مفاجاة مذهلة لقادة الجيش الإسرائيلي
اليونوفيل تنجح في ما فشلت فيه إسرائيل وتدمر محميات حزب الله الطبيعية
أسامة العيسة من القدس:
(المحميات الطبيعية) مصطلح له دلالات معينة في مختلف دول العالم، يتعلق بالشؤون البيئية، ولكن هذا المصطلح في إسرائيل يستخدم الان للإشارة إلى تحصينات حزب الله التي أقامها تحت الأرض في جنوب لبنان، إلى الجنوب من نهر الليطاني.
وترتبط هذه التحصينات التحت أرضية بشبكة اتصالات محوسبة فيما بينها، وحسب الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية فإنها كانت على علم بهذه التحصينات، وان لديها خرائط لها، ولكن ما حدث خلال المعارك التي وقعت في الصيف الماضي، ان الجنود الإسرائيليين خاضوها في القرى اللبنانية التي توجد فيها التحصينات دون أن يكون لهم علم بها، والسبب الذي سوغته قيادة الجيش الإسرائيلي، أنها حجبت المعلومات عن محميات حزب الله الطبيعية، لاسباب أمنية، قبل اندلاع الحرب الأخيرة، وكان يجب أن يتم تزويد الجنود في الميدان بمعلومات عنها وخرائط لها، وهو الأمر الذي لم يحدث لاسباب بيروقراطية، ولكن الثمن الذي دفعه الجيش الإسرائيلي جراء ذلك كان باهظا، حيث وجد جنوده أنفسهم اكثر من مرة عالقين بين هذه المحميات، وكانت الخسائر فادحة، على الأقل وفق ما هو معلن اسرائيليا حتى الان، بينما القصة الكاملة، لم تنشر بعد.
واعلن الجيش الإسرائيلي، في الصيف الماضي، انه تمكن من تدمير بعض هذه المحميات، وعثر فيها على ما شكل مفاجأة مذهلة لقادة الجيش الإسرائيلي، حيث كان الحزب اللبناني، اعد ملفات لهؤلاء القادة تحوي صورهم ومعلومات عنهم، ولا تشمل الملفات القادة المعروفين للإعلام فقط، ولكن ايضا وهذا الاهم، للقادة والضباط الميدانيين، وهو ما يشير إلى نشاط الحزب في المجال الاستخباري، والاستفادة منها، بعكس الجيش الإسرائيلي، الذي اقر قادته بعدم استفادتهم من المعلومات التي قالوا إنها كانت لديهم، ومنذ فترة مبكرة عن المحميات الطبيعية.
وبقيت قضية المحميات الطبيعية هذه، تطرح في الإعلام الإسرائيلي، والنقاش حول ما اعتبر إخفاقا إسرائيليا، في الحرب الأخيرة، والامل يداعب قيادة الجيش الإسرائيلي بالتخلص نهائيا منها وتدميرها.
وما لم يستطع الجيش الإسرائيلي فعله، أقدمت عليه القوات الدولية في جنوب لبنان (اليونيفيل)، ووفقا لصحيفة هارتس، فان قوات اليونيفيل، تمكنت خلال الأشهر الأخيرة من رصد وتفجير معظم المواقع السرية المعروفة بـ (المحميات الطبيعية)، التي انشاها حزب الله جنوب نهر الليطاني.
وجاء ذلك، في تقرير أرسلته اليونيفيل، إلى الأمم المتحدة، جاء فيه، أن القوات الدولية، التي انتشرت في جنوب لبنان، بعد وقف إطلاق النار في شهر آب (أغسطس) الماضي، نفذت عمليات بحث واسعة النطاق عن المحميات الطبيعية، ومنصات استخدمت لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وحسب اليونيفيل، فإنها تمكنت من تفتيش 90% من المناطق التي توجد فيها المحميات الطبيعية، وأنها دمرت هذه التحصينات، وما تحوي كقذائف الكاتيوشا.
وأشارت مصادر اليونوفيل، إلى ان هذه القوات استهدفت التحصينات السرية التحت أرضية، التي بناها حزب الله، جنوب الليطاني، خلال ست سنوات، أي منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في أيار (مايو) 2000.
