وجدت تركيا، التي تسعى منذ سنين للانضمام للاتحاد الأوروبي، نفسها في مواجهة مع البرلمان الأوروبي حول إبادة الأرمن العام 1915.

نصر المجالي: أيد البرلمان الأوروبي قرارًا يوم الأربعاء يصف المذبحة التي جرت قبل قرن من الزمان، وراح ضحيتها زهاء 1.5 مليون أرمني، بأنها إبادة، وذلك بعد بضعة ايام من استخدام البابا فرنسيس نفس المصطلح.

وأصدر البرلمان ومقره ستراسبورغ القرار بأغلبية الأعضاء، يدعم مزاعم الأرمن المتعلقة بأحداث عام 1915، ويطالب تركيا بقبول المزاعم الأرمينية. وفور صدور القرار، اتهمت وزارة الخارجية التركية البرلمان بمحاولة إعادة كتابة التاريخ.

ويشار إلى أن تركيا مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المؤلف من 28 دولة، لكن محادثات الانضمام للاتحاد تتعثر على مدى سنوات دون إحراز تقدم يذكر.

وتعترف تركيا بمقتل مسيحيين من الأرمن في معارك مع الجنود العثمانيين بدأت في 15 ابريل (نيسان) عام 1915 عندما كانت أرمينيا جزءًا من الامبراطورية العثمانية، لكنها تنفي أن يكون القتل وصل إلى حد الإبادة الجماعية.

وتصف أرمينيا وبعض المؤرخين الغربيين والبرلمانات الأجنبية&عمليات القتل هذه بأنها إبادة.

حدة التوتر

وعلى الرغم من أن القرار يكرر عبارات تبناها البرلمان في عام 1987 إلا أنه قد يزيد من حدة التوتر مع تركيا، التي قال رئيسها طيب أردوغان حتى قبل إجراء التصويت إنه سيتجاهل نتيجته.

وأيد القرار 351 عضوًا مقابل رفض 269 عضوًا، في جلسة الجمعية العمومية التي عقدت بالعاصمة البلجيكية بروكسل، ودعت إليها مجموعة "الحرية الأوروبية والبريطانية والديمقراطية المباشرة"، التي تضم الأحزاب الرافضة للاتحاد الأوروبي، والأحزاب العنصرية، واليمينية المتطرفة في البرلمان الأوروبي.

وجاء في القرار أن "الاتحاد الأوروبي يشيد بالكلمة التي ألقاها بابا الفاتيكان في الذكرى المئوية للإبادة الجماعية بحق الأرمن، في 12 نيسان/أبريل، والتي كانت تحمل روح السلام والتفاهم". وبهذا القرار غير الملزم، والذي يصف أحداث عام 1915 بالـ"الإبادة"، دعا الاتحاد الأوروبي تركيا، إلى مواجهة ماضيها وقبول المزاعم الأرمينية التي تشير الى أن "أحداث إبادة جماعية وقعت بحقهم".

أرمينيا وتركيا

وأوصى القرار بتفعيل الاتفاقيات والبروتوكولات التي وقعت بين تركيا، وأرمينيا عام 2009، وفتح الحدود بين البلدين، وتحسين العلاقات بينهما، وأشار القرار الى أن البرلمان الأوروبي يرحب بتصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو حول أن "تركيا تشاطر آلام الأرمن بشأن أحداث 1915".

وقال قرار البرلمان إن مثل هذه البيانات تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنّ المشرعين حثوا تركيا على أن تخطو خطوة إضافية وتقر بأن ما حدث إبادة جماعية.

وكان بابا الفاتيكان فرانسيس، خلال قداس خاص في كاتدرائية القديس بطرس، بمشاركة الرئيس الأرميني سيرج ساركسيان، إحياءً لـ "ذكرى ضحايا الأرمن" الذين فقدوا حياتهم عام 1915، قال: "إنَّ أول إبادة جماعية في القرن العشرين وقعت على الأرمن".

وشارك في القدّاس، رئيس الكنيسة الأرمنية الرسولية كاريكين الثاني، والكاثوليكوس الحالي لـ "بيت كيليكيا الكبير" في لبنان آرام الأول كشيشيان.

غضب من البابا

وأغضبت تصريحات بابا الفاتيكان المسؤولين والرأي العام في تركيا، وعلى إثرها دعت تركيا سفيرها لدى الفاتيكان محمد باتشاجي للعودة إلى البلاد، من أجل إجراء مشاورات، فضلًا عن استدعاء وزارة الخارجية التركية، سفير الفاتيكان لدى أنقرة أنطونيو لوسيبيللو وتقديم احتجاج رسمي له بشأن التصريحات.

كلام أردوغان

وكان إردوغان قال في وقت سابق إن تركيا لن تأبه بتصويت البرلمان الأوروبي بهذا الشأن. وأضاف أردوغان في مؤتمر صحفي بمطار أنقرة قبل مغادرته في زيارة رسمية لكازاخستان، "ايًا كان القرار الذي سيتخذه البرلمان الأوروبي بشأن مزاعم الإبادة الجماعية للأرمن، فإنه سيدخل من أذن ويخرج من الأخرى".

وأضاف أنه لن تكون هناك بقعة تلوث تركيا وتعرف بإسم الإبادة الجماعية. وكان أردوغان عندما كان رئيسًا للوزراء العام الماضي قدم ما وصفته الحكومة بأنها مواساة لم يسبق لها مثيل لأحفاد الأرمن الذين قتلوا في الحرب العالمية الأولى.