واشنطن: كشفت دراسة عسكرية أميركية هي الأولى والوحيدة من نوعها، عدم وجود روابط بين نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وتنظيم quot;القاعدةquot;، في تناقض واضح مع المعلومات التي استندت لها إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش لحشد التأييد وشن غزوٍ عسكري قادته ضد العراق في ربيع عام 2003. التقرير العسكري الذي أصدرته وزارة الدفاع الأميركية بعد خمس سنوات على غزو العراق، لم يعثر بعد مراجعة قرابة 600 ألف وثيقة عراقية صادرتها القوات الأميركية بعد سقوط العاصمة العراقية بغداد، بالإضافة إلى مراجعة مقابلات مع قياديين رئيسيين في نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين اعتقلتهم الولايات المتحدة الأميركية، على أي أدلة دامغة إزاء الصلة بين الطرفين، وفق ما قاله مسؤولون في البنتاغون.
يُذكر أن مجموعات أخرى مثل لجنة 11 سبتمبر/أيلول، كانت قد توصلت لنتائج مماثلة بعد مراجعتها بعض الوثائق، غير أن تقرير quot;البنتاغونquot; استند إلى كم أكبر من الوثائق العراقية ذات شأن. إلا أن هذه الوثائق كشفت أن الرئيس العراقي السابق صدام حسين دعم عدداً مهماً من الإرهابيين والنشاطات الإرهابية داخل وخارج العراق.
ووفق التقرير quot;النظام العراقي كان متورطاً في عمليات إرهابية دولية قبل عملية quot;حرية العراقquot; (عنوان الحملة العسكرية الأميركية للإطاحة بنظام صدام عام 2003) بينما الأهداف المسيطرة على العمليات الإرهابية للدولة العراقية، فكانت المواطنين العراقيين، داخل وخارج العراق.quot; وأقر التقرير العسكري الأميركي أن هدف معظم هذا الإرهاب كان بقاء وسيطرة صدام وحزب البعث. quot;رعاية الدولة للإرهاب أضحى وسيلة روتينية لمراقبة التطور والمحاسبة في تجنيد وتدريب وتمويل الإرهابيينquot; بحسب ما جاء في التقرير.
ونوه التقرير بأمثال تضمنت التدريب على تفجير السيارات والعمليات الانتحارية بالأحزمة الناسفة في عامي 1999 و2000، الأمر الذي مازالت القوات الأمريكية والعراقية تكافحان لاحتوائه منذ صعود حركة التمرد المسلحة بعد سقوط نظام صدام في صيف 2003. يُشار إلى أن وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد كان قد أعلن في سبتمبر/أيلول 2002 أن جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية CIA وفر أدلة دامغة quot;تثبت أن هناك وجوداً فعلياً للقاعدة في العراق.quot;
الجدير بالذكر أن حجج وجود صلة بين صدام حسين وتنظيم القاعدة بالإضافة إلى حيازة النظام العراقي السابق على أسلحة دمار شامل، كانت وراء الحشد العسكري الذي قادته واشنطن للإطاحة بالرئيس السابق ونظامه الحاكم. وكان تقرير للبنتاغون حول الوضع في العراق، قد ذكر الثلاثاء الماضي، أن المراقبين رصدوا تحسناً quot;محدودا ًلكن مهماًquot; على المستويات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية في العراق خلال الأشهر الثلاثة الماضية، غير أن التحسن على المستوى الأمني يبقى quot;هشاًquot; إلى حد بعيد. واعتبر التقرير أن تنظيم القاعدة ما يزال يشكل تحدياً أمنياً حقيقاً في شمالي البلاد، حيث تتركز المواجهات بينه وبينه القوى الأمنية، في حين أن الدور الإيراني في دعم المسلحين الشيعة في المناطق الجنوبية quot;يشكل تهديداً ملحوظاً للاستقرار.quot;
وكانت دراسة مستقلة نشرت في الثاني والعشرين من يناير/كانون الثاني المنصرم، أكدت أن الرئيس بوش وكبار مستشاريه قد أدلوا بـ 935 إفادة رسمية خاطئة، تتعلق بالمخاطر الأمنية التي يمثلها العراق على البلاد، وذلك خلال العامين اللذين أعقبا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول 2001.
الدراسة التي صدرت في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، عن مجموعة صحفية غير ربحية، هي مركز الأمانة العامة وصندوق دعم الصحافة المستقلة، وجدت أن إدارة بوش وباختصار quot;قادت الأمة إلى حرب على أساس معلومات خاطئة، أخذت بالتزايد، الأمر الذي أدى إلى بلوغها ذروة العمل العسكري ضد العراق في التاسع عشر من مارس/آذار 2003.quot;
ووفق الدراسة المستقلة، فإن بوش وسبعة مسؤولين رفيعين في إدارته، منهم نائبه ديك تشيني، ووزير الخارجية السابق كولن باول، ومستشارة الأمن القومي حينها، وزيرة الخارجية الحالية كوندوليزا رايس، أقدموا على الإدلاء بإفادات غير صحيحة بشأن العراق في السنتين اللتين أعقبتا هجمات سبتمبر/ ايلول 2001.
ويُذكر أن الدراسة البحثية تستند إلى بيانات مجمعة من مصادر أساسية، مثل الوثائق الحكومية، والخطب الرسمية، بالإضافة إلى مصادر ثانوية وبشكل رئيسي التقارير التي ترد من قبل مؤسسات إعلامية رئيسية. وأشارت إلى أن الرئيس الأميركي أدلى بـ 232 إفادة خاطئة بشأن العراق وحيازة الرئيس الراحل صدام حسين أسلحة دمار شامل، بالإضافة إلى 28 إفادة خاطئة ربطت بين العراق وتنظيم القاعدة.
ويذكر أن بوش دأب على الدفاع بأن الاعتقاد العام في تلك المرحلة كان يشير إلى أن صدام يملك أسلحة دمار شامل، وهو ما أدى إلى مواصلة تصريحات مسؤولين آخرين في إدارته والمؤسسة الاستخباراتية الأميركية وغيرها في دول أخرى منها بريطانيا، بهذا الإتجاه. ليعود ويكرر بأنه، ورغم الأخطاء الاستخباراتية في هذا الشأن، فإن الإطاحة بصدام حسين ونظامه كان أمرا جيدا.
التعليقات