اضطراب الأكل... رغبة ذاتية أم حالة مرضية؟ (7)
أكثر من 60% من السعوديين يعانون من مرض السمنة


أحمد البشري من الرياض: مفهوم اضطراب الأنظمة الغذائية والتعريف به يقودنا إلى خيارات عدة، تشمل اضطرابات تؤدي إلى بدانة زائدة، أو النحافة الزائدة، وهذا ما لا ينطبق في أوساط السعوديين، حيث تشير الإحصائيات الرسمية عن quot;تضخمquot; نسب البدانة في جميع المستويات العمرية، يأتي ذلك في الوقت الذي ذكرت فيه إحصائيات رسمية سعودية أن أكثر من 60% من المواطنين السعوديين يعانون من مرض السمنة، وأن نسبة كبيرة من بين هؤلاء المرضى أطفال. هند الشميمر أخصائية تغذية في حديث لـquot;إيلافquot;، أرجعت هذه النسب التي وصفتها بالمخيفة، إلى أساليب جديدة ورتيبة في ممارسة حيواتنا اليومية، تبدأ قبل استيقاظنا من النوم، حتى عودتنا إليه مرة أخرى، وتشمل اضطراب الوقت في تناول وانتظام الأكل، وقلة الحركة، وسائل الرفاهية المتوفرة، وطريقة الحياة السعودية الاجتماعية والمتقاربة، المليئة بالأنشطة الإجتماعية التي تقتضي الكثير من الولائم والمناسبات التي تقدم فيها النشويات والدهون والسكريات بشكل كبير.

تقول الشميمر:quot; الحياة تزداد تطورًا، وتزداد سوءًا في الوقت ذاته، التكنولوجيا منحتنا أشياء تجعلنا أكثر كسلاً، وأبسط الأمثلة، لم نعد مضطرين للقيام من أجل استخدام الكومبيوتر والإنترنت فالشبكات اللاسلكية في كل مكان، ولم تعد مضطرًا للقيام والمشي باتجاه التلفزيون لتغيير المحطة، الريموت كنترول يقوم بذلك، وحتى على مستوى الطعام نفسه، أنت لم تعد مضطرًا للخروج من المنزل للقيام ببعض التسوق والحركة، السوق كله والمطاعم تأتي إلى بابك.

كما أكدت دراسة علمية أن من أهم أسباب السمنة لدى السعوديين استبدالهم لأنشطتهم الحركية، بأخرى لا تستوجب الحركة، وتحول الترفيه إلى طابع كسول، وانتهاء عصر الهوايات التي تعتمد على الحركة والرياضة، كما يحدث لمحبي رياضة كرة القدم أمام أجهزة البلاستيشن.

العديد من الآباء الذين إلتقتهم إيلاف إلقوا باللائمة على الوجبات السريعة في وقتٍ غزت الأسواق والمنازل وأصبحت في متناول الجميع، على بعد اتصال هاتفي فقط، كما حملوا وسائل الإعلام جزء من اللوم لعدم وجود برامج تثقيفية محذرة وموضحة للأخطار المحتملة من تناول الأطعمة المقلية والمعدة بطرق سريعة، في الوقت الذي تسهل فيه إجراءات الإعلان والترويج لهذه المطاعم في مقابل الربح المادي من الإعلان.

وإذا ما كانت هناك أخطار عضوية مؤكدة، تؤدي لها اضطرابات الطعام في كلا الجانبين (افراط في النهم أو افراط في الحمية)، فأن هناك أخطار نفسية تم إثباتها، إذ يعاني المرضى الذين المصابين بالسمنة من شعور بعدم تقبل المجتمع لهم، مما قد يؤدي بهم إلى العزلة، والإصابة بالاكتئاب فضلا عن الشعور بعقدة النقص، واضطرابات عصبية ونفسية للمصابين بالنحافة، تؤدي أحياناً للعزلة، وتزيد من مخاطر الإصابة بفقدان الشهية التي يعتبره الإخصائيين مرض نفسي بحد ذاته

ويمكن وصف شخص ما بأنه نحيف عندما يكون مؤشر كتلة الجسم لديه أقل من 18.5، ويمكن أن تكون النحافة المبالغ بها بسبب عادات غذائية خاطئة مكتسبة منذ الطفولة، أسباب وراثية.، أو إتباع أنظمة غذائية خاصة لتخفيف الوزن والاستمرار بها إلى حد الوصول إلى النحافة ومن ثم عدم القدرة على استرجاع الوزن الطبيعي.

