عمان: لم يتمكن عبد الله حسين (وهذا ليس اسمه الحقيقي) من كبت مشاعره عندما سلمه الطبيب عين ابنه اليسرى بعد أن تم استئصالها في عملية جراحية.

وقبل أن يجهش الأب ببكاء مرير قال للأطباء: quot;ماذا تبقى من ابني؟ لقد فقد ساقيه والآن أحمل عينه في يدي لدفنهاquot;.

وكان ابنه علي، ابن السابعة، قد فقد جزءاً من وجهه وساقيه في انفجار وقع في بغداد أوائل العام الحالي وهو الآن يتلقى العلاج في مستشفى تديره منظمة quot;أطباء بلا حدودquot; الفرنسية غير الحكومية التي استأجرت جناحاً في مستشفى تابع للهلال الأحمر لمعالجة ضحايا الحرب العراقيين.

وتركز المنظمة على الجراحة الترميمية لإصابات الوجه بما في ذلك الكسور وتشوهات العظم والجلد والأنسجة وفقدان العظام أو الحروق البليغة. أما عين علي فسيتم استبدالها بأخرى اصطناعية.

ويولي الأطباء العاملون في منظمة أطباء بلا حدود أهمية خاصة لمعالجة أهالي المرضى نفسياً وإعادة السكينة إلى قلوبهم بشكل لا يقل عن الأهمية التي يولونها لمعالجة الإصابات نفسها. ولذلك يحصل علي ووالده على علاج نفسي لتخطي الصدمة التي يعانيان منها.

وعن ذلك قالت جوزافين أنتوان-ميلوم، أخصائية نفسية في المنظمة تقوم بتقديم استشارات ونصائح سيكولوجية للمرضى وعائلاتهم خلال مرحلة العلاج الجراحي والفترة التي تليه: quot;كان الأب يجد صعوبة في تقبل ما حدث لابنه. ودفن العضو [الذي تم استئصاله] سيساعد في تجاوز الحزن. كان من الضروري أن نعطيه العين حتى يتمكن من مواجهة الواقعquot;.

من جهته قال يوسف مسلم، وهو أخصائي نفسي آخر: quot;كل حالة هي تحد جديد بالنسبة لنا. فبعض الكبار يشعرون باكتئاب أو حتى بميول انتحارية. وفي بعض المراحل لا نريد أن يغادر المرضى غرفهم لأننا نخشى من أن يقوموا بإيذاء أنفسهمquot;.

كما توفر المنظمة غرفة صغيرة قرب الجناح تضم ألعاباً وكتباً للأطفال لإخراجهم من جو المستشفى. وعن أهمية ذلك قال مسلّم: quot;نتبنى منهجاً للعلاج يعتمد على العمل في محاولة لجعل الأطفال يشعرون بأنهم أطفال مرة أخرى، وليسوا مرضى في المستشفى فقط. كما نحاول أن نهيئ مرضانا لمواجهة الحياة في الخارج. ولكن من الصعب التنبؤ بكيفية تعامل المجتمع معهم لأن ما نقوم به هنا هو جراحة ترميمية وليست تجميلية لنجعلهم يظهرون بمظهر جديد من جديدquot;.

ووفقاً لفاليري بابيز، مسؤولة الاتصال في أطباء بلا حدود، قامت المنظمة بمعالجة 300 عراقي منذ بدأ عملياتها في عمان في أغسطس/آب 2006.

ويذكر أن الأردن يحتضن حوالي 700,000 عراقي فروا من العنف الدائر في بلادهم.