حلب: يتواصل الخميس اجلاء الدفعات الاخيرة من آخر جيب تسيطر عليه الفصائل المعارضة في حلب بعد ساعات على خروج اربعة آلاف مقاتل على الاقل من المدينة التي يوشك الجيش السوري على اعلان استعادتها بالكامل.

واعتبر الرئيس السوري بشار الاسد الخميس ان "تحرير حلب" يعد "انتصارا" ليس فقط لسوريا بل لايران وروسيا ايضا. وقد اعلنت الاخيرة الخميس القضاء على 35 الف مقاتل ضد النظام منذ بدء تدخلها الجوي في سوريا قبل اكثر من عام.

وقالت المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في سوريا انجي صدقي "ستستمر عملية الاجلاء طوال اليوم وعلى الاغلب حتى يوم غد (الجمعة) ايضا". 

واشارت الى "خروج اكثر من اربعة آلاف مقاتل في سيارات خاصة، حافلات صغيرة وشاحنات صغيرة من شرق حلب الى ريف حلب الغربي خلال ليل الاربعاء الخميس في واحدة من آخر مراحل الاجلاء".

وشاهد مراسل فرانس برس في منطقة الراموسة جنوب حلب، والتي تمر منها قوافل المغادرين، صباح الخميس عشرات السيارات الخاصة وسيارات الاجرة والشاحنات (بيك آب) والباصات الصغيرة تخرج من شرق حلب. واقلت الشاحنات مقاتلين يحملون سلاحهم الفردي. 

وفي وقت لاحق، خرجت عشر حافلات بيضاء اللون تتقدمها سيارة تابعة للصليب الاحمر الدولي من شرق حلب لتصل بعد وقت قصير الى منطقة الراشدين، نقطة استقبال المغادرين، التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة غرب المدينة.

وافاد مراسل فرانس برس في الراشدين ان غالبية المغادرين الذين وصلوا سواء في السيارات الخاصة او الحافلات هم من المقاتلين، مشيرا الى ان حافلتين تقلان مدنيين من الفوعة وكفريا غادرتا المنطقة باتجاه حلب ولا تزال اثنتان تنتظران الضوء الاخضر.

وينص اتفاق الاجلاء في اول مرحلتين منه على خروج كل المحاصرين من شرق حلب مقابل خروج المئات من بلدتي الفوعة وكفريا. وبحسب صدقي، تم حتى الآن اخراج "الف شخص" من الفوعة وكفريا، ولا يزال المئات ينتظرون اجلاءهم.

"الثلوج تغطي الطرقات"

ومنذ بدء عملية الاجلاء التي تم التوصل اليها بموجب اتفاق روسي تركي ايراني، بشكل متقطع الخميس، احصت اللجنة الدولية للصليب الاحمر خروج "نحو 34 الف شخص" من شرق حلب، وفق صدقي. 

واستؤنفت الاربعاء عملية اجلاء السكان المحاصرين من شرق حلب، بعد تأخير بسبب العاصفة الثلجية ولاسباب لوجستية وخلافات حول آلية اخراج المدنيين بالتوازي مع الفوعة وكفريا.

واشارت صدقي الى ان العملية تتواصل "بشكل ابطأ مما كان متوقعا بسبب الطقس السيء، من ثلوج وعواصف، فضلا عن الحالة السيئة للآليات".

ولفت المتحدث باسم حركة أحرار الشام الاسلامية احمد قرة علي بدوره الى "صعوبة تحديد موعد انتهاء العملية لأن الثلوج تغطي الطرقات".

ولم تتوفر اي احصاءات من اي جهة رسمية حول عدد الذين ما زالوا محاصرين وينتظرون اجلاءهم.

وعند انتهاء عمليات الاجلاء، يفترض ان يعلن الجيش السوري استعادة مدينة حلب بالكامل، محققا بذلك اكبر نصر منذ بدء النزاع في البلاد في العام 2011 والذي خلف اكثر من 310 آلاف قتيل.

وتمكن الجيش اثر هجوم بدأه منتصف الشهر الماضي من السيطرة على معظم الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة مسلحي المعارضة منذ العام 2012، تاريخ انقسام المدينة بين الطرفين.

وتشكل استعادة حلب تحولا جذريا في مسار الحرب في سوريا وتعد الانتصار الابرز لدمشق وحلفائها الذين قدموا لها منذ بدء النزاع دعما سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا وابرزهم روسيا وايران. 

لكنها تشكل في المقابل ضربة قاضية بالنسبة الى المعارضة السورية التي سيكون من الصعب ان تعوض خسائرها ميدانياً وسياسياً، وكما انها تعد خسارة للدول الداعمة للمعارضة وتحديدا دول الخليج وتركيا ودول الغرب التي رات فيها بديلاً محتملاً عن النظام السوري.

"انتصار لايران وروسيا"

وقال الرئيس السوري بشار الاسد خلال استقباله الخميس مساعد وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين جابر أنصاري "ان تحرير حلب من الارهاب ليس انتصارا لسوريا فقط بل لكل من يسهم فعليا فى محاربة الارهاب وخاصة لايران وروسيا".

ولفت الى انه "في الوقت ذاته انتكاسة لكل الدول المعادية للشعب السوري والتي استخدمت الارهاب كوسيلة لتحقيق مصالحها". وساهم التدخل الجوي الروسي دعما لدمشق اعتبارا من نهاية سبتمبر 2015 في تقدم الجيش السوري على جبهات عدة كان آخرها مدينة حلب. 

واعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الخميس انه "منذ بدء عملياته شن الطيران الروسي 17 الفا و800 غارة جوية اصابت 71 الف مرة البنى التحتية للارهابيين وقضى بذلك على 725 مخيم تدريب و405 مصنع ومشغل لصنع متفجرات و1500 من التجهيزات العسكرية و35 الف مقاتل بينهم 204 قياديين".

وتصنف دمشق وحليفتها موسكو جميع الفصائل المقاتلة في سوريا الى جانب تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) بـ"الارهابية".

ويبدو ان روسيا وايران، الداعمتين لدمشق، بالاضافة الى تركيا التي تدعم المعارضة، قد امسكت بزمام المبادرة في سوريا. وقد بدا ذلك واضحا من خلال رعاية تلك الدول الثلاث لاتفاق عملية الاجلاء من شرق حلب.