باسيل رد على إتهامات بالجملة... وquot;حزب اللهquot; على الخط
سجالات عقيمة تثيرها quot;عاصفة التنصتquot; في لبنان
إيلي الحاج من بيروت: تتواصل السجالات في بيروت حول موضوع التنصت على الإتصالات الهاتفية من زاوية سياسية أكثر منها تقنية، خصوصاً أن وزير الإتصالات هو جبران باسيل صهر النائب الجنرال ميشال عون، حليف quot;حزب اللهquot; والمثير للجدل، وبدا أن هذا الملف الخطر في بعض أبعاده لعلاقته بالاغتيالات والجرائم الإرهابية وموضوع الحريات على السواء سيبقى مفتوحا حتى حلول موعد الإنتخابات النيابية في 7 حزيران / يونيو المقبل.
ويسعى طرفا النزاع السياسي في لبنان أو قوى 8 و14 اذار/ مارس إلى الإفادة ما أمكن من موضوع التنصت وتوظيفه لتسجيل نقاط على الفريق الآخر، وفي حين تتهم الأقلية النيابية المعارضة قوى الغالبية بسوء استخدام التنصت والذهاب بعيدا فيه ليطال أمورا شخصية خارجة عن كل الاعراف والقوانين، تؤكد قوى 14 آذار ان إثارتها للملف انطلقت من باب حجب وزارة الاتصالات معلومات عن الأجهزة الامنية لتزود بها لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بناء على طلبها.
وقال نائب من قوى الغالبية : quot; نحن نؤيد وضع آلية محددة للتنصت وضبطه ضمن القانون، الا اننا نسأل في الوقت نفسه لماذا حجب المعلومات عن الاجهزة الامنية ولجنة التحقيق الدولية، تحت اي ذريعة وما هو المبرر خصوصا ان وزير الاتصالات جبران باسيل لم يقدم امس اي اجابة واضحة على اسئلة نواب الغالبية وتحديدا لجهة أسباب التلكؤ عن تزويد الاجهزة بعض المعلومات المتعلقة بعدد من الجرائم، وذلك بعدما اكد الامر وزير العدل ابراهيم نجار، ووعد بالرد في الاجتماع المقبل، معتبرا انه لا يملك الاجابات على اسئلتنا وينتظرها من quot;مكان ماquot;.
وأدرج الموضوع برمته، في حديث للوكالة quot;المركزية للأنباءquot; المحلية في خانة محاولات عرقلة عمل المحكمة الدولية المتواصلة من قبل المعارضة. وشدد على ان الغالبية ارتأت فتح الملف انطلاقا من تخوفها من أعمال ارهابية قد تستهدف لبنان، البلد المكشوف أمنيا، عشية انطلاق عمل المحكمة، وسأل: لماذا رفض التعاون معنا وصب الجهود لتحصين الساحة في وجه أي خرق أمني بدل التلهي بإثارة الملفات؟ ولماذا الحؤول دون عدم اتخاذ اجراءات احتياطية واحترازية من شأنها المساهمة في تسهيل مهمة رجال الامن كتركيب كاميرات مراقبة وخصوصا في العاصمة علما ان الجهة التي تعرقل بحجج واهية هي نفسها عمدت الى تركيب كاميرات مراقبة في المناطق الخاضعة لها لاستتباب الامن فيها؟ ولماذا ما هو ممنوع على الدولة مسموح لجهات خاصة؟
وختم: طالما ان الملف فتح فلن يقفل الا بضبطه كاملا وبكل متفرعاته ولن نرضى بعد اليوم ان يتحول الى قميص عثمان، واعدا برد للغالبية بعد سماع موقف الوزير باسيل. وقال مصدر في الاقلية ان اكثر ما ينطبق على وضع قوى 14 أذار هو مقولة quot;انقلب السحر على الساحرquot;، فهذه القوى وقعت في الفخ الذي نصبته لنا، اذ إنها بعدما أمعنت فسادا ومخالفة للقوانين في وزارة الاتصالات جاءت لتتهمنا بعرقلة المحكمة الدولية التي نريدها ان تنطلق اكثر منهم لتبيان الحقائق، في محاولة لإشاحة النظر عما اقترفه وزراؤها بعدما قرر الوزير باسيل وضع حد للتسيب والفلتان على صعيد التنصت.
