يعود اليمنيون اليوم إلى طاولة الحوار، برعاية جمال بن عمر، بعد اتفاق عقده مع الحوثي، قد يثمر إعلانًا مكملًا يشكل تراجعًا عن الاعلان الدستوري المعلن الجمعة الماضي من جانب واحد.


حيان الهاجري: أكدت مصادر مقربة من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، رئيس المؤتمر الشعبي العام، أنه عازم اليوم على المشاركة في الحوارات والمباحثات الجارية في فندق موفنبيك، تحت إشراف المبعوث الأممي جمال بن عمر. وأضاف المصدر تأكيده على أن قرار صالح جاء من أجل حسم الخلافات التي لو طال أمدها، والتي تهدد اليمن بعواقب وخيمة.

عقوبات خليجية وشيكة
وقالت صحفية "الخليج" إن وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي يعقدون اجتماعًا استثنائيًا خلال الساعات المقبلة للمجلس الوزاري الخليجي، يكرّس لبحث ومناقشة مستجدات التصعيد الطارئ في اليمن، عقب إصدار الحوثيين إعلانًا دستوريًا تضمن حل المؤسسات الشرعية الدستورية في البلاد.

ونقلت "الخليج" عن مصدر دبلوماسي خليجي في صنعاء تأكيده على أن الاجتماع المرتقب لوزراء خارجية دول مجلس التعاون سيخلص إلى فرض عقوبات على جماعة الحوثي، على رأسها رفض الاعتراف بأي إجراءات أو ترتيبات لوضع السلطة في اليمن، تتم بموجب الاعلان الدستوري الصادر منهم.

انسحاب السفراء
إلى ذلك، انسحب عدد من سفراء وممثلي البعثات الدبلوماسية الأجنبية العاملة في اليمن، من اجتماع موسع في مقر وزارة الخارجية اليمنية في صنعاء، عقد لإطلاعهم على مستجدات الأزمة السياسية غير المسبوقة التي تمر بها البلاد، عقب استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وإصدار الحوثيين إعلانهم الدستوري من طرف واحد.

ونفت مصادر دبلوماسية مسؤولة في وزارة الخارجية اليمنية لصحيفة "الخليج" أن يكون انسحاب السفراء احتجاجًا على طلب تأييدهم الإعلان الدستوري الحوثي، مؤكدةً أن سفراء تركيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي بادروا إلى الانسحاب من الاجتماع، الذي قاطعه أصلًا سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، احتجاجًا على طلب الخارجية اليمنية منهم النأي بأنفسهم عن موقف له انعكاسات سلبية على اليمن، ويؤدي إلى تعقيد الأوضاع القائمة، وهو ما فسّره السفراء المنسحبون بأنه دعوة إلى تعامل المجتمع الدولي مع المتغيّرات القسرية التي فرضها الحوثيون أمرًا واقعًا.

إعلان مكمّل
وعلى خط المبادرات التي يقوم بها بن عمر، كشفت تقارير يمنية تفاصيل اتفاق قالت إن المبعوث الأممي أبرمه مع عبد الملك الحوثي، لحل الانسداد في الأفق، الذي ظهر بعد إعلانه الدستوري.

ونقلت تقارير عن مصادر مقربة من مكتب بن عمر إيضاحها أن الإتفاق يتضمن إلغاء سلطة اللجان الثورية العليا ورئيسها القيادي في الجماعة، محمد علي الحوثي، الذي نصب نفسه رئيسًا على اليمن، واستقر في القصر الرئاسي، واستيعاب القوى غير الممثلة في البرلمان، من الحوثيين والحراك وغيرها، إضافة إلى أعضاء مجلس النواب القائم، ويكون هو المجلس الوطني، وتشكيل مجلس رئاسي توافقي بين القوى السياسية. وقالت المصادر إن "إعلانًا دستوريًا مكملًا"، يقضي بهذه البنود، سيصدر خلال أيام.

