تحالفها مع ألد خصومها ورقة ضغط لابتزاز مشرف
الفرق بين عودة نواز شريف وبينظير بوتو
بوتو تتهم النظام العسكري السابق والشرطة تعثر على رأس الهجوم إدانات دولية لمحاولة إغتيال بنظير بوتو مجزرة في باكستان قرب موكب بوتو العائدة من المنفى |
عبد الخالق همدر: عندما مضت بينظير بوتو مع نواز شريف على ميثاق الديمقراطية في العاصمة البريطانية من أجل العمل لإحلال الديمقراطية في باكستان والقضاء على دور الجيش في السياسة ولا سيما نظام مشرف القائم في باكستان، كان الكثيرون يشكون في نواياها إذإن الاجتماع بينهما لم يكن أقل من اجتماع الماء والنار. كما أشار البعض إلى أن تحالفها مع ألد خصومها ليس إلا ورقة ضغط بيدها لابتزاز مشرف والضغط عليه لمنحها فرصة للعمل في المجال السياسي. وقد أثبتت الأيام فعلا أن ذلك العمل لم يكن سوى حيلة سياسية إذ بدأ حزب الشعب الباكستاني بل بالمعنى الأدق بينظير بوتو نفسها تتفاوض مع الجنرال عبر قنوات مختلفة على الرغم من الترويج لحب الحزب للديمقراطية والكراهية للجيش في الحكم. وكان أكبر اتهام سياسي يواجهه نواز شريف من جانب حزب الشعب أنه رضيع الجيش قد ترعرع سياسيا تحت ظلال الجنرال ضياء الحق؛ لكن من كان يدري أن نهاية الأمر سيؤدي إلى الجمع بين الجنرالات ومن يكرههم بدلا من الجنرالات ومن ترعرع تحت ظلالهم. وهذا ما يصدق جدارة المثل بأن كل شيء مشروع في الحب والسياسة.
طبعا التحالف الهش بين بينظير ومشرف قد مهد الطريق لعودتها إلى باكستان على الرغم من تصريحات معارضة لبعض القادة السياسيين في الحكم وعلى رأسهم رئيس حكومة إقليم بنجاب شودري برويز إلهي ووزير القطارات شيخ رشيد أحمد ووزير الإعلام محمد علي دراني؛ لأنهم يرون أن التحالف بين الرئيس و بوتو سيضر بالحزب الحاكم الذي تكاتف مع الرئيس على كل قيمة وكل حال.
وإذا ما قورنت عودة نواز شريف وبينظير بوتو فيظهر بكل وضوح أن الحكومة الباكستانية لم تأل جهدا في منع عودة نواز شريف بدءا من محاولات إلغاء العودة وثم ترحيله من مطار إسلام آباد دون منحه فرصة لإلقاء نظرة على البلاد التي عاد إليها بعد ثماني سنوات قضاها في المنفى. وقد سبق ترحيله اعتقالات واسعة في صفوف الحركة الديمقراطية على سبيل العموم وفي صفوف حزبه على سبيل الخصوص إذ لم يكن أحد من القادة البارزين من حزبه حرا في استقباله على المطار. أضف إلى ذلك أن الحكومة قد سدت جميع الطرق المؤدية إلى إسلام آباد العاصمة من إقليم بنجاب وإقليم الحدود الشمالية الغربية في حين لا يمكن الوصول إلى العاصمة من إقليم بلوشستان أو السند إلا عبر ذينك الإقليمين. وكانت العاصمة في يوم عودة نواز شريف -10 سبتمبر 2007م- في حصار لقوات الأمن وقد واجه العاملون في العاصمة وبينهم هذا الكاتب مشاكل جمة في الوصول إلى مواقع عملهم.
وبذلك تمكنت الحكومة من منح انطباع بأن نواز شريف لا يحظى بشعبية. وأن قادة حزبه خدعوه إذ وعدوه بحشد مليون شخص لاستقباله. كما أن العالم الخارجي أبدى رد فعل ضئيلا وضعيفا؛ على الرغم من أن نواز شريف عاد إلى البلاد وبيده قرار للمحكمة يأمر الحكومة بعدم عرقلة عودته.
