بدأت زيارات مراجع ورجال الدين في العراق، الى مستشفيات لندن لاجراء عمليات جراحية، تستفز المواطن العراقي الذي راح يتحدث بصوت عال محتجا ومستغربا، فيما الفقراء يتطببون بمستشفيات فاشلة بدأت تفرض رسوما أعلى نظير خدماتها.


عبد الجبار العتابي من بغداد: صار الحديث عن الزيارات التي يقوم بها مراجع الدين في العراق الى مستشفيات العاصمة البريطانية لندن يستفز الكثير من المواطنين الذين يشعرون بالاسى لعدم وجود مستشفى عراقي جيد يتطبب به الفقراء، فيما يستغرب هؤلاء المواطنين صمت المراجع على عدم وجود مستشفيات يضاهي مستشفيات الخارج.

ابناء الشعب تحت رحمة مستشفيات فاشلة

كانت البداية في احدى سيارات النقل الخاص، حينما شكا مريض من التعامل السيء لاحد المستشفيات معه، مما اثار الاخرين حيث انبرى احدهم بانتقاد رجال الدين الذين يسافرون الى الخارج بينما ابناء الشعب من الفقراء يرزحون تحت رحمة المستشفيات الحكومية الفاشل.

وضرب أحدهم مثلا قريبا عن احد رجال الدين المعروفين الذين سافر الى لندن، ذكره بالاسم، وتساءل عن المبلغ الكبير الذي يحتاجه للعلاج في لندن وهو الذي من المفروض ان تكون احواله المالية بسيطة.

فيما اشار اخر الى انه لم يسمع في خطب الجمعة أحد هؤلاء رجال الدين، مطالبا الحكومة بانشاء مستشفيات، او انتقد سوء الخدمات فيها على الرغم من ان الكثير من الناس يموتون في المستشفيات الحكومية.

تحاول "إيلاف" استطلاع رأي بعض المواطنين العاديين فوجدت اجاباتهم حائرة لكن غالبيتهم، ترى ان رجل الدين صار حاله حال النائب في البرلمان العراقي او مثل رجال الدين في البرلمان لديهم من الاموال الكثير او انهم يحصلون عليها من جهات مختلفة سواء عن طريق التبرع او طرق اخرى، فيما اشار البعض الى ان رجل الدين لم يعد كما في السابق الذي يعيش حياة الكفاف ويقتدي بالائمة والصالحين.

التسهيلات في لندن

يؤكد رجل الدين الشيخ علي العيداني، ان رجال الدين الحقيقيين عليهم ان يقتدوا بالامام علي بن ابي طالب.

وقال: "اولا، علينا ان نتساءل لماذا بريطانيا وليس باقي الدول؟ هذا اهم سؤال، وثانيا هل هذا ضمن ميزان القران وميزان اهل البيت مقبول او لا؟ ويمكن الاجابة عن السؤال الاول بالقول: لوجود مؤسسة الخوئي، وهي واحدة من المؤسسات التي انشاها المرجع الخوئي في بريطانيا وامريكا وغيرها من البلدان، وكانت المحور والاساس هي التي في بريطانيا والتي كان مسؤول عنها ابنه مجيد الخوئي الذي قتل في العراق سنة 2003 والذي يحمل الجنسية البريطانية، وهذه المؤسسات انشات من جباية الخمس لتكون مواردها لكافة الشيعة وليس لفئة محدودة لكن بعد وفاة الخوئي استاثر بها اولاده وذريته، وحتى يتم ضمان سكوت المراجع الباقين قدموا لهم هذه التسهيلات في العلاج وعلى حساب المؤسسة".

