واشنطن: يرى مسؤولون اميركيون ان روسيا تتخذ خطوات حثيثة لترسيخ مكاسبها في سوريا مع اقتراب نهاية ولاية باراك أوباما وقبل تولي إدارة أميركية قد تكون أكثر تشددا الحكم، لا سيما مع دخول السياسة الاميركية في سوريا في طريق مسدود.

وتكثف روسيا جهودها لتعزيز موقع حليفها بشار الاسد، في ظل غياب أي مؤشر الى تغيير محتمل في سياسة واشنطن في سوريا.

وعبر المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس مايك بنس عن موقف مخالف لموقف دونالد ترامب من خلال الدعوة الى شن غارات على القوات السورية.

وقال بنس ان "زعيم روسيا الصغير والمستقوي يملي اليوم شروطا على الولايات المتحدة (...) اريد ان اقول لكم انه يجب استخدام القوة الاميركية للرد على استفزازات روسيا".

واضاف "اذا واصلت روسيا دعم هذا الهجوم الوحشي على المدنيين في حلب، على الولايات المتحدة الاميركية ان تكون مستعدة لاستخدام القوة وضرب اهداف عسكرية لنظام الاسد".

ودعت المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون كذلك الى تحرك أقوى واقترحت فرض منطقة حظر للطيران، لكنها لم توضح كيف يكون ذلك عمليا.

اما دونالد ترامب فأرسل اشارات متناقضة، معتبرا مرة ان بوتين يمكن ان يكون صديقا للولايات المتحدة واخرى ان اوباما ضعيف لمواجهته.

وقال ترامب لمؤيديه الاربعاء في نيفادا "انا لا احب بوتين، ولا اكرهه. سنرى كيف تسير الامور. سنرى (...). ربما تكون بيننا علاقة جيدة. ربما تكون علاقة رهيبة. ربما تكون علاقتنا في الوسط".

واندلع النزاع السوري قبل خمس سنوات ونصف بعد ان قمعت قوات الامن السورية حركة احتجاج ما لبثت أن تطورت الى حرب أهلية برزت خلالها تنظيمات جهادية تجاهر بنواياها تنفيذ اعتداءات على الغرب.

وركز اوباما على بناء تحالف دولي لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية، متوقعا سقوط الاسد امام قوات المعارضة. لكن الاسد صمد. وأرسل بوتين السنة الماضية طائرات وقوات لمساندة حليفه ما أدى الى استمرار النزاع الذي أودى بحياة 300 الف شخص.

وهدد تدفق اللاجئين الهاربين من الحرب بزعزعة الوضع في الدول المجاورة وتسببت موجة الهجرة الى اوروبا بصعود التيارات الشعبوية فيها.

هجوم كثيف

لكن اوباما الذي وعد بعدم شن "حرب غبية" كتلك التي بدأها جورج بوش في العراق، تردد في الانخراط في النزاع وتردد في توجيه ضربة عسكرية الى نظام الاسد بعد اتهامه بشن هجوم كيميائي في 2013. ولجأ الى الدبلوماسية التي انتهت بموافقة دمشق على التخلص من ترسانتها من الاسلحة الكيميائية.

كما عمل وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع موسكو على إقناع الاسد والمعارضة التي تصنفها واشنطن معتدلة، باعلان هدنة واجراء مفاوضات.

لكن الهدنة التي اعلنت الشهر الماضي بالكاد صمدت اسبوعا وتبادلت واشنطن وموسكو اللوم بعد انهيارها، في حين بدأت القوات السورية هجوما كثيفا على الاحياء التي تسيطر عليها المعارضة في شرق حلب.

وتؤكد موسكو انها ترغب في مواصلة التفاوض، لكن المسؤولين الاميركيين يقولون ان موسكو تريد ان يسيطر الاسد على حلب لكي تكون في موقع قوة قبل بدء اي مفاوضات مع الادارة الاميركية الجديدة.

اذا، ما سيكون الموقف بعد أربعة اشهر مع الرئيسة كلينتون او الرئيس ترامب؟

ويتوقع معظم المراقبين ان تكون هيلاري كلينتون اكثر تشددا من اوباما بعد ان فشلت في إعادة بناء العلاقات مع موسكو خلال توليها وزارة الخارجية.

وفي تصريح لم يكن يتوقع بثه، قال كيري الشهر الماضي انه فشل في اقناع ادارة اوباما بتوجيه ضربة للاسد.

ويتخذ دونالد ترامب موقفا أقل وضوحا. فرغم اعلانه أنه يؤيد إرسال 30 الف جندي للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا، يبدو موقفه مبهما من الاسد. كما انه اكد رغبته في العمل مع بوتين وبأن تنأى الولايات المتحدة بنفسها عن حلفائها وان تتوقف عن لعب دور شرطي العالم.

وقال ترامب لصحيفة "نيويورك تايمز" في يوليو "اعتقد ان علينا التخلص من داعش قبل التخلص من الاسد (...) انظر، الاسد يكره داعش وداعش يكره الاسد. انهما يتقاتلان. فهل علينا ان نذهب ونقاتلهما معا؟".

وقال ترامب خلال احدى حملاته "أليس من المستحسن ان نتفق مع روسيا؟ ألن يكون جميلا اذا ما اتفقنا مع روسيا وقضينا معا على داعش؟".

وتقول دانيال بلتكا من معهد "اميركان انتربرايز انستيتيوت" ان ايا من المرشحين لم يعبر عن استراتيجية منسجمة، وكل من روسيا والصين مستعدتان للاستفادة من ذلك".

وتضيف "لا اعتقد انه يمكننا الوثوق بأي منهما (...) بعد ان اصبح بوتين وبكين في موقع أقوى على مر السنوات الثماني الماضية، لا اعتقد ان هناك اي شك في انهما سيزدادان قوة مع ما نشهد من عدم الاستقرار والتقلب والتردد".