جنيف: تدخل المفاوضات النووية بين ايران والقوى الكبرى الاحد مرحلة حساسة، اذ يلتقي وزير الخارجية الاميركي نظيره الايراني في سويسرا مع قرب انتهاء مهلة للتوصل الى اتفاق سياسي في 31 آذار/مارس تزامنا مع معارضة لهذا الاتفاق في طهران وواشنطن. ويبدأ جون كيري ومحمد ظريف جولة جديدة من المفاوضات يمكن ان تستمر حتى الجمعة، عشية عيد رأس السنة الفارسية (النوروز) في 21 آذار/مارس.

ومساء الاثنين يصل ظريف وزير الخارجية الايراني الى بروكسل في زيارة خاطفة يلتقي خلالها وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي ونظرائها الفرنسي والبريطاني والالماني.
وبعد 18 شهرا على المحادثات حول ملف ايران النووي وبعد تخطي استحقاقين سابقين، تسعى ايران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) التي تفاوض باشراف الاتحاد الاوروبي الى التوصل في نهاية الشهر الحالي الى اتفاق سياسي.

وسيحدد الاتفاق السياسي المحاور الكبرى لضمان الطابع السلمي للانشطة النووية الايرانية واستحالة توصل طهران الى صنع قنبلة ذرية. كما سيحدد مبدا المراقبة للمنشآت النووية الايرانية ومدة الاتفاق وجدول رفع تدريجي للعقوبات التي تخنق الاقتصاد الايراني. وقال مصدر دبلوماسي اوروبي انه قبل انخفاض سعر النفط، كانت فاتورة العقوبات 50 مليار دولار سنويا تضاف اليها 50 مليارا اخرى تشكل خسارة عائدات بيع نفط غير محققة، اي ما يشكل نحو 13 بالمئة من اجمالي الناتج الايراني.

وبعد ابرام الاتفاق السياسي يكون امام الطرفين حتى الاول من تموز/يوليو لابرام الاتفاق النهائي والكامل، والذي يتضمن كل التفاصيل التقنية. واشارت مختلف الاطراف اثر المفاوضات الاخيرة الى "تقدم"، حتى وان اختلفت لاحقا بشأن مقدار التقدم او "الخيارات السياسية التي لا يزال يتعين القيام بها".

والجمعة اعتبر دبلوماسي اوروبي رفيع المستوى ان المفاوضات في شأن بعض الجوانب الاساسية في الاتفاق حول البرنامج النووي الايراني ينبغي ان تتواصل، حتى لو توافقت طهران والقوى الكبرى على اطار سياسي مع نهاية اذار/مارس. لكن التطورات في الملف النووي تتزامن مع تصاعد الجدل في العاصمة الاميركية، ما يضع الرئيس باراك اوباما ووزير خارجيته جون كيري تحت الكثير من الضغط.

ففي التاسع من آذار/مارس بعث 47 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ رسالة مفتوحة الى المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي، يحذرون فيها من ان اي اتفاق حول البرنامج النووي قد يتم تعديله من قبل الكونغرس، وان الرئيس الاميركي المقبل يستطيع "ابطاله بجرة قلم". واعتبر وزير الخارجية جون كيري الرسالة عملا "غير مسؤول"، وينذر بتقويض ثقة الحكومات الاجنبية في اتفاقاتها مع واشنطن. واضاف ان هذه البادرة تاتي مخالفة "للاجراءات المعتمدة لاكثر من قرنين& في ادارة السياسة الخارجية الاميركية".

بدوره دان اوباما رسالة الجمهوريين، معتبرا انه "من المفارقة ان يشكل بعض البرلمانيين في الكونغرس جبهة مشتركة مع الايرانيين المؤيدين لاعتماد نهج متشدد". ولم يبد خامنئي في الشهر الماضي حماسة لمحادثات تجري على مرحلتين، لكنه اكد الخميس رغبة ايران في التوصل الى اتفاق. وقال "ان مسؤولي جمهورية ايران الاسلامية يعون ما يفعلون ويدركون ما عليهم فعله في حال الاتفاق حتى لا يتمكن الاميركيون من انتهاكه لاحقا"، معربا عن "القلق لان الطرف الآخر مخادع ويطعن في الظهر".

ولاحظ مصدر دبلوماسي ان هذه البادرة تثير قلق باقي الاطراف المفاوضة "ويمكن ان تؤدي الى انهيار الاتفاق". ونبه وزير الخارجية الالماني فرانك-فالتر شتاينماير الخميس الى ان هذه الرسالة "ليست قضية ذات شأن اميركي داخلي فحسب، وانما تؤثر على المفاوضات التي نجريها في جنيف"، مشيرا الى ان "الشكوك تزداد في الجانب الايراني حول جديتنا بشأن هذه المفاوضات".
&