أضاف: "إن المتابع للقران الكريم وما نقله عن الانبياء وعن الروايات التي وردت حول السيرة العملية لاولياء الله فان مايقوم به المراجع منكر جدا ولايقبل به الدين ولو من الناحية الاخلاقية وان لم نصل الى الحرمة التكليفية، فالله تعالى يوصي نبيه موسى واخيه هارون عليهما السلام : وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً (يونس الاية 87) وهذا يدل على ان يكونوا مع الناس ويشاركوهم كل مايجري لهم، وكذلك يوصي الله نبيه الاكرم صلى الله عليه واله وسلم : وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖوَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا/ سورة الكهف /28، وفيها دلالة على ان يكون معهم ويعيش معهم".

وتابع: "ويكفي ان ناخذ مقاطع من كتاب الامام امير المؤمنين الى عامله في البصرة عثمان بن حنيف الذي قبل بدعوة على الاكل فقط، والتي فيها يوضح صفات القائد الالهي في منظار الامام علي عليه السلام والذي يعتبروه قدوة لهم".

واوضح: "يا ليت الأمر اقتصر فقط على العلاج، بل ان الكهرباء لا تنقطع عنهم ابدا لا صيف ولا شتاء، وبودي أن أذكر حادثة عن السيد الشهيد محمد صادق الصدر (قدس) اذ سأله احد الطلبة: سيدنا لماذا لاتذهب للعلاج في الخارج؟ فقال له: ساذهب حينما يتعالج اخر فرد عراقي في الخارج".

صوت الفقراء ولكن

من جانبه اكد الشيخ ابراهيم السويعدي ان على رجال الدين ان يكونوا صوت الفقراء.

يقول: "اقول بكل اسف ان المراجع او رجال الدين الكبار يجرون عملياتهم الجراحية او يتعالجون في بريطانيا (لندن) بدلا من ان يأسسوا مستشفى فيه امكانيات مشافي لندن بينما الشعب يتداوى بافشل المستشفيات وغالبيتهم يموتون بسبب الفساد الطبي".

واضاف: اعتقد انهم لم يقرأوا قول امير المؤمنين علي عليه السلام عن الناس ( أأقنع من نفسي بان يقال امير المؤمنين ولا اشاركهم في مكاره الدهر او اكون اسوة لهم في خشونة العيش)، والمفروض بهم ان ينظروا الى ابناء شعبهم كيف يتطببوا لكي يكونوا صوت الفقراء ولا اعتقد ان رجال الدين بعيدين عن الناس بل ان الناس يشكون اليهم معاناتهم ولكن ، ولكن ما خفي كان اعظم".

اموال الخمس والزكاة

الشيخ هيثم المحمداوي يؤكد من جهته، ان اموال الخمس يجب ان تصرف في مكانها المناسب، وقال : "عندما اجيبك على سؤالك هذا فاني احيلك الى قراءة كتاب جولة في دهاليز مظلمة للكشميري وفيه اجابات كثيرة لاسئلة ترد على البال بخصوص هذا الامر ومن المعروف ان اموال الخمس والزكاة لدى الطائفة التي تكون بحوزة المرجع يكون له مطلق الحرية في صرفها بقنواتها الشرعية المعتادة الا اننا شهدنا وخلال الاعوام المنصرمة ضياع الكثير من اموال المسلمين عندما لايقوم ورثته بتسليمها الى الفقيه الذي تلاه".

واضاف: "وقضية العلاج في الخارج وعدم انشاء مستشفيات لابناء الطائفة يتحملها من تصل اليه الاموال فهي شرعا باقية في ذمته وقد خرجت من ذمة المكلف، وقد يكون من الاولى ان تصرف الاموال في البلد الذي جاءت منه على الخدمة العامة للناس من المنافع كالمستشفيات والمدارس والجامعات والسكن وغيرها واصبح المكلف الان يعلم ان امواله يجب ان تصرف في المكان المناسب لها لذا قال المراجع الان بان على المكلف ان يصرفها بالطريقة التي يراها بدون الرجوع الى مرجع التقليد".

استثمار الاموال

غيث علي موظف، تمنى ان يستثمر رجال الدين اموالهم لفائدة الناس.

