خلف خلف من رام الله - سمية درويش من غزة: بينما كان زعماء فتح وحماس يتودهون الى مكة المكرمة وسط اهتمام إعلامي بالغ لحوار الفرصة الأخيرة كما صدر عن ساسة وإعلاميين ، كانت أنياب الجرافات الإسرائيلية تتقدم ببطء في وضح النهار لتلتهم ما يحلو لها من باحات المسجد الأقصى المبارك.
في هذه الأثناء ، لم يجد الشارع الغزي أمامه وسيلة سوى النزول للشوارع في تظاهرات عارمة جابت شوارع القطاع للتنديد بسياسة التهويد الإسرائيلية ، مطالبا في الوقت ذاته ، المتحاورين في البيت العتيق إلى نبذ الاقتتال الداخلي والتوحد نحو تشكيل حكومة ملونة لمجابهة التحديات القادمة.
ودعا ووزير الأوقاف الأسبقيوسف سلامة خطيب المسجد الأقصى ، الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، وزعيم حركة حماس خالد مشعل ، ورئيس الوزراء إسماعيل هنية ، إلى أن يكون هدفهم واحد ، مطالبا إياهم خلال مؤتمر صحافي ، إلى بذل الجهود لإنجاح الحوار الفلسطيني لإقامة دولة فلسطين قائلا quot;لا قيمة للقدس بدون الأقصى ولا قيمة لفلسطين بدون القدسquot; .
وأعرب مجلس الإفتاء الأعلى ، عن خشيته من أن quot;تقوم سلطات الاحتلال بتنفيذ مخططها الرامي إلى هدم جزء من باب المغاربة ، مستغلة أجواء الاحتقان في الساحة الفلسطينية ، واتجاه الأنظار إلى لقاء مكة الذي يجمع حركتي فتح وحماسquot;.
وقد وجه العشرات من أطفال غزة اليوم رسائلهم إلى القادة المتحاورين في المملكة العربية السعودية ، بهدف إنجاح قمة مكة المكرمة التي دعا إليها العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ، للافرقاء الفلسطينيين للحوار ووقف الاقتتال الداخلي. ودعا الأطفالزعماء حركتي فتح وحماس إلى التوحد ونبذ الاقتتال الداخلي، معربين عن أملهم بان تخرج تلك القمة بتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وقال الطفل فراس لـquot;إيلافquot;، quot;نحن بحاجة للأمن والاستقرار بعد أن أرعبتنا نيران المواجهات المسلحةquot; ، مشيرا إلى أن الطفولة أصبحت مسلوبة في قطاع غزة ، حيث الحرمان من كل شيء. بدورها دعت الطفلة روان 11 عاما ، الرئيس الفلسطيني محمود عباس وزعيم حركة حماس خالد مشعل ، النظر لآلامهم والتطلع لمستقبلهم الذي أصبح مجهولا بسبب ما وصفته حرب العصابات المسلحة بالشوارع. ولفت الأطفال ، إلى ما يدور في باحات الأقصى المبارك من هدم وتجريف على أيدي آليات الحرب الإسرائيلية ، في ظل انشغال الساحة الفلسطينية بالاقتتال.
وأكدغازي حمد الناطق باسم الحكومة الفلسطينية أن العاهل السعودي أكد لوفد حماس على ضرورة توصل الأطراف الفلسطينية إلى اتفاق بشان القضايا موضع الخلاف ، مؤكدا على أن الاقتتال الفلسطيني الداخلي يضر بالقضية الفلسطينية وشرعيتها.
من جانبه اعتبر فهمي الزعارير المتحدث باسم حركة فتح ، أن إسرائيل ترتكب حماقة كبرى بالتعديات المتكررة على الحرم القدسي الشريف ، مشيرا إلى أن إسرائيل تعرض بسياساتها هذه ، السلم والأمن الإقليمي والدولي لمزيد من التوترات والإرباكات ، وأنها لم تتعلم من دروس الماضي ، بالقيمة التي يحتلها المسجد الأقصى في نفوس العرب والمسلمين والفلسطينيين.
وشدد الزعارير في بيان صحافي ، على أن حركته لن تنحرف عن أهدافها الثابتة في تحقيق حرية القدس ومقدساتها ، معتبرا أن إسرائيل تحاول أخذ القضية خلسة وتهويد المسجد الأقصى من ناحيته الجنوبية، لصالح ما يعتبرونه حائط المبكى quot; حائط البراقquot; ، على حساب الخلاف الداخلي والاقتتال في غزه ، وحرف الاهتمام الشعبي المساند للاتفاق الفلسطيني الشامل في مكة.
وأكد أن quot;ما يجري من تهويد للمسجد الأقصى ، يجب أن يشكل دافعا لتحقيق اتفاق شامل في لقاءات مكة المكرمة ، تعيد الوحدة والوئام للشعب الفلسطيني، وتعزز تركيزه على قضيته المركزية المتعلقة بتحقيق أهدافه في الحرية والاستقلال ، وفي مقدمتها القدسquot;.
وقد استنكرت حركة الجهاد ، الاعتداءات الإسرائيلية المتسارعة ضد المسجد الأقصى المبارك ، والحفريات التي تقوم بها قرب باب المغاربة ، مطالبة المتحاورين في مكة المكرمة بضرورة إنجاح الحوار الوطني والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تفاديا لتدهور الأوضاع الداخلية في الأراضي الفلسطينية.
