حقق الأقباط أعلى نسبة من المقاعد في تاريخ الانتخابات البرلمانية، بعدما حصدوا 36 مقعدًا في البرلمان، نجح منهم 24 نائبًا على نظام القوائم، و12 نجحوا في الفردي، ليشكلوا بذلك أكبر تكتل قبطي منذ نشأة البرلمان المصري.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: يكتسب البرلمان المصري الحالي أهمية خاصة في تاريخ الحياة النيابية، لاسيما أنه يعتبر الأعلى في تاريخ مصر من ناحية مشاركة نسبة النواب الأقباط، ليكون الأعلى في تاريخ الانتخابات المصرية، بعدما حصدوا 36 مقعدًا في البرلمان، نجح منهم 24 نائبًا على نظام القوائم، و12 نجحوا في الفردي؛ ليشكلوا بذلك أكبر تكتل قبطي منذ نشأة البرلمان، بشكله القديم أو الحديث.

وفقًا لرؤية المحللين السياسيين، فإن وجود هذا التكتل داخل البرلمان سوف يحقق الكثير من مطالب المسيحيين في مصر، وعلى رأسها خروج قانون دور العبادة الموحد، وقانون الأحوال الشخصية للأقباط.

سد فجوة
سجل الأقباط أكبر مشاركة لهم في برلمان 1942م بواقع 27 عضوًا منتخبًا، وتلاه في العدد برلمان 1926م بواقع 23 عضوًا، في الوقت الذي شهدت فيه فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصر عزوفًا من الأقباط عن المشاركة في الحياة السياسية، الأمر الذي دفعه إلى إدخال نص المادة 87 في دستور 1953م، وهي: "من حق رئيس الجمهورية أن يعيّن 10 نواب من بين 360 في مجلس الأمة"؛ لسد فجوة عدم مشاركة الأقباط في الحياة السياسية وعدم مباشرة حقوقهم السياسية، ولكن لم يأت ذلك بنتيجة واضحة، وخلا برلمان 1957م من أي تمثيل قبطي، بينما شهدت فترة حكم السادات أكبر نسبة تعيين للأقباط بواقع 10 أعضاء، فيما لم يتجاوز عدد الأقباط في أي من برلمانات عصر مبارك الـ9 أعضاء من المعينين والمنتخبين معًا، ففي عام 1995م ترشح 57 قبطيًا، ولم ينجح أحد، وفي 2000م رشح الحزب الوطني أربعة أقباط في انتخابات مجلس الشعب "النواب حاليًا".

وفي انتخابات برلمان عام 2010م حصل الأقباط على أحد عشر مقعدًا في برلمان ما بعد ثورة يناير، ستة منهم بالانتخاب، وخمسة بالتعيين من بين 508 مقاعد، أي إن النسبة تصل إلى نحو 2% من إجمالي عدد النواب، حتى حصلوا على أعلى عدد من المنتخبين بعد ثورة 25 يناير في برلمان الإخوان 2012 م بواقع 7 أعضاء.

منذ بدأت الحياة البرلمانية في مصر بزغ نجم العديد من الشخصيات القبطية كوجوه برلمانية خلدّها التاريخ، بدءًا من واصف باشا، الذي كان رئيسًا للبرلمان المصري خلال دورتين، مرورًا بمكرم باشا عبيد، وحتى يوسف بطرس غالي فى آخر برلمان قبل ثورة يناير، وسامح مكرم عبيد في برلمان الإخوان "2011م".

ويعتبر مكرم عبيد باشا، القبطي الوفدي اللامع، ووزير المالية السابق، إحدى أهم الشخصيات القبطية التي كان لها دور برلماني بارز، وفي السنوات الأخيرة برزت أسماء عدة كشخصيات قبطية برلمانية، أبرزهم يوسف بطرس غالي، وزير المالية السابق، وجورجيت قلليني، التي تم تعيينها في برلمان 2005، وسامح مكرم عبيد، ورجل الأعمال رامي لكح والدكتورة منى مكرم عبيد.

مؤشر وحدة
هذا وقد سادت حالة من الترحيب الكبير لجموع الأقباط في مصر بالنتائج التي حققها النواب في الانتخابات، واعتبر "ائتلاف أقباط مصر" أن تمثيل الأقباط داخل البرلمان هو الأعلى في تاريخ مجلس الشعب منذ تأسيسه. وأضاف أن ترحيبهم ليس فقط بعدد التمثيل للأقباط، بل إن من تم انتخابهم يعتبرون خير من يمثل المصريين جميعًا أمام الدولة، كما أبدى العديد من المفكرين الأقباط سعادتهم بتمثيل الأقباط، واعتبروا ذلك مؤشرًا كبيرًا إلى تحقيق الوحدة الوطنية.

من جانبه أكد الدكتور جمال زاخر، المفكر القبطي، أن حصول الأقباط على هذه النسبة المرتفعة من المقاعد منذ ثورة 1952، هي خطوة على الطريق الصحيح ونتاج حقيقي لتغيير فكر الناخب المصري عقب ثورة 30 يونيو، وسقوط التيارات الإسلامية التي كانت سببًا مباشرًا في وجود التصويت الفئوي والديني ضد الأقباط على مدار السنوات الماضية.

الكفاءة تتقدم
ورأى زاخر أن النسبة التي حصدها الأقباط داخل البرلمان دليل على أن المناخ قد تغير، بدليل فوز مرشحين أقباط في دوائر غالبيتها مسلمة، مؤكدًا ﻠ"إيلاف" أن مبدأ المواطنة أصبح يجمع المصريين، حيث إن تقويم الناخب للمرشح بات إلى حد ما يتم وفقًا لشخصه وكفاءته، وبعد ذلك يأتي الدين. ودعا جميع نواب الأقباط إلى العمل على تحقيق أحلام الشعب المصري جميعًا تحت قبة البرلمان، بما يصب في مصلحة تفعيل المواطنة والوحدة بين الأقباط والمسلمين.

من جانبها، قالت مارجريت عازر، عضو مجلس النواب عن قائمة "في حب مصر"، ﻠ"إيلاف": "إن نسبة تمثيل الأقباط في البرلمان لاتزال ضئيلة مقارنة ببرلمانات قبل ثورة 1952، حيث إنها لا تتعدى حاجز الـ 7%"، مضيفة أن الأعضاء الأقباط في البرلمان ليست لديهم أجندة خاصة، بل يمثلون جميع فئات الشعب من دون استثناء لفئة على أخرى، منوهة بأنهم مصريون حقيقيون، وتم انتخابهم من قبل الشعب كله، وليس من الأقباط فقط، ومشيرة إلى أن الأقباط جزء من المجتمع المصري.

وأشارت إلى أن فوز عدد كبير من الأقباط في هذه الانتخابات هو ثمار ثورتي 25 يناير و30 يونيو اللتين كانتا سببًا حقيقيًا في تغيير فكر الناخب والاختيار على أساس برنامج المرشح بعيدًا عن التعصب الديني، لافتة إلى أن أهم أولويات نواب الأقباط& داخل البرلمان هي قضايا العدالة الاجتماعية وقوانين بناء الكنائس والأحوال الشخصية والأسرة.

&