في زيارة كان يجب أن تكون مفاجئة، وصل جون كيري بيروت ليلتقي الرئيسين تمام سلام ونبيه بري والبطريرك بشارة الراعي، وعلى أجندته حض على انتخاب رئيس وتكريس الاستقرار في لبنان.


إيلاف من بيروت: دعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري من بيروت الاربعاء حلفاء النظام السوري إيران وروسيا وحزب الله اللبناني، الى "بذل جهد حقيقي" لوضع حد للحرب في سوريا، واعتبر ان الانتخابات الرئاسية السورية لا قيمة لها.

وقال كيري في مؤتمر صحافي عقده بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة اللبناني تمام سلام، "مسؤوليتنا كلنا، كدول، العمل على انهاء هذا النزاع (السوري)، وانا ادعو بالتحديد الدول التي تدعم نظام الاسد مباشرة (...)، ادعو إيران وروسيا وحزب الله الموجود هنا في لبنان، الى بذل جهد حقيقي لوضع حد لهذه الحرب".

ودعا كيري الى انتخاب رئيس لبناني "يمارس صلاحياته كاملة"، بعيدا عن التدخل الخارجي.

وقال بعد اجتماعه مع رئيس الحكومة تمام سلام اثر وصوله الى لبنان في زيارة لم يعلن عنها مسبقا، "الوضع السياسي والطريق المسدود حاليا في لبنان مقلق جدا. من المؤسف ان البرلمان لم يتمكن من انتخاب رئيس وفق ما ينص عليه الدستور اللبناني. واليوم من المهم جدا ان يتم ملء الشغور".

واضاف "نحتاج الى حكومة حرة من أي تاثير خارجي ورئيس يمارس صلاحياته كاملة ورئيس وبرلمان يتجاوبان مباشرة مع الشعب وحاجاته".

وقال كيري انه نقل دعم الرئيس الاميركي باراك اوباما "للادارة اللبنانية التي يتولاها رئيس الوزراء تمام سلام وحكومته".

وقال ان "لبنان يحتاج ويستحق ان تكون له حكومة كاملة تمارس صلاحياتها كاملة وتعمل بشكل كامل"، معربا عن امله في ان "يختار البرلمان اللبناني رئيسا بسرعة".

وشدد الوزير الاميركي على اهمية الاستقرار في لبنان، مشيرا الى ان "لبنان المستقر والآمن شرط اساسي لمنطقة مستقرة وآمنة".

دافع عن قرار حكومته

ودافع كيري عن قرار بلاده التعاون مع الحكومة الفلسطينية الذي اثار انتقادات واسعة بين الاسرائيليين، مشيرا الى ان ايا من اعضاء الحكومة لا ينتمي الى حركة حماس التي تعتبرها واشنطن مجموعة ارهابية.

وقال ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس "شكل حكومة انتقالية من تكنوقراط لا تضم اي وزير من حماس. لقد تأكدنا من ذلك".

واضاف "الرئيس عباس قال بوضوح ان هذه الحكومة الجديدة تلتزم مبادئ اللاعنف والمفاوضات والاعتراف بدولة اسرائيل".

وتابع "سنعمل مع هذه الحكومة عندما يستدعي الامر ذلك وبالطريقة المناسبة".

وحمل مسؤولون اسرائيليون الثلاثاء على الادارة الاميركية بعد قرارها التعاون مع حكومة الوفاق الوطني التي شكلت اخيرا وتضم شخصيات مستقلة ومهمتها التحضير لاجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بحلول نهاية العام الجاري.

ورحب كل من الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة.

واوضح كيري ان التعامل مع الحكومة الفلسطينية لا يعني اعترافا بالدولة الفلسطينية، وقال "الولايات المتحدة لا تعترف بحكومة بالنسبة الى فلسطين، لان هذا يعني الاعتراف بدولة ولا وجود للدولة. ليست المسألة اعترافا بالحكومة".

وتحدثت صحف اسرائيل عن "طعنة في الظهر" من جانب حليفتها واشنطن.

صفر كبير

وردا على سؤال حول الانتخابات السورية التي جرت الثلاثاء والمحسومة سلفا لصالح الرئيس بشار الاسد، قال "الانتخابات ليست انتخابات. هي عبارة عن صفر كبير. كيف تكون انتخابات عندما يكون الشعب غير قادر على الانتخاب او على اتخاذ قرار؟".

ووصل كيري قرابة الرابعة من بعد ظهر الاربعاء (13:00 ت غ) الى بيروت في زيارة لم يعلن عنها مسبقا وتستغرق ساعات قليلة، وهي الاولى لوزير خارجية اميركي منذ خمس سنوات. وسيطلب كيري من المسؤولين اللبنانيين انتخاب رئيس جمهورية في أسرع وقت ممكن، من دون تأثير أو تدخل خارجي، بعد مرور عشرة ايام على فراغ في سدة الرئاسة في لبنان، نتيجة عدم انتخاب خلف لميشال سليمان، بسبب الانقسام السياسي.

واعلن كيري تقديم مساعدة اضافية من 290 مليون دولار الى الامم المتحدة لتمويل عملياتها في سوريا وفي الدول المجاورة التي لجا اليها السوريون. وقال "يسرني ان اعلن عن مساعدة انسانية اضافية من 290 مليون دولار"، مشيرا الى ان المساعدات التي قدمتها واشنطن بلغت حتى الآن ملياري دولار، وان 51 مليون دولار منها ستذهب مباشرة الى اللاجئين في لبنان.

