نشبت خلافات حادة بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية في مصر، بسبب رفض قسّ أرثوذكسي الصلاة على عروسين توفيا ليلة زفافهما، معتبرًا أن الصلاة على غير الأرثوذكس محرّمة.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: أثار رفض قس مصري يتبع الطائفة الأرثوذكسية الصلاة على عروسين توفيا بعد ليلة واحدة من زفافهما، الكثير من الغضب في أوساط الطائفة الإنجيلية التي يتبعانها.&

كشف الموقف عن وجود خلافات عقائدية عميقة بين الكنيستين الأرثوذكسية والإنجيلية في مصر. ورفضت كنيسة أرثوذكسية في قرية أتليدم في محافظة المنيا الصلاة على زوجين يتبعان الطائفة الرسولية الإنجيلية (البروتستانت)، توفيا بعد ليلة من زفافهما، بينما عرض المسلمون على أسرة الزوجين الصلاة على جثمانيهما في المسجد، بينما أصرّ قس الكنيسة الأرثوذكسية على موقفه. أثار الموقف غضب المسيحيين الإنجيليين في مصر.
&
غير جائزة!
من جانبه، قال كاهن كنيسة الشهيد مارجرجس للأقباط الأرثوذكس في القرية، القس تادرس سمعان، إن العقيدة الأرثوذكسية ترفض الصلاة على الموتى من غير المؤمنين بها.&
&
أضاف لـ"إيلاف" أن الكنيسة لم تغلق في وجه المعزّين، مشيرًا إلى أنه عرض على أسرة المتوفي إقامة العزاء في قاعة في الكنيسة، إلا أنها رفضت. ولفت إلى أن الصلاة على الموتى من الطوائف الأخرى لا تجوز. ونبّه إلى أن بعض القساوسة البروتستانت هم من يروّجون شائعات ضده، بغرض إثارة البلبلة بين الطوائف المسيحية.
&
واعتبر القس الإنجيلي رفعت فكري رفض كاهن أرثوذكسي الصلاة على عروسين متوفين من الطائفة الإنجيلية أنه مؤشر إلى وجود تعصب من طرف ضد الآخر.&
&
عقائدي وإنساني
وأضاف لـ"إيلاف" أن ما حدث ظرف طارئ، وكان يجب التعامل معه بشكل إنساني، مشيرًا إلى أن راعي الكنيسة الإنجيلية لم يكن متواجدًا، فضلًا عن أن مساحتها صغيرة، لذلك طلبت أسرة المتوفين الصلاة عليهما في الكنيسة الأرثوذكسية. ولفت إلى أن الصلاة عليهما لن تكون وفقًا للعقيدة الأرثوذكسية، ولكن وفقًا للعقيدة الإنجيلية، معتبرًا أنه كان يجب مراعاة الظرف الإنساني.
&
وبررت الكنيسة الأرثوذكسية موقفها بأن عقيدتها ترفض الصلاة على الموتى من أية طائفة أخرى. وقال مطرانية المنيا للأقباط الأرثوذكس: إن "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تتمسك بطقوسها التي تمنع الصلاة على الموتى من غير الأرثوذكس".
&
وأوضحت الكنيسة في بيان لها أن "الأمر له شقان عقائدي وإنساني، تصرف الأب الكاهن الذي رفض الصلاة بناء عليهما، فمن الناحية العقائدية لا تستطيع الكنيسة الأرثوذكسية الصلاة إلا على ميت أرثوذكسي، وتقرأ عليه أوشية الراقدين التي تقرأ فيها الآية "ثبّتنا على الإيمان الأرثوذكسي إلى النفس الأخير، والمتوفي تزوج وفقًا لعقيدته في الكنيسة الرسولية قبل وفاته بيوم".&
&
وأضاف بيان الكنيسة القبطية: "الكنيسة الرسولية (وهي طائفة المتوفي) ليست بعيدة عن المشيّعين، فهي تقع على بعد أمتار من الكنيسة القبطية في القرية نفسها، وإذا كان القسيس في إجازة، هناك دائمًا من يحل محله في مثل تلك الظروف. من ناحية أخرى، فإن الزوجة المتوفاة قام أهلها بالصلاة عليها في الكنيسة الرسولية في بلدتها شوشة، التابعة لمركز سمالوط، من دون أيّة ضجّة أو مشكلة، وكما يحدث دائمًا، ومن دون متاجرة بالحدث، أن يُصلّى على كل شخص في الكنيسة أو المعبد الذي ينتمي إليه.
&
اختلاف كبير
ولفتت الكنيسة إلى أن: "إخوتنا البروتستانت لا يؤمنون بجدوى الصلاة على الراقدين، ويهاجمون الكنيسة فيها، وهم يرفضون تعليم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبالتالي فكيف يهاجمونها لأنها لم تصلِّ على شخص رسولي توفي، وهو يتبعهم في معتقده؟، إن لفي هذا تناقضًا واضحًا" على حد قول الكنيسة.
&
وأشارت إلى أن: "صلاة الجناز تحتوي على كل عقيدة الكنيسة، سواء قانون الإيمان، وما يفيد أن المنتقل أرثوذكسي، كما إن الأب الكاهن يصلي صلاة التحليل، والبروتستانت لا يؤمنون بذلك، وفيها رفع بخور، وهم يهاجمون البخور، كما إن الشخص الذي يقوم بالصلاة هو كاهن قبطي، وهم يرفضون الكهنوت أساساً!، كما إن الصلاة على الراقدين ليست لتعزية الأسرة والشعب ووعظهم فقط، وإنما تشارك الأعضاء جميعًا".
&
في ما يخص الوضع الإنساني لأسرة الميت، قالت الكنيسة القبطية: "الأب الكاهن عرض على أسرة المتوفي حلًا وسطًا يرضيهم، وفي الوقت عينه لا يخالف به القوانين الكنسية، ولكنهم رفضوا، كما عرض عليهم استقبال العزاء في قاعة الكنيسة القبطية، ولكنهم رفضوا ذلك أيضًا"، مشيرة إلى أن "الآباء الكهنة قاموا بتقديم واجب العزاء إلى أسرة المتوفي، وستظل رعايتهم لهم جميعًا في جميع نواحي حياتهم أمرًا لا مزايدة عليه، كما إن أسرة المتوفي تربطها علاقة طيبة ومتينة بالآباء الكهنة هناك، والحديث عن المحبة والتسامح لا يتعارض مع الإيمان، فالمسيح وهو المحبة ذاتها لم يتفاوض في الإيمان والعقيدة، بل شرحها في أحاديث طويلة في أكثر من موضع".&
&
واعتبرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أنها "لم تحد عن الإيمان القويم، منذ جاء إليها القديس مار مرقس في القرن الأول وحتى الآن، ومع ذلك فنحن لا نسفّه آراء الآخرين، بل نحترم الكل في ما يذهبون إليه، إنما فقط نتمسك بعقيدتنا، وندافع عنها ونشرحها، مسامحين كل من يتطاول علينا أو يسيء إلينا باسم التسامح والمرونة والحب".
&
&