رافقه ظرف تاريخي صعب في لبنان
اتفاق 17 ايار ولد ميتًا منذ 24 عامًا


ريما زهار من بيروت: تصادف اليوم الذكرى ال24 لاتفاق 17 ايار(مايو) بين لبنان واسرائيل، وبرز اتفاق 17 مايو 1983 في سياق ظرف تاريخي لبناني صعب، فقبله سنة 1982 كانت سنة الاجتياح الإسرائيلي للبنان مع ما واكب ذلك من المجازر في حق اللبنانيين، كانت أشهرها مجزرة صبرا وشاتيلا.


لقد فرضت إسرائيل على لبنان التوقيع على ما عرف باتفاق 17 أيار، الذي نص على انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان بشرط:
خروج القوات السورية ومنظمة التحرير الفلسطينية من لبنان وعدم نشر أسلحة ثقيلة في الجنوب اللبناني.


واحتفظت إسرائيل بما أسمته حزاما أمنيا في جنوب لبنان خوفا من صواريخ كاتيوشا التي تستخدمها المقاومة اللبنانية.
وقد كان الجانب الإسرائيلي يضع شروطا صعبة قبيل بدء التفاوض من قبيل (مكان انعقاد الجلسات- مستوى التمثيل...).


ونص الاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأميركية على إنهاء حالة الحرب بين البلدين في مدة تبدأ من 8 إلى 12 أسبوعا، وتأليف لجنة اتصال مكونة من الجانب اللبناني والإسرائيلي، وبإشراف الولايات المتحدة الأميركية على تنفيذ الاتفاق.

اتفاق 17 أيار، وإن كان لقي دعما غربيًا، فإن سورية كطرف في معادلة الصراع رفضت الاتفاق بشدة، وهاجم النظام الرسمي السوري الأطراف التي وقعت عليه من جهة، ودعم الأطراف المعارضة له (جبهة الإنقاذ الوطني المؤلفة من وليد جنبلاط ورشيد كرامي وسليمان فرنجية وآخرين)، كما عمل على إسقاطه من جهة ثانية.


وقد كان لتوقيع الاتفاق تداعيات على مستوى الداخل اللبناني أبرزها نشوب الاقتتال الداخلي وانقسام المشهد السياسي بين الحكومة والرئيس أمين الجميل المتمسكين بالاتفاق من جهة وجبهة الإنقاذ الوطني ومن ورائها سورية الرافضين من جهة ثانية. وفي الفترة التي شهدت تصاعدا لوتيرة استهداف القوات الأجنبية داخل لبنان، خصوصًا بعد حادث مقتل عدد كبير من قوات المارينز والمظليين الفرنسيين، اتجه الرئيس أمين الجميل إلى إعلان إلغاء اتفاق 17 أيار مع إسرائيل، وكان ذلك يوم 5/3/1984.

لقد تم إسقاط اتفاق 17 أيار، ومنع ذلك إمكانية استقلال المسار اللبناني تجاه إسرائيل، وتم فرض ما سمي بوحدة المسارين السوري واللبناني تجاه الصراع مع إسرائيل.


بعد مرور 24 سنة عن اتفاق أيار، يستمر الموقف الرسمي السوري في توجيه خطاب التحذير إلى كل من يسعى داخل لبنان إلى العودة للحديث عما يشبه اتفاق 17 أيار مع إسرائيل في ظل الظرف اللبناني الراهن، وقد بدا ذلك واضحا في خطاب بشار الأسد: القوى الوطنية التي أسقطت اتفاق 17 أيار في الماضي ستسقط 17 أيار الجديد في زمن غير بعيد.
لقد أنهى الاتفاق مفاوضات صعبة بين لبنان وإسرائيل، لكنه لم ينه الأزمة بين البلدين.

يقول جوزف ابو خليل(الكتائب اللبنانية) في كتابه قصة الموارنة في الحرب عن اتفاق 17 ايار(مايو):quot;ظلت الناس شهورًا تحمل بقسوة على الرئيس امين الجميلquot;لانه لم يوقع على اتفاق 17 ايارquot;، ولا يزال هناك حتى الساعة من لا يزال يرى ان امتناع الرئيس الاسبق عن التوقيع كان هو السبب في سقوط الاتفاق المذكور وفي كل المآسي اللاحقة، واذا كان صحيحًا ان من اللبنانيين من عارض الاتفاق منذ لحظة اعلانه، وان هذه المعارضة عادت فتوسعت لتصبح مقاومة وحربًا مسلحة عليه وعلى كل من ساهم في صنعه، الا ان الصحيح ايضًا ان السواد الاعظم من اللبنانيين لم يكن معترضًا، في البدء، ولا ممانعًا في الدخول في هذه التسوية مع الدولة اليهودية، فموافقة المجلس النيابي عليه، بعد موافقة الحكومة، كانت موافقة شبه اجماعية.


quot;كان من الصعب جدًا طي تلك الصفحة من الحرب اللبنانية وقد خيل الى الكثيرين انها الصفحة الاخيرة والفصل الاخير...
quot;لا فرق بين اتفاق الهدنة المعقود عام 1949 واتفاق 17 ايار الا ان هذا الاخير يؤكد على انهاء الحرب بين البلدين وينشئ ضمانات امنية لعدم تكرار ما شكل خرقًا موصوفًا لاتفاق الهدنة واسقاطًا له.

* الصور خاصة بايلاف