ما هي الخيارات المطروحة من وجهة نظر إسرائيلية

بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، بات واضحاً لكل إسرائيلي أنه، مع انتهاء الحرب، يجب أن يكون هناك وضع متغير تماماً في قطاع غزة، إذ لا يمكن العودة إلى الوضع الذي كانت تحكم فيه القطاع جماعة مسلحة تضع القتال ضد إسرائيل على رأس سلم أولوياتها، بدلاً من مصلحة أهالي غزة وضمان العيش بكرامة لهم. كما أنَّ هناك إجماع شبه مطلق لدى الإسرائيليين على أنَّ فرض حكم عسكري مباشر على القطاع ليس من مصلحة إسرائيل، وقد يكلفها أثماناً باهظة اقتصادية وأمنية وسياسية.

وهناك إجماع آخر في إسرائيل على عدم السماح لحماس بالبقاء في القطاع كقوة من القوى السياسية، وعدم السماح لمن دبر وقاد المجزرة بأن يبقى في القطاع في حال انتهت المعركة وهو على قيد الحياة.

إذاً، ما هي الخيارات الواقعية المطروحة أمام إسرائيل والفلسطينيين والعالم فيما يخص هذه المعضلة؟

أولاً: لا بدَّ من أن تنتهي المعركة بفقدان حماس السيطرة على القطاع، وهذا الأمر يستلزم التوضيح لقيادة حماس، بشكل لا لبس فيه، أنَّ عهد حكمها قد ولّى، وأنَّ على قيادتها أن تختار إما القتال حتى الموت والهزيمة المحتومة، أو الخروج من القطاع إلى المنفى في إحدى الدول المساندة لهم. ومهمة طرح هذين الخيارين أمام قادة حماس يجب أن تُلقى على عاتق إحدى هذه الدول إما تركيا أو قطر أو مصر أو الدول الثلاث معاً.

ثانياً: جعل قطاع غزة منطقة منزوعة السلاح باستثناء الأسلحة الخفيفة لدى قوات الأمن الداخلي اللازمة لفرض النظام ومكافحة الإجرام، وبقاء السيطرة الأمنية الإسرائيلية على المعابر والمداخل والموانئ البحرية والبرية، وإخضاع كل السلع المستوردة للتفتيش الأمني من جانب إسرائيل.

إقرأ أيضاً: تفنيد المزاعم حول كون إسرائيل مشروعاً استعمارياً غربياً

ثالثاً: وهو أمر لا يزال مدار خلاف في إسرائيل، تولي جهة فلسطينية مسؤولة ستكون على الأرجح السلطة الفلسطينية، مهام إدارة الحياة المدنية في القطاع، وذلك بالتعاون مع قوى إقليمية معتدلة وبمساعدة منها، مثل دول اتفاقيات إبراهيم ودول عظمى أخرى وجهات دولية ستتولى مهام إعادة إعمار القطاع وتوفير ظروف معيشية مواتية لسكانه. والخلاف في إسرائيل حول هذا الحل يرجع إلى أسباب سياسية داخلية، إذ يهدد أعضاء الائتلاف من اليمين المتطرف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بالانسحاب من الائتلاف وإسقاط الحكومة في حال توجه نحو تطبيق هذا الحل.

عليه، نرى أنَّ رئيس الوزراء يتجنب أي حديث أو نقاش حول وضع القطاع ما بعد الحرب، مما يثير انتقادات داخلية وخارجية له، حيث يقول المنتقدون إن اتخاذ القرار المناسب حيال الوضع ما بعد الحرب قد يؤدي إلى إنهاء الحرب في وقت أقرب، ويجنب إسرائيل وقوع المزيد من القتلى في صفوف الجنود ويجنب المدنيين الفلسطينيين المزيد من المعاناة، ويمنع تدهوراً آخر في مكانة إسرائيل على الساحة الدولية. أمَّا نتنياهو، فيأمل في أن يؤدي اجتياح رفح إلى دحر حماس نهائياً والقضاء أو القبض على قيادتها، والإفراج عن المختطفين الإسرائيليين من خلال العملية العسكرية، مما سيزيد من شعبيته ويبقيه على سدة الحكم حتى موعد الانتخابات المقبلة عام 2026. إلا أنَّ الضغوط الخارجية لا تزال تحول دون القيام بهذا الاجتياح حتى الآن. كما تتزايد الضغوط الداخلية على الحكومة من أجل إعادة المختطفين من قبضة حماس عبر التفاوض.

إقرأ أيضاً: لماذا باءت كل محاولات إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين بالفشل؟

ولذا، نرى أنَّ الاعتبارات السياسية الداخلية في إسرائيل باتت تحكم عملية اتخاذ القرارات فيما يخص الحرب، ومن جهة أخرى باتت الاعتبارات السياسية الداخلية الأميركية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية تفرض تكثيف الضغوط على إسرائيل لقبول أي من الحلول المطروحة وإنهاء الحرب.

أي من هذه الاعتبارات سيكون لها اليد العليا أمر سنعرفه في القريب العاجل.