وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة فرصة للجوم على الاتحاد الأوروبي الذي اتهم بعض بلدانه باحتضان الإرهاب، وكان الاتحاد قال إن تركيا تراجعت في مجالات الحريت والقضاء والديموقراطية. 

وفي رد فعله، على انتخاب ترامب، أعرب أردوغان عن أمله في أن يحمل اختيار الشعب الأميركي، لمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، لرئاسة البلاد خطوات إيجابية للولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط.

وأضاف أردوغان في كلمة ألقاها، اليوم الأربعاء، في المؤتمر الدولي لمنتدى الأعمال الـ 20، لجمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين التركية (موسياد)، في إسطنبول أنه "مع هذه الانتخابات عاد الجمهوريون (الأمريكيون) إلى سدة حكم البلاد مرة أخرى، سيما وأن هذا كان اختيار الشعب الأميركي، ومع هذا الاختيار تبدأ مرحلة جديدة في أميركا".

وتابع: "آمل أن اختيار الشعب الأميركي يفضي الى خطوات إيجابية بالنسبة للحقوق والحريات العامة والديمقراطية في العالم، وللتطورات في منطقتنا". وانتقد الرئيس التركي، بعض البلدان الأوروبية في احتضان إرهابيين لمنظمتي "بي كي كي" و"غولن". 

اتهام اوروبا 

وحسب وكالة (الأناضول) قال أردوغان في هذا الإطار: "إذا كان أحدهم (لم يذكره) يقول إن أوروبا مستعدة لفتح ذارعيها لكل من يطرق بابها باعتباره لاجئًا سياسيًا، فإننا ندعوهم إلى فتح أبوابهم أمام المظلومين في سوريا والضحايا في أفريقيا بدلاً من استقبال الإرهابيين وداعميهم تحت صفة اللاجئ السياسي".

وأضاف: "إن كانت إمكاناتكم واسعة بقدر احتضان الإرهابيين، لماذا تغلقون أبوابكم أمام اللاجئين، وتعاملونهم بممارسات غير إنسانية على حدودكم، إن كان ولا بد أنكم ستحتضنون أحدًا فاحتضنوا ضحايا الإرهاب وليس الإرهابيين".

تقرير الاتحاد

وكان الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ حيال الحملة التي تشنها الحكومة التركية على المعارضة منذ الانقلاب العسكري الفاشل في تموز/ يوليو. وشمل تقرير للاتحاد صدر يوم الأربعاء وضم الكثير من الانتقادات لأنقرة وأوضح أن احتمالات انضمامها إلى التكتل تراجعت.

وقال الاتحاد الأوروبي إن تركيا تراجعت في مجالات استقلال القضاء وحرية التعبير وغيرها من المبادئ الديمقراطية الأساسية منذ محاولة الانقلاب.

ويعد بيان الاتحاد السنوي الوثيقة الأكثر انتقادا لتركيا منذ أن بدأت مساعي الانضمام إلى الاتحاد. وقال يوهانس هان المفوض الأوروبي لشؤون التوسعة "محاولة الانقلاب في 15 يوليو كانت هجوما على الديمقراطية بحد ذاتها. ونظرا لخطورة الوضع فان رد الفعل السريع على الحدث كان مشروعا."

وأضاف "غير أن النطاق الواسع والطبيعة الجماعية للإجراءات التي اتخذت على مدى الأشهر الماضية تثير مخاوف جدية للغاية.

وأضاف المسؤول الأوروبي: "تركيا كدولة مرشحة يتعين عليها تطبيق أعلى المعايير فيما يتعلق بسيادة القانون والحقوق الأساسية. في تقرير هذا العام نحن نركز على تراجع تركيا في مجال سيادة القانون والحقوق الأساسية."

انتقاد جليك

وفي تعليق له، انتقد وزير شؤون الاتحاد الأوروبي، كبير المفاوضين الأتراك، عمر جليك، اليوم الأربعاء، عن انتقاده لتقرير "التقدم" الصادر، في وقت سابق اليوم، عن الاتحاد الأوروبي، والخاص بمدى توافق تركيا مع معايير الاتحاد في كافة المجالات لعام 2016.

وأضاف أن مضمون التقرير الصادر عن المفوضية الأوروبية "لا يخدم العلاقات بين تركيا والاتحاد، وبعيد عن منظور مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي".

