كتابة / بروس ويبر
ترجمة / احمد فاضل
&
مايكل هير أشهر من نقل وقائع الحرب الفيتنامية التي وثقها بكتابه المثير للجدل "برقيات" الذي صور من خلاله بشاعة تلك الحرب وأثرها على جيل كامل من الأمريكان الذين عاصروها واصطلوا بنارها، توفي يوم الخميس في مستشفى في مقاطعة ديلاوير بنيويورك بالقرب من منزله عن عمر 76 عاما، أكدت ذلك ابنته كلوديا نتيجة لمرضه الذي عانى منه طويلا دون ذكر تفاصيل ذلك المرض. الحرب الفيتنامية احتلت لسنوات طويلة وحتى الآن الحياة الإنسانية والأدبية ليس في أمريكا وحدها بل في بلدان كثيرة أهمها آسيا في جزئها الهندي الصيني الذي شهد وقائعها فتناولتها أقلام الكتاب في دراسات وروايات عديدة تم تكييفها للسينما كما في فيلم " القيامة الآن " لفرانسيس فورد كوبولا وملحمة جوزيف كونراد "قلب الظلام" ومع المخرج ستانلي كوبريك وغوستاف هاسفورد الذي كتب سيناريو فيلم " فل ميتال جاكيت " 1987 مقتبس من رواية هاسفورد &المعنونة "قصيرة هي المدد الزمنية"، و"برقيات" الكتاب الذي وضعه مايكل هير هو خير شاهد على الغضب المخيف لتلك الحرب وربما الأكثر فظاعة في تاريخ الحروب الحديثة، ففي إحدى صفحاته كتب يقول : " هل يمكن أن تكون الأرض في فيتنام أكثر حماية لأولادنا إذا عرفت أن سلامتك كانت مؤقتة، وأن الموت المبكر، والعمى، وفقدان الساقين والذراعين ودائم التشوه هي " صفقة فاسدة " &يمكن أن تأتي في كل وقت مع سماعنا للكثير من هذه القصص التي شكلت لدينا أكثر من علامة تعجب فلم يبق على قيد الحياة في هذه المعارك إلا من كان يحمل حظا كبيرا في الحياة، أما الباقون فقد قتلتهم أو أعاقتهم هجمات المورتر والصواريخ، والخوف لا يمكن إلا أن يكون بأي حال من الأحوال أحد شواهد تلك الحرب حتى في أيامنا هذه بعد انقضائها &".
الكتاب كان قد نشره هير في عام 1977 بعد مدة من مكوثه في المستشفى وبيته نتيجة إصابته بالاكتئاب حتى تعافيه من تلك التجربة القاسية فأحدث بعد صدوره & ضجة كبيرة لوحظ ذلك على من عاش جحيم تلك الحرب ولقي تعاطفا عميقا من قبل المجندين الشباب في الجيش الأمريكي بينما شهد اعتراضات كبيرة من القوى السياسية والعسكرية هناك الذين شككوا في مصداقية ما نشره.
في مقابلة مع &الروائي ريتشارد فورد الذي كان صديقا للصحفي هير قال : لقد أعطى هير في كتابه &" برقيات " حسابا كاملا للعاطفة التي يمكن أن يكون عليه &جيل كامل أنا عضو فيه خاصة بالنسبة لأولئك الذين لم يذهبوا للحرب وكتب بالضبط ما كان عليه أن يكون في ذلك المكان ".
ولد مايكل هير في 13 أبريل / نيسان 1940 في ليكسينغتون بولاية كنتاكي انتقلت الأسرة بعدها الى سيراكيوز حيث امتلك والده سلسلة من الشركات لم يتمكن من العمل فيها بسبب مواصلة دراسته الثانوية والجامعة وطموحه في السير على خطى همنغواي في مغامراته الصحفية قبل أن يصبح كاتبا مشهورا، فخدم في الجيش الأمريكي الاحتياطي وفي وقت متأخر من عام 1967 أقنع رئيس تحرير مجلة " اسكواير " للفترة 1963-1973 هارولد هايز، لإرساله إلى فيتنام بعد عمله فيها &وقبل وقت قصير من حصار خي سانه التي هي واحدة من أعنف المعارك في الحرب هناك، وهجوم تيت والتي أطلق عليها حملة فيتنام الشمالية وعلى نطاق واسع ضد أهداف في الجنوب الفيتنامي، ومن طريف ما ذكره في كتابه : أن أحد الجنود الأمريكان سأله إذا كان سيقدم تقريرا للمجلة حول ما كانوا يرتدون من ملابس رد عليه ولم لا بما فيهم قائد القوات الأمريكية وقتذاك الجنرال وليام ويستمورلاند، فهي طبيعة غير شاذة في العمل لمن يريد الحقيقة في كل شيء.
كما ذكر في مقابلة مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز في عام 1990: " لقد واجهت انهيارا جسديا ونفسيا هائلين وصدمة لم أفق منها حتى الآن ".
وعن علاقاته وصداقاته تذكر ابنته كلوديا أن هناك صداقة قوية نشأت بينه وبين المخرج العالمي ستانلي كوبريك وكتب كتابا عن الصداقة والتعاون بينهما، ويشمل عمله الآخر سيرة خيالية للصحفي الأمريكي والمعلق الإذاعي &والتر وينشل، وعلى الرغم من أن كتابه " برقيات " كان يتمتع بشهرة كبيرة &لبعض الوقت فقد كان فخور للغاية به وقال انه لا ينظر للشهرة بقدر نظرته في تثبيت حقائق تلك الحرب،
وقالت ابنته أنه في سنواته الأخيرة من حياته أصبح محبا للطريقة التي يحيا بها البوذيون وتعاليمهم، لكنه للأسف لم يتمكن من الكتابة عنهم.
&
عن / صحيفة نيويورك تايمز