تدابير تقشف ونداءات استغاثة موجّهة للمؤسسات المالية الدولية او عمليات خصخصة جزئية: تلجأ الدول النفطية الى تدابير عاجلة في مواجهة التراجع الحاد في عائداتها.


باريس: قال وزير الاقتصاد الروسي اليكسي اوليوكاييف الثلاثاء ان الوضع المالي "الحرج" الناجم عن انهيار اسعار النفط يجعل تنفيذ مشاريع الخصخصة المطروحة منذ فترة طويلة امرًا عاجلا.

ورغم ظروف الاسواق الصعبة تسعى الحكومة الروسية الى تقليص مساهمتها في بعض الشركات العامة على غرار عملاق النفط روسنفت لسد الفجوة في الميزانية التي تشكل المحروقات نصف عائداتها.

وقال اوليوكاييف "في 2014-2015 كانت السوق تميل الى الانخفاض وتوقعنا ان يتغير الوضع. لكننا بدانا ندرك الآن ان الانتظار لم يعد ممكنا".

وبعد ان بات برميل النفط يناهز 30 دولارا وجدت الدول المنتجة للخام نفسها مرغمة على البحث عن مصادر اخرى للعائدات واللجوء الى خفض نفقاتها. وقال كبير اقتصاديي بنك "سوسييته جنرال" الفرنسي اوليفييه غارنييه "انه مصدر للخطر".

واضاف ان "العجز في الميزانية يتراكم بسرعة وللحفاظ على السلم الاجتماعي وعلى نفقات التسليح ليس بوسع الدول المنتجة خفض الانفاق العام".

وحذر صندوق النقد الدولي من تبعات هبوط النفط في منتصف كانون الثاني/يناير لدى تحديث توقعاته الاقتصادية.

وقال الصندوق ان انخفاض النفط يضغط بشدة على ميزانيات الدول المصدرة وعلى فرصها في تحقيق النمو.

تآكل الصناديق الاحتياطية

تمكنت الدول المصدرة بفضل ارتفاع اسعار النفط خلال السنوات الماضية من مراكمة ثروات لكن هذه الثروات بدأت تتراجع. فاحتياطات السعودية التي اضطرت الى اتخاذ تدابير تقشفية مثل دول خليجية اخرى تراجعت على سبيل المثال الى 611,9 مليار دولار بنهاية 2015 وهو ادنى مستوى لها منذ 2011 بعد سحوبات كثيفة لسد العجز في الميزانية.

ولكن لودفيك سوبران كبير اقتصاديي "هرمس" يرى ان الوضع لم يصل بعد الى مرحلة الخطر.

وقال لفرانس برس "اليوم لا يزال لدينا سنة على الاقل من الاموال الاحتياطية لدى البلدان الافريقية المصدرة للنفط. الباقون يحصلون على مساعدات من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي".

ولكن القروض التي تمنحها المؤسسات المالية الدولية تترافق عادة مع تدابير تقشفية او عمليات خصخصة قد تؤدي الى تنظيم تحركات شعبية معارضة.

وقالت كريستي ريفار معدة دراسة حديثة لمنظمة الامن والتعاون الاوروبية بعنوان "البلدان الناشئة: نهاية الوهم الكبير" ان "هامش المناورة يبقى ضيقا جدا. النمو يتراجع والتصحيحات مكلفة مع تدابير التقشف والانكماش".

وتتفاوض نيجيريا حاليا للحصول على قروض من البنك الافريقي للتنمية والبنك الدولي لتمويل جزء من عجز يبلغ 10 مليارات يورو في ميزانية 2016.

وسعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الى التهدئة قبل شهر خلال زيارة الى ابوجا عندما قالت "صراحة، ونظرا لتصميم الرئيس وفريقه لا ارى لماذا لا يكون هناك برنامج من صندوق النقد الدولي لمساعدة نيجيريا". ولكن البنك الدولي هو الذي سيقدم المساعدة.

واختارت فنزويلا التي دخل اقتصادها في ازمة خانقة بشكل كلي تقريبا وتعتمد على مبيعات النفط الذي يؤمن 96% من عملتها الصعبة، طريقا آخر.

وبدأ وزير النفط يولوجيو دل بينو جولة السبت تشمل روسيا وقطر وايران والسعودية للبحث عن استراتيجية لوقف تدهور الاسعار.

ولكن هبوط اسعار النفط لا يؤثر فقط على الدول الناشئة اذ ان من شأنه اضعاف البنوك الكندية التي قدمت قروضا بقيمة 42 مليار دولار الى قطاع المحروقات.