دراسة للعسكرية الأميركية تكشف أسباب هزيمة صدام (3/6)
كرهه للصهيونية تسبب في معاداته لأفلام (البوكيمون) الكارتونية!

زيد بنيامين من دبي:
جاءت هجمات صدام حسين الكيمياوية خلال العام 1987 لتزيد من كره الشعب له ولنظامه بين قطاعات واسعة من الشعب العراقي في الوقت الذي تسببت سياسته الخارجية في زيادة عدد اعدائه وزيادة عداء الموجودين منهم له، ومن هنا استمر التهديد الداخلي قائمًا... حتى تحول إلى هوس شخصي لصدام نفسه، وأثرت على خطابه الخارجي واستراتيجياته العسكرية...
كان لصدام هوس بمعادة (الصهيونية) العالمية... حتى أنه قال في احدى كلماته في بداية العام 1990 ان سبب احتقان علاقته مع الولايات المتحدة هو اسرائيل ، كان يعتقد أن مشاكله مع الامم المتحدة في ذلك الوقت يعود إلى أن والدة بطرس بطرس غالي الامين العام للامم المتحدة (مصري الجنسية) يهودية، وقد تزوج غالي من يهودية فيما بعد (بحسب شريط فيديو يعود تاريخه الى 15 ابريل 1995 في اجتماع ضم الرئيس العراقي الى جانب مجلس الوزراء وقادة حزب البعث لمناقشة قرار الامم المتحدة الجديد بحق العراق).

صدام حسين كان يعتقد أن الصهيونية العالمية نجحت في اقناع المغول في مرحلة تاريخية معينة من ترك الهجوم على اوروبا المسيحية واحتلال بغداد بدل ذلك، حتى تحول لون مياه دجلة الى الاحمر بسبب الدماء التي اريقت في عاصمة الرشيد.. quot;لقدشكل اليهود ومن ساندهم دورًا مشهودًا ضد بغداد في الماضي.. ان هذا الدور المشبوه والعدائي والمخادع تحول اليوم الى دليل اخر ضدهمquot;... (من خطابات صدام حسين الرسمية)
وتحول اهتمام صدام حسين واجهزته السرية بكشف الخطط (الصهيونية) ضده الى هوس .. ففي عام 2001، قامت ادارة الامن العام بتزويد صدام بمذكرة تقول فيها إن افلام الكارتون المعروفة (البوكيمون) تمثل بالفعل دليلاً وتجسيدًا للمحاولات الصهيونية من اجل زعزعة استقرار العراق، حيث اعتقد القائمون على الامن العام بالعراق أن كلمة (البوكيمون) تعني (انا صهيوني) باللغة العبرية.. وقد وجدوا ان شخصية (البوكيمون) لديها شعبية طاغية بين الشباب المراهق العراقي quot;وهذا ما يعني انذارًاquot; .. (وثيقة عراقية يعود تاريخها الى العام 2001 ndash; تقرير من مدير الامن العام حول شخصية البوكيمون الكارتونية)
حينما نجح صدام حسين في السيطرة على السلطة وجد نفسه قائدًا عربيًا ينافس تركة نبوخذنصر وصلاح الدين، كان اعجابه بهذه المقارنة قد وسع من اهتمام اجهزته باجترار التاريخ العراقي حتى وصل الامر في عام 1987 بأن أصدر أمرًا بإعادة اعمار مدينة بابل معقل نبوخذنصر، وقد وضع اولى حروف اسمه (صدام حسين) على مناطق واسعة من المدينة وسياجاتها، كانت المدينة الجديدة قد بنيت مباشرة على المدينة القديمة... حيث تسبب ذلك بإلحاق الاذى بما يعتبر اغلى كنز في العالم على مدى التاريخ..
حاول صدام حسين ndash; منذ ايامه الاولى في السلطة ndash;بناء امبراطورية خاصة به باعتباره صلاح الدين العصر، خصوصًا أن من مصادفات القدر أن صلاح الدين ولد في تكريت مثله مثل صدام ... وكان كرديًا... وزادت اعتقادات الرئيس العراقي بأن قيادة العرب اصبحت مهمته من اجل تحرير القدس، واعتقد جادًا انه حال تحرير القدس فعليًا، فإن العرب سيتوجونه قائدًا لهم، وأنه سيكون خليفة للمسلمين في كل مكان.

في عام 1990 وفي لقاء مع قائد الجهاد الاسلامي احد الفصائل المسلحة الفلسطينية، أعلن صدام حسين نفسه خليفة، مضيفًا أنه على الرغم من ذلك، يعتقد quot;ان الامر ما زال مبكرًا على اعلان ذلك.. (بحسب وثيقة عراقية يعود تاريخها الى 30 سبتمبر 1990 تتضمن المحضر الرسمي للقاء صدام حسين و اسعد التميمي قائد الجهاد الاسلامي ndash; بيت المقدس، وكذلك وثيقة عراقية يعود تاريخها الى ما بعد حرب الخليج 1991 وفيها يتحدث صدام حسين عن اقرب مساعديه عن نقل السلطة والانتخابات في العراق بعد الحرب)

