أحمد بن حلي خلال لقائه مع ايلاف |
بهية مارديني من القاهرة:اعتبر أحمد عبد حلي نائب الأمين العام للجامعة العربية ان المبادرة العربية للسلام هي أكبر عرض تاريخي وأكبر تنازل من العرب لتحقيق السلام، وأكد ان على إسرائيل وقف الاستيطان، وتحديد مدة بدء وانتهاء المفاوضات. وقال في لقاء خاص مع ايلاف إن الأحداث هي التي تفرض نفسها لتحدد الأنشطة التي تقوم بها الجامعة العربية ، وأضاف ان الأمين العام عندما كان يتعامل مع ملف لبنان كان يجري زيارات مكوكية الى بيروت ويتصل مع السياسيين ومع الأطراف الاقليمية والدولية المعنية وكان تحركه ونشاطه بارزا وأثمرت تحركاته بإنهاء الأزمة اللبنانية السياسية ، وتم التوصل الى حل هذه الأزمة بالتوافق مع اللبنانيين وكانت الدوحة هي المكان الذي تم التوقيع على اتفاق، وعادوا لانتخاب رئيس وإجراء انتخابات لبنانية وكان للجامعة دور في مراقبة هذه الانتخابات وكانت التجربة ناجحة في مسار الدعم الديمقراطي والتعددية بينما موضوع تشكيل الحكومة شأن لبناني داخلي والكل ينتظر ان يتوصل الرئيس سعد الحريري الى توافق في الحقائب الوزارية في الايام القادمة بما يمثل الخريطة السياسية في لبنان والكل مهتم ونتمنى الا تطول المشاورات لخروج الحكومة الى النور لتستأنف نشاطها التنموي ، والحقيقة ان لبنان يحتاج الى الانتهاء من الفترة السابقة و الدخول الى نشاطاته الاقتصادية والتنموية .
الجامعة العربية وموريتانيا
وأشار بن حلي الى ان هناك قضايا أخرى مثلا مساهمة الجامعة العربية في الحل في موريتانيا وكانت غائبة عن وسائل الإعلام ومن ضمن الأطراف مجموعة التنسيق الدولية ، وكانت تتشكل من الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ومنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وبقيادة الاتحاد الافريقي وبمبادرة الرئيس السنغالي التي توجت في اجتماعات داكار في 4 يونيو كذلك في نواكشوط وازمة موريتانيا ازمة سياسية نتجت من الانقلاب العسكري الذي وقع في 6 اغسطس واستمرت على مدى سنة وكان للجامعة العربية دور اساسي في انهائها وكنا من المفاوضين السياسيين الرئيسين ، وكنت حاضرا وعمرو موسى الامين العام تدخل شخصيا مع الاطراف هاتفيا مع المرشح الان للرئاسة محمد ولد عبد العزيز (الرئيس الحالي ) للاتفاق معه على ان يتنازل عن الحقائب الوزارية لتشكيل حكومة وطنية هذا وقد أشرفنا على الانتخابات الرئاسية في موريتانيا بوجود مراقبين من الجامعة .
واعتبر بن حلي ان الجامعة العربية نجحت في هذا الملف وحالت دون تعرض موريتانيا لعقوبات دولية وعملت الجامعة مع الاتحاد الافريقي للحد والضغط على كافة الفرقاء الموريتانيين في السلطة او الذين عارضوا الانقلاب او بين البينين ان يتوصلوا الى اتفاق سياسي وليس الدخول في متاهات وصدامات ونزاعات كان من الممكن ان تزعزع الامن والاستقرار في المنطقة ، واكد بن حلي ان الجامعة العربية لعبت دورا اساسيا في مجموعة التنسيق الدولية وكان اعضاء مجلس الامن الدائمون حاضرين وكان هناك توجه من بعض الاطراف بفرض عقوبات اقتصادية الا ان الجامعة تصدت انطلاقا من تجارب العراق والسودان وسوريا واعتبر ان فرض العقوبات ليس اسلوبا صحيحا او ناجعا وانما الحوار والتفاوض هو الطريق الاسلم لحل المشاكل.
الجامعة العربية والملف السوداني
وبخصوص الملف السوداني وأزمة دارفور قال بن حلي ان الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي يعملان على أكثر من ملف ومعالجة أزمة دارفور تتم من خلال التواصل ودعم كل اتجاه لتنفيذ الاتفاقيات بخصوص دارفور أو في ما يتعلق بتأمين المهجرين واللاجئين وتقديم المعونات الانسانية ونحن نعمل في الشق السياسي في كل الجوانب ونساهم مساهمة فاعلة.