يذكر أن تقرير"التقدم" يصدر في تشرين ثان/نوفمبر من كل عام بحق تركيا - المرشحة لعضوية الإتحاد الاوروبي-، ويتضمن تقييما مفصلا للإصلاحات والخطوات التي تلقيها الحكومة في كافة مجالات الحياة بهدف الاقتراب من المعايير الاوروبية.

وشدد جليك على أن بلاده "لا تقبل بمصطلح (استخدام القوة المفرطة) الوارد في التقرير بخصوص كيفية محاربة المنظمتين الإرهابيتين، داعش، وبي كي كي، فورود مثل هذا المصطلح في التقرير بمثابة عار على الاتحاد الأوروبي".

وذكر التقرير المذكور أن "تركيا اُستهدفت مرات عديدة من قبل منظمتي داعش، وبي كي كي، والاتحاد الأوروبي أدان تلك الهجمات، وأنقرة لها الحق في الدفاع عن نفسها، لكن يتعين عليها عدم استخدام تدابير مفرطة في محاربة الإرهاب".

لا تقييم موضوعيا

ولفت الوزير أن الاتحاد الأوروبي يعد تقارير "تقدم" عن تركيا منذ 1998، والتقرير الحالي يعتبر الـ19، وطبيعة هذه التقارير نقدية، لكونها تتعلق بالتقدم الديمقراطي. وأكد جليك أن "التقرير يتضمن أقسامًا بعيدة عن التقييم الموضوعي".

وبيّن أن بلاده منفتحة على كافة الانتقادات، لكنه في ذات الوقت أعرب عن أسفه لكون التقرير "يتضمن انتقادات يشوبها الكثير من الشبهات، وهي بعيدة عن كونها انتقادات بناءةً".

وأوضح الوزير أن القسم المتعلق بالمعايير السياسية، والقضاء، والحقوق الأساسية، بعيدة عن الموضوعية والحقائق، وأضاف فـ"تركيا دولة قانون، وملتزمة بكل مسؤولياتها المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان".

وشدد جليك بالقول "لا أحد يستطيع أن يقول إن الخطوات التي اتخذناها في مكافحة الإرهاب تتعارص مع القوانين". ولفت أن "كافة الخطوات تأتي في إطار اجتهادات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان".

اعتقالات النواب

وفيما يتعلق بتوقيف عدد من نواب حزب "الشعوب الديمقراطي" (معارض) الذين لم يذهبوا إلى المحكمة للإدلاء بإفاداتهم في تحقيقات متعلقة بالإرهاب، أشار جليك أن "عمليات التوقيف ليست موجه نحو صفة النائب، والبرلمان، والسياسية، بل العكس هي موجهة لأشخاص يدعمون منظمة إرهابية (في إشارة إلى بي كا كا الانفصالية)".

وأعرب جليك عن رغبة بلاده فتح فصول جديدة للمفاوضات مع الاتحاد الأوروبي، وأن الوقت حان لتطوير مشاريع جديدة لبناء جسور جديدة مع أوروبا

وأكد في الوقت نفسه بالقول "نحن مستعدون لفتح جميع فصول المفاوضات، أو غلقها في نفس الوقت".

33 فصلا

جدير بالذكر أن ثمة 33 فصلاً للتفاوض، بين الاتحاد الأوروبي وأنقرة، تتعلق بالخطوات الإصلاحية التي تقوم الأخيرة، والتي تهدف إلى تلبية المعايير الأوروبية في جميع مجالات الحياة، تمهيداً للحصول على عضوية تامّة في منظومة الاتحاد الأوروبي.

ووصلت المباحثات إلى فتح الفصل التفاوضي الـ 17، المتعلق بالسياسات الاقتصادية والنقدية، في كانون الثاني/ ديسمبر الماضي، ليرتفع بذلك عدد الفصول المفتوحة للتفاوض بين الجانبين في إطار مسيرة انضمام تركيا للاتحاد إلى 15.

وانتقد تقرير اليوم، التدابير التي تتخذتها أنقرة لمواجهة منظمتي "فتح الله غولن"، و"بي كي كي"، بينما أشاد في الوقت نفسه بجهود تركيا في محاربة تنظيم "داعش".

وبخصوص التدابير المتخذة ضد منظمة "فتح الله غولن" ذكر التقرير أن "الحكومة التركية وضعت يدها على مؤسسات إعلامية تابعة لمجموعة (كوزا – إيبك)" المرتبطة بالمنظمة الإرهابية، عقب المحاولة الانقلابية الفاشة التي وقعت منتصف تموز/ يوليو الماضي، وتتهم الحكومة الأخيرة بتدبيرها.