موسكو: أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن عن نيته عقد مؤتمر دولي خاص للسلام في الشرق الأوسط، مقتبسًا الفكرة من نظيره الروسي فلاديمير بوتين مع إضفاء لمساته الخاصة على المشروع ، ومنتهزًا فرصة قد تكون الأخيرة لإنقاذ سياساته المتدهورة في الشرق الأوسط.
وسيكون عقد مؤتمر دولي خاص بالشرق الأوسط الموضوع الرئيس الذي يُبحث في اجتماع وزاري يُنتظر أن تعقده يوم 19 يوليو اللجنة الرباعية التي تقوم بدور الوساطة في عملية السلام في الشرق الأوسط والمكونة من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
ولطالما كانت روسيا تدعو إلى تنظيم مؤتمر دولي من شأنه إيجاد تسوية تنهي نزاع الشرق الأوسط. وجدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هذه الدعوة أثناء زيارته إلى المنطقة في يونيو 2007. غير أن إسرائيل جددت رفضها لتلبية الدعوة. وأخيرا دخل الرئيس الأميركي جورج بوش على الخط، حيث أعلن الاثنين الفائت نيته تنظيم مؤتمر دولي خاص بالشرق الأوسط في الخريف المقبل. وما لبثت إسرائيل أن أعلنت موافقتها على نية الرئيس الأميركي.
وقال مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية quot;شتان الفارق بين روسيا والولايات المتحدةquot;، خاصة أن التوصل إلى تفاهم مع الأخيرة quot;أمر أيسرquot; بسبب ما تربط إسرائيل والولايات المتحدة من علاقات وثيقة. وأكدت وزارة الخارجية الروسية بدورها أن المقصود مبادرتان مختلفتان موضحة أن روسيا تدعو إلى عقد مؤتمر من شأنه أن يعرض مجمل قضايا الشرق الأوسط في حين أن الولايات المتحدة تتطلع إلى تنظيم مؤتمر يبحث ما يخص فلسطين وإسرائيل فقط.
وكان مقرراً سلفاً أن يجري لقاء quot;الرباعيquot; أواخر يونيو الماضي، الا ان سيطرة حركة quot;حماسquot; على السلطة في قطاع غزة أجلت الأمر، وفضل عدد من الأعضاء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة إعلان فترة توقف في العمل الجماعي وانتهاج سياسة خاصة بهم. وقرروا في نهاية المطاف دعم موقف رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس ومواصلة عزل حركة quot;حماسquot; المدرجة من جانبهم على قائمة المنظمات الإرهابية. وسلكت إسرائيل المسلك نفسه لدعم عباس كي يستطيع الفلسطينيون أن يقطفوا ثمار العيش quot;بدون إرهابquot;، حسب ما يعتقده الجانبان الاسرائيلي والأميركي.
وفي غضون ذلك طرحت فكرة عقد المؤتمر الدولي لأنه بات من الواضح أن عباس لا يستطيع التغلب على quot;حماسquot; بدون خطوات فعلية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية.
وفي غضون ذلك طرحت فكرة عقد المؤتمر الدولي لأنه بات من الواضح أن عباس لا يستطيع التغلب على quot;حماسquot; بدون خطوات فعلية تؤدي إلى إقامة الدولة الفلسطينية.
وبطبيعة الحال، من الصعب أن يعترض أحد على مبادرة عقد مؤتمر دولي للسلام خاص بالشرق الأوسط، مع الإشارة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين طرح هذه الفكرة في أبريل عام 2005، حيث كان من المفترض عقد هذا المؤتمر في موسكو برئاسة روسيا. تلخصت الفكرة من وراء تنظيم هذا المحفل في مناقشة الواقع الجديد في المنطقة على أعتاب عملية الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وكذلك مناقشة آفاق التسوية العربية الإسرائيلية الشاملة على أساس مقترحات الجامعة العربية.
ورحب العالم العربي بمقترح الرئيس الروسي في حين رفضته إسرائيل، ذلك لأنه وبحسب مبادئ quot;خارطة الطريقquot; التي أعدتها اللجنة الرباعية يتم تبني اتفاق خلال المؤتمر المزمع عقده يقضي بإقامة دولة فلسطينية في حدود موقتة مع البدء بمناقشة شروط التسوية النهائية، مما أخاف إسرائيل آنذاك من أن ترغم على تقديم تنازلات لم تكن مستعدة لها.
أما الآن فإن دعوة بوش لقيت تأييدا من الجانب الإسرائيلي لانسجامها مع فكرته بشأن الحوار مع عباس. ومما لا شك فيه أن السلطات الإسرائيلية تأسف على عدم تقديم الدعم اللازم لعباس قبل سنتين عند انتخابه رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
التساؤل المطروح هنا: ما مدى استعداد إسرائيل للاستجابة إلى مطالب عباس وتقديم تنازلات لصالحه؟ مع العلم أن مطالب أنصار عباس وquot;حماسquot; الخاصة بعملية السلام مع إسرائيل متشابهة عمليا! لو أن مقترح الرئيس الروسي حول عقد المؤتمر حظي بالاهتمام المطلوب في عام 2005 لما حدث الانقسام المأسوي على الساحة الفلسطينية الآن،
ولو كان الفلسطينيون يثقون آنذاك في قدرة عباسعلى تحقيق السلام لأصبح من المستبعد أن تفوز حركة quot;حماسquot; في الانتخابات البرلمانية في عام 2006.
ولو كان الفلسطينيون يثقون آنذاك في قدرة عباسعلى تحقيق السلام لأصبح من المستبعد أن تفوز حركة quot;حماسquot; في الانتخابات البرلمانية في عام 2006.
وبدون شك إن عقد المؤتمر ولو في وقت متأخر أفضل من عدم عقده بتاتاً، ومع ذلك توجد نقطة مهمة يجب أخذها في الحسبان حيث إنه لا يوجد في خطط الولايات المتحدة ما يدعو الى الوحدة بين quot;حماسquot; وأنصار عباس. ولكن هل يمكن أن يكون السلام بين إسرائيل والفلسطينيين واقعيا بدون تحقيق الوفاق داخل المجتمع الفلسطيني؟ ألا تشكل فكرة بوش مجرد محاولة يائسة لإنقاذ سياسته الشرق أوسطية؟
مع العلم بأنه وعد منذ عام 2002 بتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلا أنه وضع رهانه لاحقاً على العراق، وكانت النتيجة فشلا كاملا على كافة الأصعدة. وفي ما يخص موقف موسكو فلقد عرضه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف منذ بداية يوليو وهو يتمحور في quot; تأييد روسيا للأفكار الواقعية التي بوسعها تسوية الامور وفي مقدمتها الوضع الإنساني في قطاع غزة.
الى ذلك من الضروري التحرك نحو إعادة اللحمة بين الفلسطينيين التي تعتبر شرطا أساسيا لاستئناف عملية السلام في المنطقةquot;. وكانت هذه المطالب عرضت قبل أن يطرح بوش فكرة عقد المؤتمر ومع ذلك تنسجم معها تماما. وبالمناسبة فإن الوقت لا زال كافياً حتى الخريف وبوسع موسكو المشاركة في تنقيح الفكرة الأميركية على الرغم من الأسف لضياع مبادرتها.
التعليقات