وكان مسؤول اميركي في وزارة الخارجية قال للصحافيين الذين رافقوا كيري في الطائرة خلال رحلته من وارسو الى بيروت ان الزيارة لدعم لبنان، قائلا " كنا باستمرار داعمين جدا جدا للبنان. لبنان في وضع دقيق في مواجهة تحديات ضخمة ابرزها النزاع السوري".

داعمين جدًا

وقالت جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، إن كيري سيلتقي مسؤولين لبنانيين للبحث في العلاقات الثنائية وأثر النزاع المستمر في سوريا على لبنان، وقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك. وقال مسؤول في وزارة الخارجية للصحافيين الذين رافقوا كيري في الطائرة: "كنا باستمرار داعمين جدًا جدًا للبنان، فهو في وضع دقيق في مواجهة تحديات ضخمة، ابرزها النزاع السوري".

واضاف أن كيري سيعلن خلال الزيارة "استجابتنا لنداءات الامم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين، عبر تقديم نحو 290 مليون دولار اضافية إلى الامم المتحدة، لتمويل عملياتها في سوريا وفي الدول المجاورة"، مشيرًا إلى أن مجموع المساعدات التي قدمتها بلاده حتى الآن في هذا المجال سترتفع بهذا المبلغ إلى ملياري دولار.

واوضح أن 51 مليون دولار من هذه المساعدة ستكون للبنان، الذي يستضيف اكثر من مليون لاجئ سوري مسجلين لدى الامم المتحدة، ما يرفع قيمة المساعدات التي قدمتها واشنطن إلى البلد الصغير منذ بدء النزاع في سوريا المجاورة في منتصف آذار (مارس) 2011، إلى أكثر من 400 مليون دولار.

أخطار جمة

إلى ذلك، قالت مصادر أميركية إن زيارة كيري إلى لبنان تهدف إلى إظهار دعم الولايات المتحدة الأميركية له في هذه الظروف، خصوصًا لناحية مساعدته على مواجهة مشكلة اللاجئين السوريين، حيث تتوقّع واشنطن أن تتفاقم، ما قد يُعرّض لبنان لأخطار جمّة.

وسيبحث كيري مع المسؤولين اللبنانيين مضمون القرار الذي اتّخذه الرئيس الأميركي باراك اوباما بالنسبة إلى إقامة صندوق مشترك لمواجهة الإرهاب، فلبنان أحد اكثر البلدان المعنية بهذا الموضوع.

وأكّدت المصادر نفسها أن ملفّ انتخاب رئيس جمهورية لبناني جديد لن يكون على جدول أعمال المحادثات، إلّا أن كيري سيُذكّر بالموقف الأميركي الرسمي في هذا الملف، وسيشدّد على ضرورة الحفاظ على الإستقرار الامني والسياسي في لبنان. وسيبحث كيري عددًا من المواضيع الإقتصادية، بينها ملفّ الغاز.&
&
تباين

وأبدت مصادر الخارجية الأميركية استغرابَها من تسريب خبر زيارة كيري، في الوقت الذي كان يتوقع أن يكون وصوله إلى مطار بيروت مُفاجئًا.

كما تحدثت عن تباين بين مستشاري كيري حول جدوى زيارته إلى لبنان في ظلّ الشغور في سدّة الرئاسة اللبنانية، ما قد يحمل البعض على تفسير الزيارة على غير حقيقتها، ويُترجم لدى البعض الآخر إعطاء الفراغ شرعية دولية، خصوصًا أن كيري يعرف أن لا إنتخابات رئاسية في لبنان في المدى المنظور. إلّا أن القرار حُسم في النهاية لمصلحة إتمام هذه الزيارة، الأمر الذي اعتبره البعض قُصرَ نظرٍ لدى بعض المخطّطين في وزارة الخارجية الأميركية.

رسائل بالجملة

من جانبها، حمّلت جريدة الأخبار، الناطق غير الرسمي بلسان حزب الله، زيارة كيري للبنان رسائل مختلفة، قائلة إنه يوجه رسائل إلى كل الدول المعنية بالملف اللبناني "بأن الوضع في لبنان محكوم بتسوية تاريخية، ممنوع المس بها، اسمها اتفاق الطائف، علماً بأن الخارجية الاميركية أصدرت قبل أشهر قليلة بيانًا أكدت فيه تمسكها بهذا الاتفاق، كما أنها تحرص، في هذه المرحلة الحساسة، وعلى وقع الأحداث والتطورات في الجولان، على التشديد على أهمية الاستقرار في الجنوب حيث الحدود اللبنانية محكومة بالقرار الدولي 1701".

أضافت الأخبار أن الزيارة تأتي تزامنًا مع الانتخابات السورية، وترد إلى مصادرها قولها إن كيري أراد توجيه رسالة من بيروت، "على بعد كيلومترات من دمشق، إلى من رعى دوليًا وإقليميًا الانتخابات فيها، مفادها أن التنصل من جوهر اتفاق جنيف بإجراء الانتخابات السورية، وردّ الغرب باستقبال رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا، لا يشملان لبنان ولا يدخلانه ضمن السياق الجديد للأزمة السورية، ولا يجعلان منه ساحة للرسائل".