يقول: "لا اريد ان ادلي في بدء حديثي بالظن وان بعضه اثم وفقا لقول المطلق الجليل ولكن ان مسؤولية بناء المستشفيات وتقديم الخدمات عامة تقع على عاتق الحكومات اصلا، بيد ان الامر هنا قد يكون مختلفا نتيجة الخزائن المترفة لبعض الشخصيات الدينية ولا اقول المرجعيات الكبرى التي هي منشغلة اصلا وخاصة في العراق في دعم المعركة الكبرى وهي محاربة داعش ونحن نعلم ان الاغلب من من مجاهدي الحشد الشعبي لايتقاضون رواتبهم في ظل ظروف التقشف وفي الرخاء الاقتصادي على حد سواء فضلا عن تقديم الدعم اللوجستي الذي تتكفل بتقديمه المرجعية الدينية في النجف الاشرف".

واضاف: "مع ذلك اتمنى من رجال الدين ومن هم يملكون مرجعيات واموال ان يستثمروا تلك الاموال في بناء المسشفيات وغيرها من المؤسسات الخدمية ليستفيد منها الطرفان اي المواطن والمرجعية وبذلك كسبنا فائدة عظيمة من هذا الاستثمار".

لكل زمان حال

اما هادي جلو مرعي، رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية، فقد اشار الى تغير الزمان، وقال: "المشكلة ليست في المراجع بل هي في البنية السياسية الفاشلة التي تقود البلاد وتمارس الفساد وتحرم العام والخاص من الخدمات الصحية والعامة. والمراجع لايستطيعون فرض رؤاهم على احد لانهم ليسوا حاكمين بل مرشدين وهم بحاجة الى تلك الخدمات مثل بقية الناس وكما يسافر مواطن عادي للعلاج في دلهي او لندن او عمان يفعل علماء الدين ولعلنا جربنا موقف المرجعية من الاصلاحات حيث اعلنت ان صوتها بح دون جدوى".

واضاف: "لا يمكن ان يكون الامام علي قدوتهم، لان علي كان مثل الناس الذين لايملكون المال والطعام وكان يعيش حياتهم. الامور تغيرت اليوم فانا وانت نستطيع السفر وما لدى المراجع يتوفر لنا".

وتابع: "لكل زمان حال وفي الغالب المراجع يذهبون بدعوة من مراكز دينية الى هناك ويزورون تلك المراكز ويعالجون هناك، ماتريده واريده مفهوم، لكن الدنيا تتغير والفكرة ليست متعلقة بالمال ولو كان هناك طب متطور في العراق لبقوا، علما ان احد المراجع منذ عشر سنوات يتوسل لبناء مستشفى سرطان ولكن لا احد يسمع".

مستشفيات بلا اطباء

يؤكد الكاتب جلال حسن ان هناك مستشفيات ولكنها بلا اطباء، وقال : "لا اعتقد أن المرجعيات الدينية أغفلت بناء مستشفيات في العراق وتحديدا في محافظتي النجف وكربلاء لمعالجة المرضى، فقد ساهمت بشكل مباشر مع الحكومة أو بدونها في بناء مستشفيات، خصوصا في طب العيون، وبعض الأمراض المستعصية ولكنها أغفلت جانباً مهماً في عدم جلب أطباء أختصاص لمعالجة تلك &الأمراض، أذن ما فائدة بناء مستشفى دون وجود أطباء اختصاص، لذلك بقتْ هذه المستشفيات مسميات دون فعالية في النجاح، كأنها غير موجودة أصلاً، وهذا نتاج ضعف التخطيط غير المدروس و قلة الخبرة".

واضاف: "لذلك نرى أن رجال الدين لا يتداون في هذه المستشفيات لمعرفتهم بعدم وجود أطباء أكفاء، وقلة العناية، ما يحدوهم الى السفر الى أوربا لغرض العلاج. هذا الأمر أوقع الفقراء بمراجعة هذه المستشفيات ولكن بلا علاج شافِ وذلك لضعف الحال".