وأكد المضي رغم كل المحاولات في ضبط التنصت وقوننته ووضع حد له لافتا الى انه بعد اليوم لن يكون من تنصت مفتوح بل ستحدد المهل والمناطق. ورأى ان الغالبية تهدف بشكل من الاشكال الى الوصول الى موضوع شبكة quot;حزب اللهquot; لمراقبتها واخضاع كل ما له علاقة بالمقاومة الى سلطتها وتبدى ذلك في تركيز نوابها على التنصت خارج اطار الدولة.
من جهته أكد عضو كتلة quot;المستقبلquot; النائب غازي يوسف أن هناك تقصيراً ومحاولات تضليل يقوم بها وزير الاتصالات باسيل عبر حجب معلومات عن الأجهزة الامنية ولجنة التحقيق الدولية. وقال: quot;لم يجاوب الوزير باسيل عن اسئلتنا في هذا الموضوع، واعداً أنه سيجيب عنها يوم الخميس، ولكن بكل تأكيد لن يكون لديه أجوبة لأنها تدينهrdquo;.
ومساء شدد وزير الاتصالات باسيل في حديث الى قناة quot;المنارquot;، على أن quot;الضجة حول ملف التنصت معركة واضحة بين من يريد تطبيق القانون ومن لا يريدquot;. وقال: quot;أنا أتعاطى حاليا مع ملف ساده الغموض منذ فترة طويلة وأحاول الآن تطبيق القانون، وهم يحاولون فتح الملف الذي تورطوا فيه سابقاquot;.وأضاف أن quot;ما حصل سابقا ان آلاف الطلبات كانت تحال على الشركات من دون مراعاة شروط الوزارةquot;. كما أشار الى ان الوزارة quot;مزرابquot; من الاموال، حوّلوه الى بعض الجيوب، وانا اريد تحويله الى الخزينة.
وإذ أعلن أنه في حال تعرضه لأي مكروه فالمسؤولية تقع على عاتق الاجهزة الامنية، قال باسيل: quot;ليس مسموحا بعد الآن التعرض الى وزير يحاول تطبيق القانونquot;. وأضاف: quot;لن نسمح بعودة الاجهزة الامنية للسيطرة على البلد كما في السابقquot;. وعن قول النائب وليد جنبلاط بتسلل ضباط العهد السابق الى وزارة الاتصالات، انتقد باسيل طريقة تصنيف الضباط فئات واحزاباً. وسأل: quot;هل هكذا نحمي الجيش؟ عيب ما يحصل من تقويم للضباطquot;. وعن الاتهامات بوجود ضابط في الوزارة مهمته التنصت، قال: quot;علمت ان هذا الضابط يتمتع بالكفاءة التقنية وقادر على مساعدة الوزارة في مكافحة الامور غير الشرعية، فطلبت من وزير الدفاع فصله الى الوزارة لهذه الغاية ولأن ثمة ملفات تحتاج الى هيبة الجيش، لكنه لا يتعاطى اطلاقا بموضوع التنصتquot;. وأضاف: quot;على ( رئيس حزب quot;القوات اللبنانيةquot;) سمير جعجع ان يسأل الاجهزة الامنية، quot;الذي هو صديق معها الآنquot;، حول مسألة التنصت على مكالماته الهاتفية مع بعض السياسيين ونشرها صباحا في الصحفquot;.
من جهتها ذكّرت عضو كتلة quot;المستقبلquot; النائب غنوة جلول أن رئيس الكتلة النائب سعد الحريري اكد ضرورة تشكيل لجنة تحقيق برلمانيةquot;، مضيفة quot;لا يوجد تنصمت رسمي، بل يوجد تنصت غير رسمي، مثل مجموعات حزبية او غيرها ممن يملكون شبكات اتصالات، ومنها حزب اللهquot;. وأضافت : quot;لدينا فراغ في التشريع، وعندما يغيب التشريع المحلي يطغى القانون الدولي ، ونحن لدينا قرار مجلس امن بخصوص المحكمة الدولية، وعلى الدولة ان تتعاون مع التحقيق، فالتنصت على الهواتف واعطاء حركة البيانات هو من اجل الامن الاستباقي، حتى لا تتكرر الجرائمquot;.
ورأت جلول أن quot;هناك مسؤولية جزائية على وزير الاتصالات بسبب حجبه المعلومات، فالاجهزة الامنية لا تتنصت بل تعمل من اجل الامن الاستباقي، ولذلك يجب ان يتم اجراء تحقيق، فهو قد حجب المعلومات ثلاث مرات وفي هذه المرات الثلاث حصلت ثلاثة تفجيراتquot;، مضيفة quot;حزب الله يمتلك شبكة اتصالات، فهل يقوم بالتنصت؟quot;، لكنها تداركت : quot;نحن لم نتعرض ابدا للمقاومة، وهذا الموضوع في عهدة لجنة الحوار، ولكن حزب الله في النهاية هو طرف سياسي داخلي، وأتعاطى معه كالبقيةquot;.
