ما زالت أزمة الكهرباء في سوريا تسير في طريق مسدود مع ارتفاع أصوات الأخوة الصناعيين التي تتعالى بصورة يومية لجهة إيجاد الحلول البديلة لتخفيف كلف الإنتاج، والحاجة إلى إصدار تشريع يلغي كل الرسوم على الطاقات البديلة بأقل التكاليف، والأسعار المعمول بها بالنسبة إلى الكهرباء في الوقت الحالي التي أصبحت عالية جداً، خاصة أنَّ ارتفاعها بهذا الشكل أثر في كل القطاعات، وصار حال الصناعيين في حالة يرثى له!

الواضح أنَّ هناك تهجيراً متقصداً للصناعيين الذين أبدعوا وسبق أن تمكنوا من أن يثبتوا وجودهم بالرغم من الظروف القاسية، إلا أن الأغلبية منهم توجهت إلى خارج الوطن بحثاً عن حياة معيشية مستقرة وآمنة.

الدعم الصناعي صار في خبر كان.. لا يوجد دعم للصناعي بالكهرباء ولا بالفيول ولا بالمازوت، وهناك تراجع بالإنتاج بعد زيادة أسعار الكهرباء وبكل القطاعات، ولا يوجد تنافسية بالمطلق، والصناعي خسر كل أسواقه فهل المطلوب خسارة الصناعة؟

إنَّ الحكومة السورية، ومنذ عشرات السنين، تسهم في تقديم الدعم للصناعيين وعليها اليوم أن تستمر بهذا الدعم إلى حين استكمال الطاقة البديلة لكل المصانع والمعامل، ولا يمكن بحال الاستغناء عن الطاقة الكهربائية، وتم التوصل من خلال الصناعيين إلى تقديم اقتراح سيقدم إلى اللجنة الاقتصادية لدراسته في إعادة الدعم للقطاع الصناعي أسوة بالزراعي، وتخفيض الرسوم المالية، وتخفيض السعر الاسترشادي لألواح الطاقة البديلة، والسماح باستيراد مخصصات صناعية لألواح الطاقة، وتنزيل فترة المنصة لهذه الألواح، فالكهرباء من أولويات الصناعة ولا غنى عن الطاقة بهذه الظروف، وارتفاع أسعار الكهرباء سوف يسهم في إيقاف المنافسة والتصدير، الأمر الذي سينعكس سلباً على الصناعة بصورة عامة.

وفي الفترة الأخيرة، تعالت صرخات الصناعيين مجدداً مطالبين بإيصال صوتهم للحكومة، بضرورة تخفيض أسعار الكهرباء لتشجيع وتشغيل عجلة الإنتاج خلال الاجتماع الذي عقده اتحاد غرف الصناعة السورية لمناقشة وبحث تكاليف الكهرباء المالية ومدى تأثيرها في الإنتاج.

إنَّ مشكلات الصناعة تتكرر كل عام من دون أي حلول، والصناعيون متخوفون من قرارات جديدة تزيد الطين بلة، حيث أوضح بعض الصناعيين أن الاستمرار في تطبيق القرار الأخير الخاص برفع أسعار الكهرباء سيكون أمراً مجحفاً بحق كل الصناعيين، بل سيكون هناك كارثة حقيقية قد توصل الصناعيين إلى إغلاق معاملهم!

وفي حلب وحدها، خرج أكثر من 25 معمل حديد من الإنتاج نتيجة ارتفاع التكاليف، وارتفاع أسعار الكهرباء، والأهم أن صناعياً وصاحب منشأة أكد أن هناك 165 عاملاً قد تم تسريحهم نتيجة ارتفاع التكاليف ولاسيما الكهرباء، ولم يبقَ سوى خمسة عمال في معمله، الأمر الذي لا يبشر بمستقبل للصناعة الوطنية. وساهم القرار الأخير بزيادة أسعار الطاقة بشكل كبير في خروج الصناعة السورية عن المنافسة مع دول الجوار، بالإضافة إلى انخفاض نسبة المبيع بالأسواق الداخلية وضعف القدرة الشرائية.

