لطالما قدم الرئيس اليمني المخلوع علي صالح عروضًا لدول عاصفة الحزم بتأمين مخرج آمن له مقابل تخليه عن الحوثيين، لكنه جوبه بالرفض، لذا هرب إلى الأمام مؤكدًا "تمسكه" ببلاده.


ساره الشمالي: نفى الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح نيته الخروج من اليمن، ناشرًا على صفحته الخاصة بموقع فايسبوك: "لست من النوع الذي يرحل ليبحث عن مسكن في جدة، أو أبحث عن مسكن في باريس، أو في اوروبا، بلادي هي مسقط رأسي، ولم ولن يخلق من يقول لعلي عبدالله صالح أخرج من بلادك".

وهذا الكلام مناقض لكل ما يثار عن سعي صالح الدؤوب للخروج من الأراضي اليمنية، إلى أي دولة خليجية قد تقبل به، هربًا من وجه عاصفة الحزم التي كبدت القوات الموالية له، والمتحالفة مع ميليشيا الحوثي، خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.

وكانت تقارير عديدة نقلت عن مصادر مختلفة تأكيدها أن صالح سعى، وما زال يسعى، للتوصل إلى اتفاق مع الدول المشاركة في عملية عاصفة الحزم، وعلى رأسها السعودية، عارضًا أن يقدم تنازلات في سبيل ذلك، مؤكدًا استعداده التخلي عن الحوثيين لو ضمنت له السعودية خروجه آمنًا.

وما تأكيده أنه لن يخرج من بلاده إلا اعترافًا برفض السعودية ودول الخليج عروضه هذه، بعدما طعن المبادرة الخليجية، التي أمنت له مخرجًا آمنًا من قبل، في ظهرها بتحالفه مع الانقلاب الحوثي على الشرعية اليمنية.

وهذا التحالف جلب الويلات على اليمن، إذ أبدى ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام لأمم المتحدة، قلقه بشأن القدرة على توفير الغذاء الضروري للملايين في اليمن، مؤكدًا أن برنامج الغذاء العالمي وشركاءه سيوزعون الطعام على 150 ألف نازح في عدن خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقال إن المنظمات الدولية تواجه صعوبة في توفير الغذاء لملايين آخرين يعانون أوضاعًا إنسانية صعبة بسبب النزاع الدائر.

القاعدة تستفيد

استفاد تنظيم القاعدة من الفوضى التي تعم البلاد، حيث استولى الجمعة على معسكر مهم تابع للجيش اليمني في مدينة المكلا كبرى مدن محافظة حضرموت في جنوب شرق اليمن، وصادر أسلحة ثقيلة كانت داخله، بحسب ما افاد مسؤول محلي.

وقال المسؤول في المحافظة ان مقاتلي القاعدة سيطروا الجمعة على معسكر"اللواء 27 المؤلل وعلى اسلحة ثقيلة بينها دبابات ومدافع"، مؤكدا ان المتمردين الاسلاميين باتوا يسيطرون على مجمل المكلا، وذلك غداة سيطرتهم على مطارها. واكد سكان في المدينة في اتصال مع فرانس برس سقوط المعسكر، الذي اكد المسؤول المحلي نفسه انه تم "من دون مواجهات". ويقع معسكر اللواء 27 شرق مدينة المكلا، وكان الموقع الاخير في المدينة الذي لم يسقط بعد بأيدي تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.

الأمم المتحدة تطالب بهدنة
هذا وطلبت الامم المتحدة وقفا فوريا لاطلاق النار في اليمن، حيث اوقعت المعارك بين انصار الرئيس اليمني وخصومه وحملة الغارات الجوية العربية ضد المتمردين مئات القتلى، وتسببت بازمة انسانية خطيرة منذ حوالى شهر.