لم يكن اي شي مستحيلاً لصلاح الدين الجديد هذا... حتى مسألة إخراج الولايات المتحدة الاميركية من المنطقة لم يكن امرًا صعبًا في تفكيره... في ابريل العام 1990 وقبل ان يجتاح العراق الكويت .. كشف صدام حسين في جلسة مع (الرئيس الفلسطيني) ياسر عرفات وكان وقتها رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية .. قال صدام حسين بكلمات واضحة لا تقبل التأويل انه يبحث عن مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة خلال المستقبل القريب .. قال لعرفات:

quot;نحن مستعدون لذلك، سوف نقاتل الولايات المتحدة، وبإرادة الله، سوف نلحق الخسارة بها ونخرجها من المنطقة ككل، لأن الأمر لا يتعلق بالقتال نفسه، نحن نعرف ان اميركا لديها قوة جوية اكبر منا، ولديهم صواريخ اكثر بالمقارنة معنا، ولكنني اعتقد انه حينما يشاهد العرب الاثر الحقيقي للحرب، حينما يجدون ان الامر اصبح حقيقًا، وليس مجرد كلمات سوف يقاتلون الولايات المتحدة في كل مكان، لذلك علينا أن نكون مستعدين لقتال الولايات المتحدة، نحن مستعدون للقتال حينما يكونون هم جاهزين لذلك، حينما سيضربون... سنضربquot;... (تسجيل صوري للقاء صدام مع عرفات بتاريخ 19 ابريل 1990)

وواصل صدام حسين الحديث حتى قام ياسر عرفات بالاستعانة بالطريقة التي تخلصت منها الولايات المتحدة من الرئيس البنمي مانويل نوريغا في ليلة واحدة كمحاولة لتحذير الرئيس العراقي .. صدام انفجر غاضبًا قائلاً...
quot;بينما لا شيء بالنسبة إلينا، اقسم لك اننا نستحق هذه المواجهة واننا نعتبر شي قادر على الحاق الخسارة باي كان، نحن سناكلهمquot;...

وبالطريقة نفسهاالتي اعلن فيها لويس السادس عشر عن نفسه قائلاً quot;انا الدولةquot; عرف صدام حسين في كلمة له في صيف عام 2000 عن نفسه ووضعها في quot;قلب العراقquot; بالقول:

الرجل الذي يتحدث إليكم هو صدام حسين، ابن والد فقير توفي قبل اشهر من ولادتي، وان لم اكن عراقي الجنسية وعضوًا في حزب البعث العربي الاشتراكي لكنت قد ضعت ، العديد من الناس عاشوا ظروفًا افضل مني ، ولم يستفيدوا من تلك الظروف، ولم يترك اي منهم بصماته على صفحات التاريخ، كان هناك العديد من النخب التي لم يعرفها زمنها، ولم تختبر تحت الضغط، لقد جاؤوا ورحلوا من دون ان يميّزهم التاريخ.. ان لم يمنح الانسان فرصة فإن عليه ان يخلق واحدة لكي يكون في مركز دورة الحياة لكي يستفيد الناس من وجوده .. (وثيقة عراقية بتاريخ 12 يوليو 2000 وفيها خطاب صدام الى الشعب العراقي بخصوص التحضير للمعارك القادمة ndash; يعتقد انه القى هذا الخطاب في 17 يوليو بعد خمسة ايام من كتابته)

وحالما اعلن صدام حسين نفسه مركزًا وقلبًا للعراق كانت نجاته وحياته الشخصية هي الاهم بالنسبة إلى العراقيين جميعًا. كان يشك في كل شيء، وأعاد الى المشهد العام وسائل عقاب لم يشهدها تاريخ الدولة العربية الحديث .. quot;قطع الاذان والايدي ..من فوق المعصمquot; والتي كانت تحذيرًا لمعارضيه من مغبة مجرد التفكير في الانقلاب عليه وترجم ذلك الى بيان رسمي لحزب البعث يحذر من ذلك...

quot;الناس القادمون من هنا وهناك يمكن ان يقودوا انقلاب، ولكن الامر لن ينجح ضدنا، لن ينجح احد في الانقلاب علينا ، ومن سيفعل ذلك ، سنسحقه ونستخدم السلاسل الحديدية لايقافه مباشرةquot;...(شريط فيديو يعود تاريخه الى 1999 وفيه صدام يلتقي مجموعة من قادة حزب البعث لبحث نظريات وقضايا الحزب)

ملاحظة:
في هذه الايام يستذكر العراقيون الذكرى الخامسة للحرب التي شهدها العراق، وكانت آخر حروب الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل ان يتم خلعه عن السلطة .. وزارة الدفاع الاميركية بدورها اسندت مهمة البحث عن الكيفية التي حارب بها العراقيون خلال الفترة الممتدة من فجر العشرين من آذار/مارس وحتى التاسع من ابريل وتحديدًا كيف تعاملت القيادة العراقية مع هذه الحرب وقد وضع الدراسة كل من كيفن وودز ومايكل بيس ومارك ستوت وويليامسون موراي وجيمس ليسي من مركز دراسة العلميات التابع للقوات الاميركية والذي يختص باستخلاص العبر من الحروب التي تخوضها الولايات المتحدة..

وتحتوي الدراسة فصلاً مهمًا عن طريقة تصرف القيادة العراقية خلال الحرب وكيف اثرت شخصية صدام حسين على تحقيق نصر سريع للولايات المتحدة وكيف كان الامر عبارة عن سلسلة من الاحداث بدأت منذ ولادة الرئيس العراقي السابق وحتى اللحظة التي اطلقت فيها شرارة الحرب الاولى..

في الحلقة الرابعة:
علي حسن المجيد: صدام حسين ابعد المثقفين والنخب وصاحبي الخبرة لخوفه منهم!
قصة وزير الصحة الذي وصل اجزاءً الى اسرته
كيف تحول الجميع الى كذابين من اجل النجاة من حياتهم