وسجلت نسبة التكلفة الحقيقة للصناعات النسيجية من 15 إلى 17 بالمئة، بينما سجلت صناعة السيراميك والصناعات المتداخلة بها 19 بالمئة، وقطاع الصناعات الهندسية من 12 إلى 25 بالمئة، أما صناعة الكونسروة من 4 إلى 5 بالمئة على المنتج النهائي، بالإضافة إلى الزيادة الناتجة عن مدخلات الإنتاج، وبالنسبة للطباعة 14 بالمئة والصناعات الدوائية من 35 إلى 40 بالمئة وصناعة الآيس كريم سجلت 30 بالمئة كما أوضح صناعيوها مطالبين بضم هذه الصناعة إلى الصناعة المدعومة مثل الصناعات الزراعية.

إقرأ أيضاً: تتويج ليفركوزن بلقبه الأول

إنَّ إنتاج سوريا من الكهرباء في الوقت الحالي 2000 ميغا واط، في حين أننا نحتاج إلى 5000 ميغاواط على الأقل. ولدينا محطات قادرة على إنتاج 5500 ميغاواط، ولكن المشكلة في عدم توافر الغاز والفيول الكافيين، فكل ما لدينا حالياً 6 ملايين م3 من الغاز و5 آلاف طن من الفيول يومياً، وقد اضطررنا لإيقاف مصنع الأسمدة لتوفير 1,2 مليوناً م3 من الغاز لمصلحة الشبكة العامة للكهرباء، ووزير الكهرباء ما زال يتحدث عن دعم مالي لأسعار الكهرباء في سورية وصل إلى 18277 مليار ليرة سورية قبل اعتماد الأسعار الجديدة، وهي أسعار موجعة جداً على كل الناس في سورية.

وزير الكهرباء السوري غسان الزامل سبق وأكد أن الوزارة ما زالت خاسرة في بيع الكهرباء للأغراض الصناعية بالرغم من التعرفة الجديدة، حيث تصل تكلفة الكيلوواط لحدود 2200 ليرة، على حين التعرفة الجديدة حددت مبيع الكيلوواط بـ1900 ليرة، معتبراً أنه لا يمكن للوزارة تحمل المزيد من الخسائر وأن الأولوية اليوم لدى الوزارة والحكومة هو الحفاظ على قطاع الكهرباء وعدم تعرضه لانهيارات بسبب حالات العجز التي يتسبب بها الفارق بين سعر مبيع الكهرباء وتكلفته، واقتران ذلك بانخفاض أسعار حوامل الطاقة (الغاز والفيول).

وزير الصناعة بدوره أكد على سعي وزارته لتسريع دوران عجلة الإنتاج في القطاعين العام والخاص لاعتبارين أساسيين هما الاستثمار الأمثل للموارد الطبيعية لتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، وتوطين صناعات جديدة لتكون بديلاً عن الاستيراد وبالتالي كسر الحصار الاقتصادي والعقوبات على سورية.

إقرأ أيضاً: ما مبرر صيام بن زيما عن التهديف؟!

وزارة الكهرباء أوضحت في بيان لها بما يخص التعرفة الكهربائية التي أقرتها للمشتركين الصناعيين على أن الوزارة مهمتها العمل على تأمين التغذية الكهربائية للمدن والمناطق الصناعية عبر اشتراكين، أحدهما معفى من التقنين كاملاً على مدار الساعة بسعر 1900 ليرة للكيلوواط ساعي، والآخر غير معفى من التقنين بسعر يتراوح من 800 إلى 900 ليرة للكيلوواط ساعي حسب مستويات التوتر الكهربائي. وإن هذا الإجراء تم اتخاذه لضمان استمرارية إنتاج الكهرباء وتأمين التغذية الكهربائية لكل المشتركين مع التأكيد على استمرارية تقديم كل الدعم لكل القطاعات الإنتاجية والخدمية والحيوية.

وسبق أن تقدم بعض الصناعيين بمقترح تفعيل الغاز الطبيعي؛ لأنه يخفّض التكلفة وإلغاء نسبة 22 بالمئة من الرسوم الضريبية على قيمة الفاتورة، وتقديم ميزات والسماح للمنشآت الصناعية التي ترغب في اعتماد الطاقة البديلة باستيراد ألواح الطاقة وإعفائها من الرسوم الجمركية، وتخفيض مدة منصة الاستيراد، وأن يتم العمل على إطلاق مشاريع عبر شركات مساهمة للطاقة البديلة، وتخفيض نسبة الفوائد على القروض والتي نسبتها 25 بالمئة، وإعادة توزيع الدعم بين الصناعة والزراعة والمواطن.