أ.ش فتاة سعودية، تقول إنها سئمت النظرات التي يطلقنها قريناتها في العمل، وسئمت التعليقات العابرة التي تسمعها من وقت لآخر، فيما يتعلق ببدانتها التي تجاوزت 106 كيلو في السنوات الأربع الماضية.
الفتاة التي طلبت عدم نشر أسمها، لأسباب نفسية دعتها للتردد حول الحديث لـ quot;إيلافquot; ليست وحدها نتيجة العادات الغذائية السيئة، بل أن المئات من السعوديين والسعوديات يعانون من السمنة المفاجئة، تقول أ.شquot; كنت قبل 4 سنوات أتمتع بصحة جيدة، وكان وزني وقتها 62 وبطول 167، كان كل شيء على ما يرام، الشيء الوحيد الذي تغير في حياتي هو انتقالي إلى مدينة أكبر، لتتغير كل عاداتي اليومية والغذائيةquot;. وهو ما دفعني لإجراء عملية جراحية للتخفيف من أوجاعي النفسية، والبدنية.
وبعد العملية التي أجرتها أ.ش في أحد المستشفيات الخاصة في العاصمة السعودية الرياض، والتي تكلفت مبالغ طائلة تتراوح ما بين الـ 15 وتصل إلى 60 الف ريال حسب نوع العملية، تم التخلص من عشرات الكيلوجرامات لتصل إلى 70 كيلوجرام.

هذه النتائج قد تغري الكثيرين، وسط انطباع سائد أن هذه العمليات قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة قد تؤدي إلى الموت، وسط قصص مجهولة المصدر يتم تداولها على نطاق واسع، ما جعلنا نحمل السؤال إلى أحد أطباء الجراحة في أحد مستشفيات الرياض الخاصة. الدكتور عبدالعزيز الجليل الذي أجاب بأنه يجب التوضيح في البداية بأنه يجب أن لا يلجأ لهذه العملية سوى الأشخاص شديدي السمنة والذين تشكل سمنتهم خطر على حياتهم، وذلك بعد فشلهم المتكرر في إنقاص أوزانهم بالحمية والرياضة.
كما يجب الإنتباه لعدة أمور يلزم توافرها في المريض حتى يتم الموافقه على إجراءه للعملية، منها الا تقل كتلة الجسم لديه عن 40% وأن لا يكون مصاب بأمراض في الكلية أو الكبد، وفي عمر مابين الـ 18 والـ 60 سنة.

وعند سؤاله عن نسبة نجاح العملية وجدواها، أجاب بأن النسبة عالية إذا أجريت على يد جراح ماهر، شريطة الالتزام بنظام غذائي يحدده الطبيب، لذا يجب استشارة طبيب متخصص في امراض السمنة وطبيب الغدد واختصاصي التغذية قبل اتخاذ القرار بإجراء عملية جراحة ربط المعدة حتى يتم التأكد بصورة قاطعة من نتائجها. كما أن المريض يخسر عادةً 50% من الوزن الزائد خلال السنة الأولى بعد عملية ربط المعدة.

الآثار الجانبية الممكنة بعد عملية جراحة المعدة تتضمن، النزف، تقرح المعدة، انزلاق حلقة الرباط، الالتهاب، وخطر التخدير العام في المريض البدين.
يذكر أن مصادر إحصائية رسمية عالمية ذكرت أن مرض السمنة من أكثر الأمراض انتشارا في العالم، فضلا عن أنه ثاني مرض بعد التدخين يمكن علاجه. وارتفع معدل الإصابة بالسمنة في العالم إلى نسبة 50% وازداد عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة من 200 مليون عام 1995 إلى 300 مليون عام 2003.