الصحافة الإلكترونية تجاوزت مقص الرقيب وبدت أكثر استعدادًا للتطور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يرى خبراء في الإعلام أن الصحافة الإلكترونية هي تطور طبيعي للصحافة التقليدية المطبوعة، مميزين في الوقت عينه بين الإعلام الإلكتروني المنظم ومواقع التواصل الاجتماعي، التي يُعتبر فيها القارئ هو محرر الخبر وصانعه.
إختلاف يبدو بسيطًا، ولكنه عميق وجوهري بين الإعلام الإلكتروني والشبكات الإجتماعية، فالتكنولوجيا واحدة، وهي الإنترنت، والسرعة والجمهور واحد، وكلاهما يتمتع بالحرية والتأثير على أكبر شرائح المجتمع، ألا وهي شريحة الشباب.
لكن الإختلاف يبدو واضحًا في الإشراف والتحكم وآلية العمل المنظم وغير المنظم في كل من الإعلام الإلكتروني والشبكات الإجتماعية، وصولاً إلى هدف كل منهما.
الدكتور حسين أبو شنب عميد كلية الإعلام والاتصال في جامعة فلسطين قال في حديثه لـ"إيلاف" إن "وسائل الإعلام تطورت بشكل طبيعي، لكنه مختلف عن السابق، فقد بدأت بالحمام الزاجل، إلى أن وصلت إلى الصحافة الإلكترونية مرورًا باختراع البرق والبريد والهواتف، موضحًا أن "الظروف الرسمية القاهرة فرضت على بني البشر أن يواجهوا الإعلام الرسمي التقليدي بأشكال مختلفة، منها أخيرًا الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مثل فايسبوك وغيره".
وتحدث عما يتميز به الإعلام الإلكتروني عن الإعلام التقليدي من حيث التأثير، فقال "إذا عرفت الجمهور تعرف حالة التأثير، وإن جمهور المواقع الالكترونية هو جيل الشباب، الذي يتصف بصفات إلكترونية، فهو عجول، يريد السرعة ويبحث عن الجمل القصيرة، وتحقيق الهدف، والتعبير عن الذات، وهذا غير موجود في الإعلام الكلاسيكي".
وأوضح أبو شنب: "في ما يتعلق بالشبكات الإجتماعية، فقد جعلت الشباب صحافيين من دون ثقافة أو تأهيل أو تدريب، فهي ملك لأي شاب يستطيع أن يستخدم جهاز الكمبيوتر، ومفتوحة لكل شاب يمكن أن يعبّر عن نفسه كما يشاء، فظهرت هذه المواقع الاجتماعية، وأصبحت ملكًا للأفراد، وليس للمؤسسات".
الإعلام الإلكتروني سرعة وحرية في التعبير
وأضاف "الإعلام الإلكتروني منظم أكثر من الشبكات الإجتماعية، لأن الأخيرة لا تحكمها سياسات، على عكس الصحافة الالكترونية، التي هي صحافة منظمة، لها هيئة وإشراف وسياسة،فهي تطور للصحافة التقليدية. أما مواقع التواصل الاجتماعي فهي ملك للأفراد، ومفتوحة للجميع، بلا حدود وبلا إشراف أو رقابة".
وعما إذا كانت هناك نقاط تقارب ما بين الإعلام الإلكتروني والشبكات الإجتماعية، قال أبو شنب إن "هناك اتفاق بينهم في التأثير، من حيث السرعة في توصيل الحدث والحرية في التعبير، وأيضًا كلاهما لديه الجمهور نفسه،ألا وهو الشباب الأكثر تماشيًا مع الواقع أو التطور التكنولوجي، وكذلك فإن صاحب الصحيفة الالكترونية هو الموجّه والممول للصحيفة بلا رقابة، لأن الرقابة هنا ذاتية، وكذلك الشبكات الإجتماعية لا رقابة عليها لأن مستخدميها الأفراد هم من يقومون بإدارتها والتحكم فيها".
وتابع "مواقع التواصل الاجتماعي هي حالة تعبيرية فردية، اكتسبت جماهيرية مفتوحة، بحكم الحرية في التعبير المطلق".
وأشار إلى التباعد والإختلاف بين كل من الصحافة الإلكترونية والشبكات الإجتماعية، فقال إن "الصحافة الإلكترونية تحكمها ضوابط الصحافة. أما المواقع الإجتماعية فلا تحكمها ضوابط الصحافة، رغم أن كلاهما إلكتروني، مع العلم أن مواقع التواصل تشكل خطورة على القيم والمبادئ لأنها لا تنحكم إلى هيئة إشرافية".
وبيّن بأن "حالة الأنظمة العربية كانت شاذة طول مدة الحكم، وتحتكم إلى أفراد الأسرة، فأصبحت شبه ملكية، ما دفع كثير من الشباب، الذين ليس لهم قائد، إلى التعبير بحرية مطلقة عن رفضهم ذلك من خلال الشبكات الإجتماعية، وقد نجح الإعلام الإلكتروني في التأثير وتحريك الشعوب العربية أيضًا".
الثورات جاءت من شبكات التواصل الإجتماعي
وأوضح أن "الخطوات والبرامج التي اتخذها الشباب في ثوراتهم هي واحدة في مصر وتونس وسوريا وليبيا، وقد كان ذلك من خلال شبكات التواصل الإجتماعي، ولم يكن تحركهم عبر الإعلام الإلكتروني، رغم أن فيه حرية أكثر من الإعلام التقليدي".
