واشنطن: يترقب الديموقراطيون المتخوفون من وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض اجتماع الهيئة الناخبة التي تصوّت الاثنين لتثبيت رجل الاعمال السبعيني رئيسا للولايات المتحدة، آملين في حصول انتفاضة غير مرجحة داخل صفوف الهيئة تحول دون ذلك.

وحين توجه الناخبون الاميركيون الـ136 مليونا الى صناديق الاقتراع في الثامن من نوفمبر، لم ينتخبوا مباشرة رئيسهم المقبل بل اختاروا 538 ناخبا كبيرا مكلفين بدورهم انتخاب الرئيس. وفاز ترامب بغالبية واضحة بحصوله على اصوات 306 من كبار الناخبين، بعدما كانت استطلاعات الرأي تتوقع فوز منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون.

ويكون عادة تصويت كبار الناخبين، وهم مندوبون او ناشطون محليون، معظمهم غير معروف من الرأي العام، مجرد إجراء شكلي لا تسلط عليه الأضواء.

لكن شخصية دونالد ترامب والنبرة الشديدة العدائية التي سيطرت على الحملة والانقسام الكبير في البلاد وفوز هيلاري كلينتون بالغالبية في التصويت الشعبي (بفارق أكثر من 2,5 مليون صوت عن الرئيس المنتخب بحسب تعداد مؤقت)، كل ذلك بدل الوضع هذه السنة بالنسبة لهذه المحطة من الآلية الانتخابية.

يتحتم على معارضي ترامب من اجل تحقيق هدفهم اقناع 37 من كبار الناخبين الجمهوريين بالتخلي عن مرشحهم. وان كان من الصعب التكهن بالنتيجة، الا ان واحدا فقط منهم هو كريستوفر سوبران (تكساس) اكد علنا حتى الان انه سيلتزم بهذه الدعوة الى العصيان.

وشرح موقفه في مقالة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" في مطلع ديسمبر، أورد فيها الدوافع التي تمنعه من التصويت "لشخص يثبت كل يوم انه لا يمتلك المواصفات المطلوبة للمنصب الرئاسي". وختم مقالته بالقول "إن انتخاب الرئيس المقبل غير محسوم بعد. ما زال بامكان كبار الناخبين تحكيم ضميرهم والقيام بالخيار الصحيح لمصلحة البلاد".

وفي حال انضم اليه عدد كاف من كبار الناخبين، ولو ان ذلك غير مرجح، عندها يعود لمجلس النواب تعيين خلف باراك أوباما. ولا شك ان هذا السيناريو سيشكل صدمة للبلاد، غير ان الحزب الجمهوري يسيطر على مجلس النواب، ما سيؤدي في نهاية المطاف الى تثبيت ترامب.

وكشف استطلاع للرأي نشره موقع "بوليتيكو/مورنينغ" الاثنين ان قلة من الاميركيين متحمسون لهذا "العصيان". فـ46 بالمئة منهم يرون ان الناخبين ملزمون باتباع تصويت ولاياتهم، مقابل 34 بالمئة يعتقدون العكس.

وحول جدوى تعديل الدستور ليحل نظام الاقتراع العام المباشر محل النظام القائم حاليا، يؤيد 46 بالمئة هذه الفكرة مقابل 40 بالمئة يعارضونها. وسترد النتائج تباعا من مختلف الولايات خلال الايام المقبلة، على أن يعلن الكونغرس رسميا اسم الرئيس المنتخب في 6 كانون الثاني/يناير عند انتهاء التعداد الرسمي للاصوات.

الديموقراطيون منقسمون
وما ساهم في احتدام النقاش في الولايات المتحدة عمليات القرصنة الالكترونية التي تخللت الانتخابات واتهمت اجهزة الاستخبارات الاميركية روسيا بالوقوف خلفها.

ووجه عشرة ناخبين كبار (تسعة ديموقراطيين وجمهوري واحد) رسالة مفتوحة الى المدير المنتهية ولايته للاستخبارات الاميركية جيمس كلابر يطلبون منه اطلاعهم على نتائج التحقيق الجاري قبل عملية التصويت.

وانضم الى طلبهم جون بوديستا المدير السابق لحملة هيلاري كلينتون، والذي تمت قرصنة بريده الالكتروني ونشر الاف الرسائل منه خلال الاسابيع التي سبقت الانتخابات، لكن بدون جدوى.

وقال رينس بريباس الذي اختاره ترامب ليكون كبير موظفي البيت الابيض اعتبارا من 20 يناير مبديا استياءه الاحد "السؤال الحقيقي هو معرفة ما الذي يجعل الديموقراطيين (...) يحاولون بأي ثمن نزع الشرعية عن نتائج الانتخابات". وندد متحدثا لشبكة "فوكس نيوز" بمحاولة "لتخويف" كبار الناخبين الذين "تلقى بعضهم اكثر من مئتي الف رسالة الكترونية"، معتبرا ان هذه المحاولة محكوم عليها بالفشل.

وكتب ترامب في تغريدة على تويتر "لو قام المؤيدون للكثيرون لي بالتصرف وتهديد الناس كما يفعل الآن الذين خسروا الانتخابات، لتم نبذهم ووصفهم بكل النعوت". من جهتها دعت مجموعة "ناخبي هاملتون" المدعومة خصوصا من المخرج والناشط مايكل مور الى تجمعات الاثنين عبر الولايات المتحدة.

وتستشهد المجموعة في دفاعها عن اهمية تصويت أعضاء الهيئة الناخبة "بما يمليه ضميرهم"، بأحد الآباء المؤسسين للولايات المتحدة ألكسندر هاملتون الذي قال ان هذا النظام الانتخابي أقيم خصيصا لمنع تسليم الرئاسة الى رجل لا يملك "المواصفات المطلوبة". لكن هذا المسعى لا يحظى بتأييد جميع الديموقراطيين أنفسهم.

وكتب ديفيد أكسلرود المستشار المقرب للرئيس باراك اوباما سابقا مساء الاحد على تويتر "حتى ان كنت أشاطر مخاوف جدية حول الانتخابات وحول دونالد ترامب، الا ان معظم كبار الناخبين سيلتزمون وينبغي أن يلتزموا بنتائج صناديق الاقتراع". وحذر بأن "تصويتا مخالفا لذلك سيمزق البلد".