وبعد غارات مكثفة ليل الخميس في شمال البلاد، قصفت طائرات التحالف العربي الذي تقوده السعودية الجمعة مرتين مخزنًا للسلاح في شرق العاصمة صنعاء بحسب شهود. وتصاعدت سحب الدخان من المكان العائد الى الحرس الجمهوري، الذي لا يزال مواليا للرئيس السابق علي عبدالله صالح المتحالف مع المتمردين الحوثيين.

وقصف التحالف ايضًا مدينة عدن جنوبًا، حيث قتل قيادي من الحوثيين في غارة استهدفت سيارته وفق مصدر عسكري. وفي الاجمال قتل 76 شخصا خلال 24 ساعة في جنوب البلاد، حيث يتواجه انصار الرئيس عبدربه منصور هادي مع الحوثيين وحلفائهم.

بدورها، تعرضت مدينة تعز في جنوب غرب البلاد لغارات هدفت الى منع الحوثيين من السيطرة على احد المعسكرات، وفق مصدر عسكري. وافاد مصور فرانس برس في المكان ان القصف استهدف القصر الرئاسي في المدينة ودمره تماما. وازاء خطورة الوضع، دعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى هدنة "فورية" في البلاد.

وقال مساء الخميس في واشنطن "ان عملية السلام المدعومة من الامم المتحدة هي افضل سبيل للخروج من هذه الحرب المستمرة منذ زمن بعيد، ولها عواقب كارثية على الاستقرار الاقليمي". وبعد استقالة موفده الى اليمن جمال بن عمر، قال بان انه يبحث عن وسيط جديد "يمكن ان يتوجه فورا" الى المنطقة.

أكثر من 700 قتيل حوثي
وافادت حصيلة الجمعة لمنظمة الصحة العالمية ان النزاع في اليمن اوقع 767 قتيلا و2906 جرحى منذ 19 اذار/مارس الفائت. كما دفعت اعمال العنف آلاف الاجانب الى مغادرة البلد، وادت الى ازمة انسانية بسبب تناقص المؤن والادوية والماء والكهرباء والمحروقات في غالبية المناطق.

وقامت المانيا الجمعة باجلاء "اكثر من مئة شخص" من بينهم المان واخرون من جنسيات اوروبية اخرى. وفي اوسلو اعلنت السلطات اطلاق سراح صحافية نروجية كانت محتجزة منذ اذار/مارس الماضي في اليمن بعد اتهامها بالتجسس.

والجمعة، وجّهت الامم المتحدة وشركاؤها في المجال الانساني في اليمن نداء عاجلا للحصول على مساعدة انسانية بقيمة 274 مليون دولار لتلبية حاجات 7.5 ملايين نسمة تأثروا جراء تأجيج النزاع. وحذر منسق المساعدات الانسانية يوهانس فان دير كلو من ان "الاف الاسر فرت من منازلها بسبب المعارك والغارات الجوية. وتجد العائلات صعوبة في الحصول على المياه او العلاج الطبي او المواد الغذائية او الوقود".

نقص الغذاء والدواء
وفي جنيف، اعرب مسؤول اللجنة الدولية للصليب الاحمر في اليمن سيدريك شوايزر عن اسفه للتدهور السريع للوضع الانساني في اليمن، واوضح ان احدى المشكلات الرئيسة هي نقص الوقود والمواد الغذائية والادوية خاصة للمرضى المصابين بامراض مزمنة.

وقال في مؤتمر عبر الفيديو الجمعة "لم يعد هناك واردات في اليمن، نتحدث عن الغذاء والوقود والادوية". واضاف "اننا نحتاج بشكل عاجل إيجاد سبيل من اجل ادخال مواد غذائية الى اليمن" وإلا فان الوضع سيطرح "مشكلة كبيرة في الاسابيع المقبلة". وشدد بان كي مون على انه "قد حان الوقت لدعم (فكرة) الممرات الانسانية التي تتيح عبور المساعدة التي تنقذ ارواحا، والمرور الى السلام الحقيقي".

كما اجرى بان مساء الخميس اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الذي دعا مجددا الى الحوار بين اطراف النزاع.


&