واضاف ان تحقيق السلام والتنمية في السودان الان هو محل اهتمام عربي اساسا والجامعة العربية لديها مشاريع في جنوب السودان وبعد اتفاق نيفاشا للسلام بين السلام والجنوب نعمل على تنفيذ الاتفاقيات ليعبّر الجنوبيون عن رغبتهم في بقاء السودان موحدا قويا وناميا لان تكون الوحدة هي خيار السودانيين وان موضوع السودان هو نزاع قبلي تطور وهناك محور اقليمي في هذا الخصوص اثر تجاذبات بين تشاد والسودان ومازال الملف مفتوحا وتعمل الجامعة على اغلاقه الا ان هناك اطرافا خارجية لعبت على موضوع دارفور وحاولت ان تكون ورقة دارفور احدى اوراق الضغط على افريقيا ، ولكن الان هناك استقرار واضح في دارفور ، وهناك جهود افريقية اضافة الى جهود للحكومة السودانية سواء بما يتعلق بالمصالحات او المساعدات الانسانية وهناك بعض المبادرات التي تقوم بها قطر وهناك مبادرة عربية وافريقية ، ومصر ايضا تبذل ما في وسعها لمحاولة دفع الفرقاء نحو السلام الدائم والمسؤولية الكبرى الان على السودانيين بعدم استغلال هذه المسائل لرفع السقف وباتجاه المطالبة على حساب الوطن واستقراره وان الحكومة السودانية تعمل جهدا كبيرا لحل الازمات ولا بد ان يتجاوب جميع الفرقاء في السودان واستقرار السودان يهم الدول العربية وافريقيا والسودان بمساحته الشاسعة بتنوعه العرقي والثقافي نموذج مصغر للقارة الافريقية وان اختل الامن في السودان ستكون الارتجاجات مؤثرة على كل افريقيا وحذار من اهتزاز السودان واستمرار عدم استقراره.
الجامعة العربية والصومال
وبخصوص الصومال اشار بن حلي الى ان الامور معقدة والصومال عقّد الاوضاع بعد اتفاق جيبوتي لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وان هذه التجاذبات الاقليمية حول الصومال عقدت الامور وأججت التوتر الحالي بين الحكومة الانتقالية والفصائل المعارضة التي تعارض القوة والسلاح ولكن مع ذلك لم نيأس وركزت الجامعة هذه الجهود الاقليمية والجهود الدولية مع مجلس الامن وفي كل الاجتماعات الاخرى وهناك جهد يبذل الان في اطار الامم المتحدة لدعم الجهود الافريقية الموجودة في الصومال.
الجامعة العربية والسلام
وحول القضية المحورية التي تتصدر انشطة الجامعة قال بن حلي ان القضية المحورية هي قضية فلسطين ونتمنى ان يتجسد الحراك الاميركي الجديد للرئيس باراك اوباما عمليا في خطة عمل وفق أفق زمني محدد واليات محددة وإشراف دولي لتنفيذ هذه الخطة حتى لاتدور الامور في مكانها ، خاصة ان حكومة نتانياهو لم تظهر أي رغبة حقيقية للتجاوب مع الطروحات الاميركية او مبادرة السلام العربية التي تعتبر اكبر عرض تاريخي وتنازل من الدول العربية لتحقيق السلام هذا بالاضافة الى ماتقوم به مصر لرأب الصراع في الكيان الفلسطيني واعادة الوحدة الجغرافية الى الواقع الفلسطيني ، وهي جهود نأمل ان تنجح ويتجاوب السياسيون الفلسطينيون معها ، والوقت ليس في صالحنا ، وبقاء هذا الشرخ في الكيان الفلسطيني يدمي قلوبنا ، ويدمي كل الذين امنوا بهذه القضية ، واصبحت في ضميرهم وقناعاتهم ، وانها قضية لابد من حلها ، ولا بد ان يساعد الساسة الفلسطينيون وفق الجهود المقدرة التي تبذلها مصر المدعومة من الجامعة العربية والمجتمع الدولي.
وحول مبادرة السلام العربية شدد على ان الأراضي المحتلة عام 1967 سواء في فلسطين او الجولان او لبنان ليست مطروحة للمقايضة وهذه اراض محتلة ولن يتحقق اي سلام دون عودة هذه الاراضي ودون خروج الاسرائيليين منها ، ومحاولة اسرائيل تكريس هذه المستوطنات والتغيير الجغرافي والديمغرافي سيكون محل تفاوض وتنازل ، فهذا غير مطروح نهائيا وان هذا الحد الادنى الذي بنيت عليه متطلبات مبادرة السلام العربية والتي قالت إنه اذا كانت اسرائيل تريد الجنوح الى السلم كما عبرت الدول العربية ، فانها لابد ان تنفذ هذه المتطلبات بشكل دقيق وواضح ودون لبس ودون محاولة بأنه من الممكن ان تأخذ الارض والسلام.