وأضاف أبو شنبت: "كنا دائمًا نقول إنه عندما جاء الراديو، انهزمت الصحافة، ولما جاء التلفزيون انهزم الراديو، ولكن الصواب هو أن التنوع خلق حالة تنافس شديد، خاصة بين الإعلام الالكتروني والإعلام التقليدي، فهما يتنافسان على الصدارة بين الوسائل الأخرى، وليس بديلاً لبعضهما بعضًا، ولكن مستقبل الإعلام الإلكتروني جدير بالإحترام لأنه أكثر تطورا وحرية في الاستخدام، وأكثر سرعة".
وحول مستقبل الإعلام الإلكتروني بين "يقال إنه في السنوات المقبلة سيصبح الإعلام الإكتروني هو السائد، وذلك قيل عندما بدأ التلفزيون والراديو في الإنتشار، ولكنني مازلت أقول إن الإعلام الإلكتروني قد يخلق حالة تنافس، قد تتفوق حيناً، وقد تتراجع حيناً آخر".
وأكد أنهبعدالإعلام الإلكتروني لم يعد للسلطة الرابعة مكانتها وتأثيرها، بل هو عزز دور السلطة الإعلامية، فانتقل بها من الرابعة إلى السلطة الأولى، بدليل ما حدث في الثورات العربية وغير العربيةفي الصين واليابان وأوكرانيا وغيرها".
وعن سؤال "إيلاف" إذا ما كان انتقال الإعلام من السلطة الرابعة إلى الأولى يخيف الأنظمة العربية، أجاب "ذلك يخيف الأنظمة كثيرًا، بدليل أول عمل تقوم به السلطة هو السيطرة على الإذاعة والتلفزيون أو وسائل الإعلام".
الإعلام الإلكتروني يتميز بالتفاعلية
من جهته، قال الصحافي محمد أبو شرخ منسق شبكة أمين الإعلامية في قطاع غزة إن "الإعلام الإلكتروني يتميز بشيء مهم جداً يسمى التفاعل، وهذه التفاعلية هي قدرة المتلقي، ليس فقط مجرد الرد على المادة الموجودة، وإنما كي يكون أحد صناع الرأي أو الخبر".
وأضاف "هذه التفاعلية كانت غائبة عن الإعلام التقليدي في برامج التلفزيون التقليدية، وكان من الصعوبة أن يشارك الناس فيها، وإذا كانت هناك مشاركات فتكون ضئيلة جداً. أما اليوم فالإعلام الجديد أصبح أكثر تداولاً، وهو يتيح لملايين الناس المشاركة والتفاعل مع بعضهم".
ورأى أبو شرخ أن "من نقاط القوة في الإعلام الجديد، عدم التكلفة لأن الجميع يتعامل مع بيئة إلكترونية وفضاء واسع. أما الاعلام التقليدي فمساحاته دائمًا محدودة".
وأشار إلى أنه "في الإعلام الاجتماعي والإعلام الالكتروني مساحة واحدة وهي الانترنت، وبالتالي فإن كلاهما يستفيدان من كل الامكانيات التي يتيحها الانترنت".
وأوضح أن "الإعلام الالكتروني هو إعلام منظم يخضع لقوانين، ويحصل على تراخيص، ويعمل في مكاتب بشكل رسمي. أما الإعلام الشعبي الجديد فيستطيع أن يقوم كل إنسان به، إضافة إلى ذلك فإن الإعلام الالكتروني منظم بحكم النشأة وبحكم طبيعة العمل، وأيضًا هدفه الربح، لأن جزءًا منه يعمل من خلال الإعلانات. أما الإعلام الشعبي فلا يشترط ذلك أبدًا، بل هو فقط جاء للتعبير عن الرأي فقط".
إعلام بعيد عن الرقابة
وأشار أبو شرخ إلى نقاط الإلتقاء بين الإعلام الإلكتروني والشبكات الإجتماعية، فقال إن "الجميع يستفيد من امكانيات الانترنت الهائلة في نشر الفيديو، والصور، والصوت، والتفاعلية مابين الجمهور وما بين وسيلة الاعلام، إضافة إلى السرعة، وإنخفاض التكلفة نسبيًا عن وسائل الاعلام التقليدية".
وبين بأن الإعلام الالكتروني لم يكن سببًا أساسيًا في الثورات العربية، لأن هذا النوع من الإعلام موجود منذ فترة. أما الإعلام الجديد فهو من لعب الدور الأكبر لفاعليته وحداثته، وقدرته على جمع أكبر عدد من الشباب تحت شعار واحد ورؤية واحدة وفي مكان واحد".
وأضاف "لقد بدأ الناس من خلال الشبكات الإجتماعية الإلتقاء والتحاور والتفكير بعيدًا عن الرقابة في الدول العربية، التي كانت ستلاحقهم في حال إجتماعهم وجهًا لوجه، ويتم القبض عليهم".
وأكد أن "المستقبل هو للصحافة الإلكترونية، ولكنها أكثر للشبكات الإجتماعية، التي خلقت مجتمعات افتراضية، ودفعت الناس إلى التعبير عن آراءهم بحرية، وأصبح كثير من الناس يتحدث عن كل شيء في حياته عبر موقع فايسبوك مثلاً لأن الناس تفتقد هذه القيمة في بيئتها اليومية".
وقال إن "أي إعلام يسمح بحرية الرأي والنقد، هو بذلك يعيد إلى الصحافة وإلى السلطة الرابعة مكانتها، سواء كان إعلامًا إلكترونيًا أو تقليديًا".