في أعقاب موجة الجدل التي نشبت في منطقة الخليج، عقب الإعلان في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة عن حظر خدمات هاتف بلاكبيري، أكدت تقرير صحافية بريطانية على أن هذا الحظر لن يكون له أي تأثير، كما إنه لن يستمر طويلاً.
إعداد أشرف أبوجلالة من القاهرة: تستهل صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً أعدته حول هذا السياق، بلفتها الانتباه إلى قائمة المزايا التي يحظى بها جهاز البلاكبيري، من سرعة وبساطة وسهولة في الاستخدام، ثم تشير إلى المعضلة الأساسية التي تسببت في المشكلة الأخيرة، وهي عدم وجود طرق تُمكِّن الحكومات المحلية، أو شبكات الهواتف المحمولة، من اعتراض ومراقبة سيل المعلومات الذي يتدفق حين يقوم أحد الأشخاص باستخدام خدمة بلاكبيري ماسينجر للتراسل الفوري أو عند إرسال رسالة باستخدام رقم التعريف الشخصي لجهاز خاص بشخص آخر.
حيث تبين أن البيانات تُرسَل بصورة مشفرة إلى السيرفرات الخاصة بشركة RIM التي تدير خدمات بلاكبيري عالمياً في كندا.
ولفتت الصحيفة إلى ما قالته المملكة العربية السعودية في هذا الجانب، حيث أكدت على أنها لن تستطع التسامح مع الرسائل المُرسلة عبر خدمة بلاكبيري ماسينجر، لأنه لا يُمكن مراقبتها حرصاً على quot;الأمن القوميquot; أو حتى quot;القيم الاجتماعيةquot;.
بينما ترغب الإمارات بشكل أساسي في حظر كل خدمات البيانات المتعلقة ببلاكبيري، وهي الإيميل، والتراسل الفوري، ورسائل التعريف الشخصي أيضاً، للأسباب عينها.
ثم أشارت الصحيفة إلى أن الإمارات ظلت غاضبة لبعض الوقت من المسؤولين بشركة RIM، حيث طلبت الحصول على البيانات الخاصة بزبائنها، وحين رفضت RIM أن تتعاون، بادر المسؤولون الإماراتيون بتثبيت برامج تجسس على هواتف المواطنين في محاولة للالتفاف على عناد شركة RIM. لكن كانت هناك ضجة حول البرمجيات التي جرى تثبيتها في صمت، وأدت إلى حدوث تنازلات مهينة في وقت لاحق.
ورغم اعتراف الصحيفة بأعداد السكان الهائلة في السعودية والإمارات، وبلوغ مجموع ناتج الدخل الإجمالي في كليهما ما يزيد عن 600 مليار دولار، وتأكيدها على أنهما مراكز قوى كبرى في الشرق الأوسط، وبروز أحدهما باعتباره مركزاً دولياً للتجارة والصناعة، إلا أنها مضت لتقول إنهما يتصرفان كما لو كانوا أطفالاً مدللين، إن جاز التعبير، بإقدامهما على رمي نصف مليون لعبة من عربة الأطفال لأنهم لم يتصرفوا من أنفسهم. (وطبقاً لما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة لديها ما يقرب من 500 ألف مستخدم لجهاز البلاكبيري).
إلى هنا، تشير الصحيفة إلى تلك العلاقة المُعقَّدة التي تربط العالم الإسلامي الآن بالتكنولوجيا. وتمضي لتشدد على أن تلك الدول لم تتعلم بعد أن المجرمين العازمين واسعي الحيلة ونشطاء الإنترنت لن يُردَعوا، أو يُهزَموا، بالبروكسي سيرفر proxy server أو بجدار الحماية Firewall.
وتابعت الصحيفة حديثها في الإطار نفسه لتتساءل quot;هل تعتقد بشكل جدي الإدارات الحاكمة في تلك الدول (التي من بينها أيضاً إيران، التي تشنّ حملة قاسية وغير فعالة على نشاط التدوين هناك) أن إغلاق بعض المواقع الإلكترونية أو تعليق بعض من خدمات أجهزة بلاكبيري سيساعدها على محاربة الإرهابيين، أو المعارضين من داخل حدودهم؟.
وفي الوقت الذي يُرجِع فيه السعوديون الأمر برمته إلى مسألة التجسس، يقول عبد الرحمن مازي من شركة الاتصالات السعودية إن الهدف من وراء قرار الحظر هو إجبار شركة RIM على جعل اتصالات العملاء متاحة quot;عند الحاجةquot;. ويبدو من المحتمل جداً، خاصة في حالة الإمارات، أن هذا عقاب سخيف وغير متناسب لتمرد شركة RIM. لكن الصحيفة تؤكد quot;أن كان قرار الحظر هذا محاولة للضغط على RIM كي تُسلِّم البيانات الخاصة بعملائها، فإن تلك المحاولة ستبوء بالفشل، لأسباب ليس أقلها أن الشرق الأوسط يعد سوقاً صغيراً بالنسبة إلى RIM، وأن فقدان تلك المنطقة لن يلحق بها أضراراً بالغةquot;. كما إنها (RIM) تسعى الآن جاهدة إلى ملاحقة شركة آبل، في سوق الهواتف الذكية، وفي سوق الحواسيب اللوحية.
وتختم الصحيفة حديثها بالتأكيد على أن حظر خدمات البيانات الخاصة بأجهزة بلاكبيري هو أمر لا فائدة منه، ولن يكون له أي أثر يُذكر على الإرهابيين أو المنشقين. وأن أمراً مثل هذا لن يؤدي إلا لإثارة إزعاج المواطنين في السعودية والإمارات.
التعليقات