وقالت مصادر متقاطعة إن لإيران يدًا في "فرملة" الاعلان الدستوري الحوثي، إذ أبلغت جماعتها في اليمن أن بقاء هادي في الرئاسة خيار مقبول إن هو أراد العدول عن الاستقالة.

"لا فهلوة"
إلى ذلك، نقلت "الشرق الأوسط" عن مصدر في تكتل أحزاب اللقاء المشترك في اليمن قوله إن بن عمر سيقدم اليوم مشروع اتفاق جديد إلى القوى المتحاورة برعاية أممية.

وكانت مصادر أكدت الأثنين فشل الحوار السياسي في اليمن بمجرد استئنافه، بعد انسحاب ممثلي التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب التجمع اليمني للإصلاح من الجلسة، إثر تلقيهم تهديدات لفظية من مهدي المشاط، مدير مكتب عبد الملك الحوثي. وهذا ما أكده عبد الله نعمان، أمين عام التنظيم الناصري، لـ"الشرق الأوسط"، قائلًا: "ممثل الحوثيين وجّه إلينا تهديدات، وإنه لا يقبل منا الفهلوة، أي أنه لا يريدنا أن نتحدث على طاولة الحوار، بمعنى أن نظل صامتين، ونستمع فقط إلى إملاءاتهم على الطاولة، وهذا كلام مرفوض، ولا نقبله إطلاقًا".

أضاف: "بمجرد خروج أجهزة الإعلام من القاعة، فإذا بأحد ممثلي الحوثي يطلق تهديدات إليّ وإلى ممثل حزب الإصلاح، وهو الأمر الذي يعني أنهم لا يريدوننا أن نتحدث على طاولة الحوار في أي قضايا أو مطالب، فلم نقبل ذلك وانسحبنا".

وأعربت مصادر سياسية يمنية رفيعة لـ"الشرق الأوسط" عن استغرابها لعدم صدور إدانة صريحة وواضحة من قبل الأمم المتحدة لانقلاب الحوثيين على السلطة، ولإصدارهم إعلانًا دستوريًا وهيمنتهم على السلطة في اليمن بالقوة المسلحة.

في خندق واحد
ميدانيًا، تمكن الحوثيون من زجّ الجيش اليمني في حرب بالوكالة عنهم ضد القبائل في محافظة البيضاء. فقد شن الجيش اليمني مع مسلحي الحوثي هجومًا على مناطق في المحافظة، وسيطروا عليها بعد انسحاب القبائل المدعومة من تنظيم القاعدة منها.

وأوضح مسؤول محلي في المحافظة أن حملة عسكرية من الجيش ومسلحي الحوثي تقدموا في مناطق جبلية في بلدة ذي ناعم، بعد يومين من المعارك العنيفة، استخدمت فيها الدبابات والمدافع والرشاشات.

وقال مصدر لـ"الشرق الأوسط" إن عشرات من جنود الجيش سيطروا على منطقة الكسارة في ذي ناعم من دون مقاومة من القبائل التي انسحبت منها. وكان مسلحو القبائل وجماعة أنصار الشريعة نفذوا هجومًا قبل يومين على مواقع الحوثيين، ونصبوا الكمائن، واستولوا على معدات عسكرية وأسلحة متوسطة.

وأوضح أن جنود الجيش، الذين ينتمي معظمهم إلى وحدات ما كان يسمى الحرس الجمهوري، كانوا يتخفون وراء الزيّ الشعبي في معاركهم السابقة، لكنهم باتوا الآن يقاتلون بالزيّ العسكري، مستخدمين سلاح الشعب الثقيل والمتوسط، لافتًا إلى أن مخازن الجيش ومعسكراته باتت تحت تصرف الحوثيين، بينما يعتمد مسلحو القبائل على أسلحتهم الشخصية وما يستحوذون عليه في معاركهم مع الحوثيين.
&