واعتبر بن حلي ان عملية التطبيع وبناء علاقات عادية مرتبطة اساسا ومبنية على الطرح التاريخي والواقعي الذي طرحته مبادرة السلام العربية لذلك الجميع يدعو اسرائيل الى وقف الاستيطان قبل الدخول او استئناف اي مفاوضات جديدة، ولابد ان تبنى على ما تم الاتفاق عليه منذ مؤتمر مدريد 1990 وكذلك ليس فقط وقف الاستيطان بل تحديد إطار زمني لبدء وانتهاء المفاوضات والية دولية لمتابعة مسار هذه المفاوضات خطوة خطوة ومرحلة مرحلة ، بدايتها نهايتها ، ضمن الاطار المعروف ، ولهذا في اعتقادي إن تخيل اسرائيل انه بتسريعها عملية الاستيطان ستقلب موازين القوى في الأرض ، فهذا بحد ذاته تخاريف فإن حدود 67 هي الحد الأدنى للمطالب العربية ، وهذا تنازل تاريخي كبير و امام اسرائيل فرصة سانحة لتحقيق السلام ، وان ذهبت القضية الى أجيال أخرى فقد لا يكون للأجيال المنطق نفسه ، ولفت الى ان المنطقة تغلي على صفيحة ساخنة ونحو مزيد من عدم الاستقرار وعرقلة جهود السلام والتسابق في مجال القوة العسكرية .
وقال إن جانبا آخر من تحقيق السلام هو نزع الاسلحة النووية ولا يمكن ان نتكلم على استقرار المنطقة وسط ترسانة من القنابل النووية في اسرائيل ، و اسرائيل تحاول اللعب على الغموض بموضوع اسلحتها النووية وفي الوقت نفسه تحاول تسليط الضوء على ايران التي في اعتقادي ما زالت في طور اقامة مشاريع نووية ونحن نرفض الاتجاه الى الاسلحة النووية من اية جهة وفي الحقيقة يجب ايقاف النووي الاسرائيلي لان ذلك سيشجع دول اخرى على التقدم بهذا المجال لتصبح المنقطة اكثر تعقيدا وخطورة وبالتالي كل هذه المشاريع التي تم التباحث بشأنها تصبح غير واقعية فلا يمكن التغاضي خلال عملية السلام دون حل لموضوع السلاح النووي.
الجامعة العربية والعراق
وحول موضوع العراق قال إنه بدأ تنفيذ سحب القوات الدولية من العراق وتأهيل القوات العراقية الذاتية او الجيش العراقي لتحمل مسؤولية تأمين الاستقرار وتأمين وحدة العراق وهذا الملف متابع من الامين العام للجامعة وهناك لقاء مهم جمعه مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي أطلعه على كافة التطورات، والجامعة العربية تدعم وتتمنى ان ينجح العراقيون في حفظ الامن والاستعادة الكاملة للسيادة كما ان للجامعة العربية دورا اساسيا في تنظيم الانتخابات البرلمانية القادمة في يناير 2010 ومراقبتها وهناك مؤشرات ان يعاد نشر الخريطة السياسية في العراق على أسس وطنية وتقديم المشاريع التي تهم كل العراق وليس على اسس عرقية او طائفية او محاصصة كما كان في السابق.
واكد ان الحراك السياسي نحو هذا الاتجاه والجامعة العربية كانت سباقة في الدعوة الى اجتماع الوفاق الوطني في مقرها ولابد لكل القواعد السياسية وتياراتها بكل توجهاتها ان تصب في اطار عدد من الثوابت الرئيسة التي تحرص عليها الجامعة اولها اعادة كامل السيادة للعراق والحرص على وحدته وسلامته وهويته العربية الاسلامية وعلى دوره المحوري سواء في فلك النظام العربي او في محيطه الاقليمي، واعتبار ان هذا التشكيل والنسيج العراقي ُيشكل من مجموعة القوى بمسلميها ومسيحييها وعربها واكرادها وهذا كان دائما مثار اثراء واغناء لقوة العراق والدور الحضاري الذي يليق به على مدار تاريخه وهذه الثوابت التي ذكرت عددا منها هي التي سنظل نبني على اساسها موقف الجامعة العربية بالنسبة للعراق واستقرار المنطقة التي تحتاج بالفعل الى اعادة استقرار، ومن دون شك مساعدة الاطراف الاقليمية العراق يخدم العراق ويخدم كل تلك الأطراف ويساعد الأمن الاقليمي وأمن شعوب المنطقة.
التعليقات