بغداد: يعتبر الشرطي أحمد معركة استعادة مدينة الموصل التي بدأت الاثنين فرصة لاستعادة منزله ولقاء اقربائه المحاصرين داخل المدينة التي يسيطر عليها الجهاديون منذ حزيران/يونيو 2014.

وشن تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف قبل سنتين هجوما شرسا على مدينة الموصل، اكبر مدن محافظة نينوى وثاني مدن العراق وأكبر معاقل الجهاديين في البلاد. وأصيب أحمد بجروح في رجله اثر تعرض قوة امنية الى هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة خلال مشاركته في الدفاع عن مدينته.

وأرغم احمد بعد ذلك على الانسحاب مع باقي القوات الامنية، وتوجه الى منزل احد اصدقائه لفترة ثم انتقل مع عائلته للعيش اكثر من ستة اشهر في مخيم للنازحين، ثم الى منزل أحد اقربائه في محافظة نينوى. 

وينظر العديد من عناصر القوات العراقية الى معركة استعادة الموصل من قبضة الجهاديين على انها انتقال الى مرحلة جديدة بعد الهزيمة التي تركت أثرا سيئا جدا لديهم. وتمثل استعادة المدينة تحديا على المستوى الشخصي بالنسبة الى أحمد الذي ولد هناك وما زال لديه اهل واقرباء في المدينة. 

ويقول احمد لفرانس برس ان العودة الى مدينته "تعني الكثير، عودة بيتي ومنطقتي التي ترعرعت فيها، وانقاذ اهلي واقاربي. أريد ان أخلصهم". ويضيف "نشعر دائما بان الدولة تنظر لنا كخونة ونريد ان نثبت لهم باننا عكس ذلك ونحن جزء من العراق".

وتحدثت تقارير يوم انسحاب القوات العراقية من الموصل عن "انسحاب سريع" و"فوضى" في الدفاع عن المدينة. 

- "معنوياتنا كانت منهارة" -ويشير أحمد الذي التحق بالعمل كشرطي قبل عامين من اجتياح الموصل بانه كان يعيش مع والديه وخمس اخوات واربعة اخوة في بيت واحد في الموصل. 

عندما هاجم الجهاديون المدينة، كان احمد احد افراد الدوريات التي اشتبكت مع المسلحين لساعات، ولم ينسحبوا حتى نفد عتادهم وقتل اثنان منهم. بعد انسحابهم الى موقع جديد، تعرضوا الى هجوم انتحاري بشاحنة مفخخة ادى الى مقتل ضابط برتبة عقيد وإصابة عدد آخر بينهم أحمد. ويروي ان "قوات الامن كانت تنتظر وصول تعزيزات من بغداد ولكن ذلك لم يتحقق، ما دفعنا الى الانسحاب".

ويستذكر قائلا "معنوياتنا كانت منتهية واعتبرنا أنفسنا من الاموات". ويتابع "لم افكر عندها باهلي او زوجتي واطفالي، لم افكر الا بان أخلص نفسي". 

وكانت هزيمة القوات الامنية وسقوط الموصل في العاشر من حزيران/يونيو، كارثة بحق القادة الامنيين وحكومة البلاد. 

واشارت لجنة تحقيق برلمانية شكلت بعد سقوط الموصل الى ورود معلومات استخباراتية من خلال اعتقال أحد قيادي تنظيم الدولة الاسلامية الذي كشف عن مخطط وتفاصيل الهجوم. لكن لم يتم التعاطي مع المعلومات كما يجب.

وادى انسحب الضباط الكبار مع عشرات العجلات المدرعة الى الغرب من الموصل قبل ليلة من سقوط الموصل، الى "ضرر كبير في معنويات المقاتلين"، حسبما يقول احمد. 

واتهم المسؤولون الامنيون وقادة سياسيون بارزون بينهم رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي، بعدم القدرة على مواجهة ودحر الجهاديين.

بعد سقوط الموصل، دخل أحمد في مرحلة جديدة من حياته، وهي العيش كنازح. 

لم يكن لديه مورد رزق. عاد مجددا الى صفوف الشرطة بعد تلقي نداء من محافظ نينوى السابق اثيل النجفي تسمح بعودته ورفاقه للتدريب والالتحاق بقوات الامن.

ويشير الى "تلقي تدريبات على يد قوات اميركية في اطار التحالف الدولي وأخرى على يد الشرطة العراقية وتنقله الى بغداد والكوت (جنوب)". ويقول "الان، اصبحت مستعدا للمشاركة في استعادة الموصل". 

وتمكنت القوات العراقية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، عبر التدريب والاستشارة، خلال الفترة الماضية من استعادة السيطرة على مدن ومناطق واسعة في شمال وغرب البلاد.

ومن المقرر ان تتولى قوات شرطة الموصل التي ينتمي اليها احمد، مسك الارض التي تحررها القوات المقاتلة خلال تقدمها الى الموصل. ويقول احمد بثقة "سنأخذ حقنا من الظلام وسنستعيد مناطقنا ونحميها ان شاء الله".