وأكد خضر حبيب عضو القيادة السياسية لحركة الجهاد في كلمة أمام التظاهرة التي دعت إليها منظمته ، أن المسيرة توجه رسائل للمتحاورين في مكة تقول لهم : quot; إن الاحتلال الإسرائيلي يستهدف المسجد الأقصى ويسعى بكل قوته لتهويده quot; ، مشددا على أن على المتحاورين إنجاح الحوار والانتباه للحملة الإسرائيلية التهويدية ضد المسجد الأقصى والتصدي لها.
كما اعتبرت القوى الوطنية والإسلامية ، أن quot;المطلوب من المشاركين في اجتماع الحوار الوطني في مكة المكرمة ، العمل على حشد كل الجهود لوقف ما تتعرض له القدس ومقدساتها وسكانهاquot; ، مطالبة في بيان لها ، quot;المجتمع الدولي الضغط على حكومة الاحتلال لوقف جرائمها بحق المدينة المقدسةquot;.
وكانت الجيش الاسرائيلي قد نفذ تهديداته ، إذ شرعت صباح اليوم عبر آلياتها بهدم جزء من المسجد الأقصى المبارك ، وهي الطريق المؤدية إلى باب المغاربة الملاصق لما يسمى quot;حائط البراقquot;.
سباق تكنولوجي بين حركتي فتح وحماس
في غضون ذلك، تعمل حركتا فتح وحماس، فيما يشبه الحرب الخفية، على توظيف كل التطورات والأدوات التكنولوجية لنشر افكارهما وآراهما ومواقفهما الحزبية والسياسية في الشارع الفلسطيني، وتخوض الحركتان هذا السباق quot;التكنولوجيquot; في محاولة لكسب مد جماهيري أوسع، قد تكون الحاجة إليه ماسة في ظل حالة المد والجزر التي اتسمت بها الساحة السياسية الفلسطينية خلال الأعوام الماضية.
وبشكل يذكر بالحرب الباردة التي دارت رحاها بين الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفيتي سابقاً، لجأت حماس وفتح مؤخراً نحو تسخير رسائل الخلوي لبث افكارهما بين أكبر عدد من المواطنين الفلسطينيين، حيث روى العديد من الأشخاص أنهم تلقوا خلال الأيام الماضية رسائل قصيرة على هواتفهم الخلوية تحتوي على دعوات لحضور فعالية أو مشاهدة برنامج تلفزيوني بساعة محددة، وكانت أيضاً سخونة الأحداث وحالة quot;الاحترابquot; الداخلي التي تأججت خلال الأسابيع الماضية قد دفعت الفلسطينيين إلى الاشتراك في خدمات الأخبار العاجلة التي توفرها بعض المواقع والشبكات التلفزيونية.
أحد أنصار حركة (حماس) المتعاملين بإرسال الدعوات والرسائل المسيسة عبر الجوال، تحدث لمراسلنا عن الموضوع قائلاً: اعتقد أنها وسيلة رخيصة ومفيدة في تنسيق المواقف ونشر الأفكار بسرعة كبيرة، فمثلا حين يكون هناك برنامجاً إذاعياً أو تلفزيونيا مميزاً يخص الحركة اخبر أصدقائي بواسطة الرسائل عنه، مبيناً موعده ومكان بثه.
يأتي هذا، فيما تعمل الحركتان إعلاميا بشكل مكثف، وتخصص كل منها فريقاً لإرسال الأخبار والدعوات للصحافيين لتغطية الفعاليات والنشاطات التي تقوم بها الحركتين، وبالتوازي مع ذلك هناك أيضا سباقاً إعلامياً واضحاً للعيان في الصحافة الإلكترونية، فلكل حركة فلسطينية أكثر من موقع إعلامي إلكتروني يقوم بمتابعة المستجدات على الساحة الفلسطينية والعربية ويعيد صياغتها بما يخدم أهدافه وأفكاره.
ويرى المستشار الإعلامي للمركز الفلسطيني للديمقراطية والدراسات مصطفى الخطيب، أن ظاهرة استخدام رسائل الجوال في نقل بعض صور الصدامات بين حركتي فتح وحماس التي شهدتها الأراضي الفلسطينية خلال الأيام الماضية كانت غير صحية، ويبين الخطيب أن التسابق الإعلامي بين الأحزاب هو ظاهرة عالمية، ولكن يجب توفر معايير ومحددات لكي لا يتحول هذا السباق لبوصلة تحريض وتشويه للحقائق.
ويذكر أن الفلسطينيين اعتادوا خلال السنوات الماضية على توظيف هذا النوع من الرسائل النصية لمقاومة إسرائيل، وتنبيه الشباب الفلسطينيين المطلوبين لقوات الاحتلال في حال اقترب خطر ما منهم، وكما أن إسرائيل ذاتها استغلت الأجهزة الخلوية في تنفيذ العديد من عمليات الاغتيال بحق نشطاء فلسطينيين كبار بعدما نجحت في تفخيخ أجهزتهم الخلوية أو تحديد أماكن تواجدهم ومن ثم قصفهم بصواريخ الطائرات.
التعليقات