وحسب هذه المصادر، فان هذه المحميات الطبيعية، كانت مصدر معظم الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل، خلال حرب الصيف الماضي، والتي طالت مدنا مثل حيفا، وطبريا.
واتضح لليونيفيل، أن مقاتلي حزب الله، لم يعودوا إلى الملاجئ والاستحكامات في المحميات الطبيعية، بعد انتهاء الحرب، وتبين ذلك من تدهور حالة هذه المحميات، ويبدو أن ذلك تم لأسباب أمنية من قبل مقاتلي حزب الله، إلا أن قوات اليونيفيل، لاحظت عودة موقتة ومحدودة لبعض مقاتلي الحزب لبعض المحميات، لتفقدها.
وأكدت مصادر عسكرية إسرائيلية، لهارتس، معلومات قوات اليونفيل، ورجحت هذه المصادر، أن يحاول حزب الله نقل قذائفه الصاروخية إلى داخل القرى الشيعية في جنوب لبنان.
وقالت هذه المصادر، إنه تتوفر معلومات لدى إسرائيل، بان حزب الله نقل بالفعل الصواريخ قصيرة المدى وصواريخ الكاتيوشا إلى المناطق المأهولة في جنوب لبنان، ومعظمها في قرى شيعية، لإخفائها عن اليونيفيل.
وحسب هذه المصادر، فان حزب الله، يريد أن يجد بديلا للمحميات الطبيعية متقنة التحصين، ويواصل تهريب الصواريخ إلى جنوب لبنان، حيث تتواجد قوات اليونيفيل.
وقالت المصادر العسكرية الإسرائيلية، إنها أرسلت مؤخرا إنذارات إلى لبنان، بأنه إذا استخدم حزب الله الأماكن المأهولة، لإطلاق الصواريخ منها على إسرائيل، فان الأخيرة لن تتردد في قصف وتدمير الأماكن الحضرية، بعد أن تعطي فرصة للمدنيين اللبنانيين، للفرار.
وحسب تقديرات المحللين الإسرائيليين، فان الهجوم الذي تعرضت له قوات اليونيفيل مؤخرا، واسفر عن مقتل ستة من الكتيبة الاسبانية، له علاقة مباشرة بجهود هذه القوات ضد حزب الله، واستهدف الضغط عليها لوقف نشاطها ضد البنية التحتية للحزب اللبناني.
واعاد تدمير المحميات الطبيعية، من قبل اليونيفيل، موضوعها على مائدة البحث في إسرائيل، وفي حين كانت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تفاخرت بعلمها بوجود هذه المحميات، أقرت مصادر منها، بأنها إذا كانت لديها معلومات عن أمكنة وجود معظمها، إلا انه لم يكن لديها علم عن مدى التحصينات وقوتها التي بناها حزب الله.
وظهر دور المحميات الطبيعية في الحرب الأخيرة، بشكل بارز، يوم 19 تموز (يوليو) 2006، عندما قتل جنديان من قوات الاحتياط الإسرائيلية، قرب قرية مارون الراس، وكان مصدر النيران إحدى المحميات الطبيعية.
ونشر الصحافي الإسرائيلي المختص بالشؤون العسكرية عامير رابابورت، في صحيفة معاريف، تحقيقا مفصلا، عما حدث في قرية مارون الراس، في يوم 19 تموز (يوليو) الماضي، ووقوع 18 جنديا إسرائيليا في شرك محميات حزب الله الطبيعية، التي وجد فيها 20 من مقاتلي حزب الله، تلقوا تدريبا جيدا في ايران.
وتقع مارون الراس، على بعد كيلومترين من الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وتأتي أهميتها العسكرية لوقوعها على تلال مرتفعة تطل على العديد من المناطق المهمة في الجنوب اللبناني وشمال إسرائيل.
وارتبطت قرية مارون الراس، في ما بعد بأحداث أخرى، سقط فيها عشرات من الجنود الإسرائيليين، بين قتيل وجريح، بسبب محميات حزب الله الطبيعية، التي تقول إسرائيل إنها دمرت الان.