شهد العراق خلال 2015 أزمات وضعته على حافة الهاوية. تهديد داعش مستمر، والخلافات بين مكوناته لا تتوقف، والأمل في بقائه موحدًا يتضاءل يومًا بعد يوم.

بغداد: لا يختلف العام الذي يودعه العراقيون عن الأعوام التي سبقته، لكن العام الجديد سيرث أزمات العنف والدماء وضياع نحو ثلث البلاد بيد داعش قبل جهود التحرير، التي تمكنت من استعادة 23% من الاراضي التي سيطر عليها التنظيم، فيما تنوء الحكومة بثقل أزمات مالية بسبب إنخفاض أسعار النفط، صعّب من وطأتها تزايد أعداد النازحين بسبب المعارك، حتى بات رئيس الحكومة حيدر العبادي "الرجل اللا محظوظ"، وهو ينهي عام 2015 على اضطرابات يبدو أنها لن تصل إلى خواتيم سعيدة، بعد أن أُقرت الموازنة بعجز تجاوز 20 مليار دولار.

الأمن شائك

يقول رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي في حديثه إلى "إيلاف"، إن تعدد مصادر القرار في العراق هو السبب الرئيس لتخلخل الملف الامني، "وعلى القائد العام للقوات المسلحة أن يمسك بزمام الامور للمضي بالاتجاه الصحيح والمختصر لتحسين الواقع الامني في البلاد".

في العراق، والحديث للزاملي، سبع وكالات استخبارية، وهي في اغلب الاوقات تتقاطع بشأن المعلومات التي تحصل عليها، فضلًا عن ادوار الحشد الشعبي والفصائل المسلحة، "وهذه جميعها تحتاج إلى اعادة ترتيب لتوحيد مصدر القرار".

عائلة عراقية تنتظر عبورها إلى ألمانيا

&

الزاملي يشير إلى أن الولايات المتحدة تخطط لتشكيل جيش اسلامي لدخول الانبار والموصل، بعد أن فشل داعش برسم الحدود بين السنة والشيعة، "وما دخول تركيا الا لجس النبض العراقي والعربي للتمرد أكثر".

اما النائب محمد الكربولي، عضو لجنة الأمن والدفاع عن اتحاد القوى، فيؤكد لـ "إيلاف"، أن الامن سيبقى مسألة شائكة بسبب انعدام ثقة الحكومة والشركاء بالسنة في العراق، لافتًا إلى الحاجة إلى تسوية تاريخية وإعادة الثقة بالسنة وبالعشائر السنية وتسليح كما حصل في مشروع الصحوات، "وهو الحل الأمثل لهزيمة داعش".

أزمة فوق أزمة

يقول الكربولي: "أي إنجاز أمني يظل مفرغًا من محتواه ما لم يكلل بإعادة النازحين إلى المناطق المحررة، وستبقى جرف الصخر والضلوعية وجلولاء وغيرها مدنًا محتلة ما لم تتم اعادة أهلها، فخيمة نازح في داره المهدمة أرحم ألف مرة من مخيمات العراء".

أكد ستار نوروز، المتحدث باسم وزارة الهجرة، لـ "إيلاف"، المضي قدمًا بتطبيق كل ما لدى الوزارة من نشاطات بشأن توزيع منحة المليون والمساعدات على النازحين والمهجرين في الداخل رغم أن عودتهم إلى ديارهم وغلق هذا الملف متوقف على تحرير مناطقهم من داعش الارهابي".

لكن رئيس لجنة الهجرة والمهجرين النيابية رعد الدهلكي، اكد لـ "إيلاف"، وجوب العمل على إيقاف الكارثة الإنسانية التي يمر بها النازحون العراقيون، "فالحكومة لم تكن حكيمة في إدارة ملف النازحين"، مقرًا بتقصير اللجنة النيابية في تسويق الأزمة وكسب التعاطف الدولي لمساعدة العراق في هذا الملف.

