن في تنظيمه لذاته عبر مأسسته إلى مئات من الهيئات العاملة بشكل كونفيدرالي ذاتي. وهنا مربط الخلاف على رفض شكل الدولة الكلاسيكية المختزلة الكانزة إلى السلطة، والقومية منها على وجه الخصوص؛ خاصة لمن يعتبرها من الكرد بأنها الحل الوحيد للقضية الكردية؛ وفي مثل هذا الشطح الرغائبي؛ نجد بأنه استهلال يختزل أقصى درجات تبعية الفريسة للجلاد، وتقليد أعمى يقوم من تم أو يتم استغلالهم على يد ديناصورات الدولة القومية؛ فيقلدوها نسيّاً منسيّاً.
بل نحارب هذه التصورات ا
كيان السوري -بل نحارب هذه التصورات الشوفينية التقسيمية !!! الكيان السوري كيان عنصري وخبيث ومقسم .لولا الارهاب العربي وارهاب آبو لمات الكيان من زمان .
البرابرة
raman -وهم يملٌونّ الخطب وتضجرهم البلاغة -لماذا هذا الفزع والقلق الآن؟ ترتسم علامات الجّدِ على وجوه الناس.لماذا تقفر الميادين؟ لماذا يعود الجميع إلى بيوتهم وقد استبد بهم الغم؟ لأن الليل قد أقبل ولم يأت البرابرة ووصل بعض جنود الحدود وقالوا انه ما عاد للبرابرة من وجود. والآن؟ وبدون البرابرة، ما الذي سيحدث لنا؟ هؤلاء البرابرة كانوا حلا من الحلول. والآن؟ وبدون البرابرة، ما الذي سيحدث لنا؟ هؤلاء البرابرة كانوا حلا من الحلول.
السفسطائي
raman -هذا الحدث يوضح لنا طبيعة مهام ما تبقى من المجلس الوطني وقضية الدفاع المستميت الذي كان يقوم به حزب الديمقراطي – بقيادة عبد الحكيم بشار وحزب اليكيتي بقيادة فؤاد عليكو وإبراهيم برو، إلى جانب مجموعة ما يعرف بـ تيار المستقبل المدفوع تركياً، في محاربة ثورة روج آفا كوردستان وتشويه صورة وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية في الإعلام، وكان أعظمها حين التقى بعض قيادات المجلس ببعض المسؤولين والسفارات في تركيا أو قنصليات في إقليم كوردستان برعاية حزب الديمقراطي الكوردستاني، إلى جانب المطالبة من المحكمة الدولية في إدراج وحدات حماية الشعب على قائمة الإرهاب !؟. في الوقت الذي لم يقوم هذا المجلس بمطالبة المحكمة الدولية أو المجتمع الدولي بمحاسبة من قصف حي شيخ مقصود بالغازات السامة والتي أكدت آخر تقارير الأمم المتحدة في تثبيت حادثة قصف الحي الكوردي في حلب من قبل كتائب الائتلاف بالأسلحة الكيمياوية.وهنا يكمن السؤال المنطقي: هل انتهى دور ما تبقى من المجلس الوطني الكوردي، أم إن الائتلاف أساساً لا يعير للمجلس أهمية، وطبعاً هذه ليست أول مرة، لأن المجلس في كل الأحوال يخدم الائتلاف والمشروع التركي في محاربة روج آفا كوردستان؟ وفق تحركاتها وتصريحاتها.كما انتهى دور هذا السفسطائي ماجد محمد? أردوغان : رفع علم كردستان محاولة ’’ انفصالية ’’ وعليكم بإنزالها فوراً وكركوك ليست كردية .