تحل في هذا العام الذكرى المئوية الأولى للابادة الأرمنية، فتنطلق سلسلة إحتفالات تحت شعار "أنا أتذكر وأنا اطالب"، مجددة الدعوة للمساءلة والعقاب، من أجل التاريخ.
دبي: تتوالى المجازر يومياً في عصرنا الحديث، كل ساعة في سوريا مجزرة ببرميل من براميل الأسد، أو بغاز الكلور، أو ذبحًا بسكين داعش، وفي كل أنحاء العراق، حتى وصل القتل الجماعي، ولو مصغرًا، إلى متحف باردو بتونس. ورغم كل هذا القتل، لم ينسَ الأرمن أن العثمانيين قتلوهم يومًا، قبل مئة عام، فتحل الذكرى المئوية للمجازر الأرمنية في 24 نيسان (أبريل).
&
عند سفوح أرارات
&
في كل عام، يعبر الأرمن في هذا اليوم عن سخطهم من المجازر التي حلت بشعبهم، وعن سخط أكبر لتجاهل العالم ما حل بهم، وبمسألة الفرار من العقاب، الذي ما زال الأرمن يطالبون به بعد مئة عام، وهم يتوافدون لزيارة شعلة دهرية أضيئت على جبل قرب يريفان، عاصمة أرمينيا، للصلاة على أرواح 1,5 مليون أرمني أبادهم العثمانيون، وللتذكير بأن الابادة الأرمنية ما زالت بلا عقاب.
&
في هذا العام، عام المئوية، وقبل أن يحل يوم الذكرى، انعقد في يريفان مؤتمر عنوانه "عند سفوح أرارات"، شارك فيه ممثلون عن الشتات الأرمني في أصقاع الدنيا، فيهم الاعلاميون والسياسيون ورجال الأعمال، تحضيرًا لاطلاق الاحتفالات المئوية، التي تتخذ "المسؤولية الاخلاقية" عنوانًا، التي عرّفها أحدهم بأنها حدود التسامح في المجتمعات الديموقراطية مع المجازر.
&
أتذكر.. أطالب
&
شارك الرئيس الارمني سيرج سرغايان في المؤتمر، مؤكدًا رغبة أرمينيا في عقد السلام مع جيرانها، واستنكارها الحروب، مع استذكارها ضحايا الابادة. كما طرح المشاركون مسألة المساءلة والعقاب، متسائلين عن أسباب إسقاط المساءلة عمن ارتكب جرائم الابادة بحق الأرمن، بينما تمت محاسبة آخرين، كالمسؤولين عن الجرائم في يوغوسلافيا. كما أكدوا أن لا حق يضيع وراءه مطالب، لذا كان اعتماد "انا أتذكر وأنا أطالب" عنوانًا للمئوية الاولى للابادة.
&
ينضم المشاركون في المؤتمر إلى جموع ارمنية أخرى، تحتشد عند نصب تذكاري ومتحف للابادة، على تل عالٍ يشرف على يريفان، ويمكن منه رؤية جبل أرارات، الذي يشكر رمز النضال الأرمني من أجل استعادة الحقوق السليبة. هناك، يحتشد مئات الأرمن، وبأيديهم باقات الورد، يضعونها تحت شعلة لا تنطفئ، ويرتلون الصلوات الحزينة على من قتلوا في الابادة، ويستعيدون ما حصل إذ يزورون المتحف، ويحدقون في الصور وبقايا الناجين وحوائجهم الشخصية، ويشاهدون الافلام الوثائقية عن الابادة والاتهام والانكار، كي لا ينسوا، وكي تستمر الذكرى متوقدة، من جيل إلى جيل.&
&
تضارب في بيروت
&
الحزن المجبول بغصة في أرمينيا قابله عنف وتضارب أرمني – تركي في بيروت، بين شبان وشابات أرمن وحرس السفارة التركية، بعد وقفة احتجاجية نفذها الشباب الأرمني في أحد مجمعات بيروت التجارية، حيث تعرض إحدى صالاتها السينمائية فيلمًا تركيًا يستعيد البطولات التركية في معركة غاليبولي ضد الحلفاء.
&
وقف الشباب الأرمن حاملًا أعلام أرمينيا وقبرص ولبنان واليونان، أي كل الدول التي تعرضت للبطش العثماني، مطالبين بوقف عرض الفيلم، ما تطور إلى إشكال وضرب بالأيدي بينهم وبين حرس السفير التركي في لبنان.
&
واصدر حزب طاشناق الأرمني في بيروت بيانًا قال فيه: "ها نحن اليوم امام مشهد تركي انتهازي جديد، ألا وهــو عرض فيلم SON MEKTUP في صالات السينما اللبنانية، وهو انتاج تركي دعائي ليس الّا، ويسرد هذه المرحلة من التاريخ العثماني الدموي والظالم".&
&
زيف تاريخي
&
واضاف البيان أن النشاطات التركية الزائفة اثارت وتثير غضبًا واستياء عارمين في العاصمة الأرمنية يريفان، وفي جميع انحاء العالم، "حيث يرى فيها الشعب الارمني محاولة تركية مفضوحة لتزوير التاريخ"، غامزًا من قناة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي دعا العالم إلى مشاركة تركيا الاحتفال بانتصارها في معركة غاليبولي يوم 24 نيسان (أبريل) القادم.
&
وتابع بيان طاشناق: "يحاول بعضهم الإيحاء بأن السبب في حصول هذا التوتر الجديد هو مصادفة تاريخية مع ذكرى إبادة الأرمن في 24 نيسان (أبريل) 1915، في حين أن معركة غاليبولي اندلعت يوم 18 آذار (مارس) من العام نفسه، بإنزال نفذته قوات إنكليزية ونيوزيلاندية واسترالية وفرنسية في شبه جزيرة غاليبولي، الواقعة حاليًا في شمال غربي تركيا، وليس في 24 نيسان (أبريل)، حيث يسعى الرئيس التركي إلى إرباك المجتمع الدولي، وإحراج رؤساء الدول لثنيهم عن الحضور إلى أرمينيا، والتوجه بدلًا من ذلك إلى اسطنبول".
التعليقات