طفلان عراقيان

&

ويؤكد أن الحكومة في وادٍ والنازحون في وادٍ، وما اشتراط الكفيل لدخولهم إلى بغداد الا دليل على ازمة أخلاقية.

خطط الإعمار

وعبّر الدهلكي عن أسفه لأن الحكومة لم تخط باتجاه عقد مؤتمر دولي ببغداد، كان الرئيس فؤاد معصوم تحدث في الكويت عنه، لجمع الدول المانحة وايصال أزمة النازحين العراقيين إلى المجتمع الدولي بهدف جمع التبرعات لاعمار مدنهم وتسهيل عودتهم.

وحذّر من ظهور متطرفين ناقمين على الحكومة من مخيمات النازحين، اذا ما بقيت ازمتهم من دون حل.

وهذا دفع الكربولي إلى القول: "عرقلة عودة النازحين إلى مناطقهم والعمل على إعمارها وتعويضهم اضعف ثقة النازحين بالحكومة وبإجراءاتها، وبالإمكان الاستفادة من جهود التحالف الإسلامي، لا في محاربة داعش فقط، بل في إعادة اعمار بناء المدن المهدمة أيضًا، فنحن نعاني ازمة مالية خانقة، والسؤال إلى أي مدن محطمة ومدمرة يعود النازحون. لا توجد خطط اعمار المناطق المحررة".

رئيس الوزراء حيدر العبادي يؤكد أن التحدي الاخطر الذي يواجه البلد، إلى جانب الارهاب، يتمثل بتحدي انخفاض اسعار النفط عالميًا، فالحرب تكلف مبالغ طائلة".

عناصر من القوات العراقية

&

لكن عضو لجنة المالية النيابية مسعود حيدر، وفي حديثه إلى " إيلاف"، بشأن اعادة اعمار المناطق، أكد أن قانون الموازنة لعام 2016 لم يتضمن مادة خاصة بإعادة الاعمار، ولا يمكن أن تتحمل الحكومة اعباء هذا الملف وحدها، لأنه اكبر من قدرتها الاقتصادية، ولاسيما أن اغلب المناطق التي تشهد اعمالاً عسكرية هدمت بناها التحتية بصورة كاملة".

إعادة الثقة

وضعت التظاهرات الاحتجاجية العبادي على مفترق طرق في مواجهة استحقاقات جديدة حملت عنوان "الاصلاحات"، واعادة رسم خريطة تحالفات جديدة بعد اقالته نوابه الثلاثة، ونواب رئيس الجمهورية، إلا أن البعض يجده أخفق في بلورة موقف حازم يعكس حجم الصلاحيات والدعم، اللذين حصل عليهما، سواء من المرجعية أو من مجلس النواب أو الشارع لتعود أزمة الثقة مجددًا ماثلة.

يقول النائب مسعود حيدر بشأن اعادة الثقة بين المواطن والحكومة: "تلك الثقة ظهرت لفترة بين المواطن والحكومة لكنها بحاجة إلى تقويم بعض الشيء خصوصًا أن المواطن يبحث في الدرجة الاولى على الخدمات والامن، وكلتاهما ضعيفان بسبب غياب مشروع وطني كامل لبناء الدولة بالشكل الصحيح، وما نعاني منه اليوم هو تراكمات للاعوام الماضية".

ولم تشهد العلاقة بين العراق ومحيطه العربي والاقليمي تحسنًا ملحوظًا، بل على العكس جسّدت انعكاس انقسامات داخلية حيال تعاطي الحكومة مع أزمة القوات التركية أخيرًا، ووصلت حد اتهام الشارع العراقي لها بالعجز، فيما لم تُبْدِ موقفًا واضحًا وموحدًا من التحالف الإسلامي، مع حرص فصائل مسلحة على استمرار التحالف مع ايران في ظل استمرار التشكيك بجدية التحالف الدولي.