البغداديون يحتفلون بعيد مدينتهم وسط تحسن أمني نسبي وخدمات متعثرة


بغداد: أزيلت العديد من الحواجز الكونكريتية التي كانت تقطع العاصمة بغداد قبيل الاحتفال السنوي بميلاد مدينة المنصور، وفتحت العديد من الشوارع وعادت بعض حياة الليل للمدينة مع التحسن النسبي في الأمن، لكن المدينة ماتزال تعيش في ظلمة متقطعة ومازالت الخدمات البلدية ضعيفة. موظفة حكومية ( أحلام بكر ) من سكنة الأعظمية ( شمالي بغداد) وصفت انعكاسات التحسن الأمني على الحياة اليومية في منطقتها التي كانت تعتبر quot; ساخنة quot;الى وقت قريب quot;أصبح بأمكاننا التسوق بهدوء ودون خوف وصرنا نتجول في الليل ونزور معارفنا ونعود في وقت متأخر quot; وتضيف quot;تمكننا اخيرا من معاودة السير في الشوارع والقيام بزيارات والتسوق،حتى وقت متأخر من الليل. quot;

لكن الموظفة الشابة توقفت عند الخدمات ووصفت الخدمات البلدية بأنها quot; رديئة quot; لكنها توقعت أن تشهد الأيام القادمة اهتماما أفضل quot;لأن هناك حركة إعمار قد بدأت.quot;

وفي الوشاش، وهي واحدة من المناطق القديمة في غربي بغداد، بدأ تحسن نسبي وصفته ربة البيت مريم عامر quot; تحسن الوضع الامني نتيجة لتحجيم دور المليشيات التي كانت تفرض علينا نمط وشكل الملبس quot; لكنها بينت بأن هذا التحسن quot;يقتصر على ساعات النهارquot; quot; فخلال الليل يعاود المسلحون quot;.عمليات التخويف والاغتيال حالما يبدأ الظلام، لذلك نختبيء في بيوتنا.quot;

ووصفت مريم الواقع الخدمات بانها quot; سيئة وشبه معدومة... وحتى اللحظة لم نر أية بادرة اعمار وخدمات حقيقية في المنطقة.quot;

في المنصور (غربي بغداد) تحسن الوضع الأمني نسبيا كما قال الكاسب علي عباس بعد ضرب المليشيات وزوال السيطرات الوهمية واجتماع المصالحة بين العشائر، لكن هذا التحسن لم يشمل المنطقة ككل فمازالت المنطقة مقسمة الى قسمين quot; قسم تحت سيطرةالمجاهدين والاخر تحت سيطرة قوات الامن العراقية.quot; وتبعا للأمن فإن الخدمات، كما يقول علي عباس مقسمةأيضا الى قسمين quot; ففي المناطق التي تقع غرب المنصور ماتزال تلال النفايات،في حين يشهد الجانب الشرقي خدمات لابأس بها بسبب سهولة حركة عمال الخدمات. لكن الكهرباء لاتزال في حدود ثلاث او اربع ساعات يوميا.quot;

الناطق المدني باسم خطة فرض القانون تحسين الشيخلي،شدد على ان quot;تحسن الخدمات مرتبط بتحسن الوضع الامني quot;مشيرا في اتصال هاتفي مع الوكالة المستقلة للانباء (أصوات العراق) الى تزايد الحاجة للخدمات في عدد من المناطق بعد عودة العوائل المهجرة اليها،وقالquot;الخدمات في تحسن طالما هناك متابعة جدية من قبل الاجهزة المعنية.quot;

وان كانت المناطق الساخنة قد شهدت تحسنا نسبيا في الوضع الامني، فان بعض المناطق في وسط وشرق بغداد اشرت تراجعا في الوضع الامني لصالح تحسن نسبي في الخدمات وبالاخص الكهرباء.