وعلى صعيد آخر عندما ننظر إلى بينظير بوتو، فإنها عادت على جناح صفقة مع مشرف، وبالتالي لم تكن في طريقها عرقلة بل كرست الحكومة جميع قواها لتأمين عودتها ومنح حرية تامة لناشطي حزبها ليصلوا إلى كراتشي لاستقبالها. كما أن الحركة القومية المتحدة الحزب الحاكم لمدينة كراتشي حسب نظام الحكومات البلدية الذي عرفها الرئيس مشرف، لم تعارض عودة بينظير على الرغم من أنها لم تدع فرصة لقاضي القضاة في 12 مايو المنصرم ليخطب أمام نقابة المحامين. وسقط في ذلك اليوم 42 قتيلا من المواطنين.
وكل ذلك يحدث على الرغم من أن حكومة حزب الشعب كان أشد خصومة للحركة. وقد قام وزير الداخلية آنذاك الفريق المتقاعد نصير الله بابر باتخاذ إجراءات صارمة ضدها. ومن هنا يبدو أن سكوت الحركة القومية في هذا الوقت لم يكن حبا لبينظير بل جريا وراء مصالحها التي يحافظ عليها الجنرال مشرف. وليس أمام المتحالفين معه سوى الخضوع لأوامره والدفاع عن قراراته سواء أكان عن قناعة أم لا.
كما تم نشر عشرين ألف قوة حول مطار إسلام آباد و كراتشي لدى عودة نواز شريف وبينظير ؛ بيد أن البون بين المناسبتين كان كبيرا إذ كانت لمنع نواز شريف من الخروج من المطار ومنع ناشطي حزبه من الوصول إلي المطار بينما تم نشرها عند عودة بينظير لتأمين خروجها من المطار ووصولها إلى موقع إلقاء الكلمة أمام الجماهير الحاشدة في قلب كراتشي؛ لكن الحادث الذي حال دون وصولها إلى ضريح محمد على جناح مؤسس باكستان لإلقاء كلمتها لعله أشنع حادث من نوعه إذ حصد أكثر من 138 شخصا وأصاب أكثر من 500 شخص. ولا يسعنا هنا التطرق إلى تفاصيله وتداعياته ؛ لأننا بصدد ذكر الفرق بين عودة نواز شريف وبينظير.
و يتضح مما أسلفنا ذكره أن أكبر الفروق بين quot; العودتينquot; هو أن نواز شريف يحتاج الدعم الغربي خاصة الدعم الأميركي الذي تحظى به بينظير لتقاربها الفكري إلى الجنرال مشرف وأميركا بينما يتهم نواز شريف بتقارب أفكاره إلى الإسلاميين.
ومن هذا المنطلق أشارت مصادر حزب الشعب إلى أن الصفقة بين بينظير ومشرف ليست اتفاقية بين الطرفين فحسب بل إنها اتفاقية دولية. وقد أشار تقرير نشرته الصحافة المحلية أن نواز شريف أيضا على وشك عقد صفقة مع مشرف بقبوله رئيسا مدنيا في الحكومة الباكستانية المقبلة؛ حيث منحته أميركا إشارة بتأييد عودته إذا ما وافق على مسايرة مشرف دون زعزعة نظامه.
كما أن تقريرا آخر يشير إلى أن الرئيس مشرف يرغب في مد يد التعاون إلى نواز شريف إلا أن موقف الأخير الصلب يحول دون ذلك. في حين يرى الحزب الحاكم أن عودة نواز شريف إلى البلاد ستكون عاملا لتوازن القوى السياسية في باكستان؛ لكن رئيس حزب الرابطة (نواز) راجا طفر الحق يقول إن نواز شريف سيفضل طريق النضال على طريق المساومة آملا عودته خلال الشهر القادم. كما أنه يشير إلى أن مناصري بينظير يقولون إن الغرب ولا سيما الولايات المتحدة وبريطانيا تؤيدان بينظير لكنه يتساءل هل هي تحظى بتأييد حلفائها في الساحة الداخلية أيضا؟ والرد على ذلك موكول إلى الأيام المقبلة؛ لأن الساحة السياسية في باكستان ساخنة، وتزيد سخونة مع كل يوم يمضي ولا يمكن التكهن بما سيحدث غدا.
التعليقات