وكانت جلسة للجنة الاتصالات والإعلام النيابية خصصت لمناقشة موضوع التنصت في حضور الوزراء المعنيين تحولت الى ما يشبه جلسة مناقشة عامة نظرا الى كثافة الحضور النيابي الذي تجاوز ٦٠ نائبا يمثلون القوى السياسية، وقد تحولت الجلسة منبراً للسجال بين نواب الأكثرية والمعارضة، وأدى تبادل الاتهامات حول التنصت الى كشف قضايا أمنية أبرزها ان قيادة الجيش نبهت نائبين من منطقة الشمال الى مخاطر تعرضهما لاستهداف أمني تحت عنوان quot;فتح الاسلامquot;. وقال بعض النواب الذين أثاروا الموضوع ان استهداف النائبين بالاغتيال قد يتم بعد اقفال باب الترشيحات في الشمال، وطرح النائبان في قوى 14 آذار أكرم شهيب وغازي يوسف أسئلة عن معدات متطورة للتنصت كانت موجودة في القصر الجمهوري في بعبدا في عهد الرئيس السابق اميل لحود ، وسألا أين أصبحت ومن تسلمها، وعن أجهزة تنصت كانت في عهدة الأمن العام، فهل ما زالت لديه؟ وفي هذا السياق أثير موضوع تنصت بعض الجهات الحزبية الداخلية والجهات الخارجية ودور التنصت غير الشرعي في الاغتيالات.
كما سأل نواب في الأكثرية عن كيفية ضبط المدير العام الجديد لشركة أوراسكوم الذي اختاره الوزير باسيل، علما بأن أوراسكوم تملك ١٠ % من شركة quot;أورانج اسرائيلquot;. وكان القاسم المشترك بين الفريقين الدعوة الى تطبيق القانون ١٤٠ المتعلق بصون حرية التخابر. واعتبرت مصادر الأكثرية انها استطاعت احباط محاولات نواب ٨ آذار دفع النقاش في اتجاه اعتبار طلب المعلومات من الأجهزة الأمنية وquot;فرع المعلوماتquot; أكثر من غيره خارج القانون، للتعمية على التنصت quot;غير الشرعيquot; المتعدد الجهات، وابراء ذمة الوزير باسيل واظهار فريق ١٤ آذار بمظهر المدافع عن التنصت وكأنه مع تسلط الأجهزة الأمنية على الحريات.
ودخل عنصر جديد على السجال مع اعلان وزير العدل ابراهيم نجار ، بلباقته المعهودة ، أنه بعدما طلبت لجنة التحقيق الدولية التدخل لدى الوزير باسيل كي يتعاون معها في المعلومات التي تهمها حول التحقيقات التي تجريها ولم يتجاوب، وسّط نائب رئيس الحكومة عصام أبو جمرا كي يقنعه بالتعاون مع اللجنة ولما لم يحصل ذلك طلب من رئيس الجمهورية التدخل لدى باسيل ففعل، وعندها بدأ باسيل يتعاون مع التحقيق الدولي.
في الخلاصة انتهت الجلسة بحسب الأوساط المراقبة الى: تمكن المجلس النيابي من خلال لجنة الاعلام والاتصالات من اقتحام أبواب quot;مغارة التنصتquot; فانتزع اعترافا قضائيا واضحا بإعطاء أذونات بلغت ٢٢ ألفا و ٣٨٧ إذنا من بينها ١٤ إذنا قال المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا انه أعطاها، الا ان المجلس لم يتمكن حتى الآن من الحصول على أجوبة لمئات الأسئلة التي طرحها النواب. وتمسك كل طرف بموقفه، والاتفاق على عناوين عامة من دون التوصل الى خاتمة نهائية أو الى قرارات حاسمة.
وانتهت اللجنة الى قرار بعقد جلسات لاحقة أولاها الخميس المقبل في حضور القيادات الأمنية المعنية والوزراء والقضاة المعنيين. كما تبين أن جهات عديدة تمارس التنصت في لبنان، وهي جهات شرعية وغير شرعية، وان هذا الفلتان المستشري في موضوع التنصت حاصل بشكل أو بآخر على ايقاع معارك الانتخابات النيابية.
التعليقات