ففي حي الصناعة الواقع شرقي بغداد يقول الموظف المتقاعد يوسف بنيامين quot;الاوضاع الامنية ساءت مع بددء الدوام الدراسي. فالجامعة التكنولوجية القريبة منا تشهد بين فترة واخرى محاولات تفجيرية، ولذلك قام الجيش العراقي بتطويق المنطقة منعا لاي محاولات تستهدف الطلبة.quot; ويخلص بنيامين quot; صحيح لاتوجد عمليلت تصفية واختطاف، لكننا نشعر أننا في سجن.quot;

على خلافه رضيت ربة البيت مارلين بتحسن الكهرباء في quot;سجنها الكبير.quot; وقالت quot;الكهرباء تحسنت نوعا ما وتستمر الى اكثر من عشر ساعات بعد ان كانت تنقطع تماما ولمدة أيام،وخدمات التنظيف لابأس بها طالما إننا ندفع فلوس لعمال الخدمة.quot;

مقابل ذلك أجبرت أم مريم،كحال العديد من النساء،ابنتها البالغة من العمر 12 سنة لملازمة المنزل وترك المدرسة quot;خوفا من الاختطاف والقتل،وتقول ام مريم، وهي من منطقة بغداد الجديدة(جنوب شرقي بغداد) quot;منطقتنا وكما هو معلوم لدى الجميع تعد مركزا للمليشيات،وتكثر فيها عمليات الاختطاف والسرقة،ولكوني لااملك في هذه الدنيا غير ابنتي مريم،فقد خفت من ارسالها هذه العام للمدرسة وهي الان في البيت.quot;

وتتابع أم مريم quot;قبل أيام نجوت، والحمد الله، من انفجار في احد الاسواق الشعبية،ولو كنت املك المال لكنت غادرت البلد الى غير رجعة.quot;

تحسن الوضع الامني النسبي انعكس على اصحاب المحال التجارية الذين صاروا يفتحون محلاتهم لساعات متاخرة من الليل. فقد فتح الشاب العشريني ( زيد ) محله لبيع الملابس في شارع فلسطين ( شرقي بغداد) أسوة بمحلات أخرى في نفس الشارع وقال quot;بعد قتح الشارع أصبحت حركة التسوق والتجارة جيدة، فالمارة يتجولون براحتهم ودون خوف، و بدانا نعوض ما كنا نخسره نتيجة غلق محلاتنا مع غروب الشمس، ونتيجة لانعدام الحركة بوجود الحواجز.quot;

وتمنى زيد ان يعقب التحسن الامني تحسن في الكهرباء وقالquot;الخدمات وبالاخص الكهرباء ليست جيدة،وان كانت افضل مقارنة بالسابق، فالحركة في الاسواق والمحال تحتاج الى توفير انارة افضل.quot;

يبدو الحال في الكرادة ( وسط بغداد ) أفضل، ووصفه صاحب محل كهربائيات quot;هناك تحسن امني ملحوظ،فحركة التبضع تبقى حتى الساعة العاشرة ليلا، بينما قبل أشهر نغلق بحدود الساعة السادسة عصرا.quot;

بين التحسن النسبي، والخوف المستقر في النفوس وبين تلكؤ الخدمات يحتفل البغداديون بعيد مدينتهم، والعراقيون جميعا بهذا التقليد الذي يعود الى زمن الخلافة العباسية.

الباحث التاريخي د.علي النشمي وصف الاحتفال في عصر بغداد الذهبي quot; كان الاحتفال يتم بمظاهرة كبيرة يلتقي خلالها الخليفة بالناس والرعية في مهرجان فرح كبير.quot;

يبدو مثل هذا الاحتفال الآن مستحيلا في هذه الظروف الأمنية القلقة.. لا القيادة ولا الرعية تستطيع إعادة تلك التجمعات، فاقصى مايريده البغدادي القديم (( أبو رياض- 82 عاما) بعيدا عن المهرجانات quot; أن يستمر التحسن الأمني ويتثبت، ومعه تتحسن الخدمات quot; هذا هو أفضل احتفال بمدينتنا.quot;

بغداد:

*الخليفة ابو جعفر المنصور ثانى خليفة عباسي (145 هـ 762 م )، بنى عاصمته بغداد (145- 149 هـ) 710 ميلادية على شكل دائرة، وهو اتجاه جديد في معمار المدن الإسلامية.

*تقع مدينة بغداد بين عاصمتين تاريخيتين : 90 كم شمال العاصمة البابلية بابل، وعلى مسافة بضعة كيلومترات شمال غرب مدينة طيسفون(المدائن) التي استمرت كمركز رئيسي للبلاد حتى حلت محلها بغداد في أوائل العصر العباسي.

*اختار المنصور الموقع معتمدا على توفر المياه وكون بغدادا في موقع وسطي بين بقية المدن يسهل النقل النهري.

*من اسماء بغداد المدينة المدورة و دار السلام والزوراء.