لندن: أعادت اعتداءات بروكسل مسألة الأمن إلى الواجهة في الحملة التي تسبق الاستفتاء حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. إذ يختلف خبراء الاستخبارات في ما بينهم بشأن ايجابيات البقاء في الاتّحاد وسلبيّاته.

فعندما قال ريتشارد ديرلاف، المدير السّابق لجهاز الاستخبارات الخارجية "ام آي 6"، إنّ الخروج من الاتحاد الأوروبي ستكون له تبعات أمنيّة قليلة، ردّ عليه مسؤولون من جانبي الاطلسي مؤيّدين ومعارضين.

ولطالما كرّر رئيس الوزراء ديفيد كاميرون القول إنّ البقاء في الاتحاد يجعل بريطانيا أكثر أمانًا، في حين أنّ الخروج سيقسّم الغرب، في وقت يواجه تهديدات من تنظيم داعش ومن روسيا.

لكنّ ديرلاف انتقد المعلومات الاستخباراتيّة التي تحصل عليها بريطانيا من حلفائها الأوروبيّين، وقد أيّده في ذلك المدير السابق لوكالة الاستخبارات الاميركية "سي آي اي" مايكل هايدن، الذي قال إنّ الكتلة التي تضم 28 دولة، يمكن حتى أن تشكل عائقًا أمام الأمن الوطنيّ.

وردّ رئيس مكتب الاتصالات الحكومي البريطاني ديفيد اوماند بالقول إن بريطانيا تحصل من خلال بقائها في الاتحاد الأوروبي على "وضع مثالي" من خلال مراقبة حدودها واقامة علاقات أمنيّة قويّة مع سائر دول الاتحاد.

وبالمثل، حذر المدير السابق لوكالة الاستخبارات الاميركية ديفيد بترايوس القائد السابق للقوات الحليفة في افغانستان والعراق من أن "الخروج من الاتحاد الأوروبيّ سيجعل العالم أكثر خطورةً وإدارته اكثر صعوبةً".

لطالما كان الأمن مسألة مركزية قبل استفتاء 23 حزيران (يونيو) نظرًا لأنّ بريطانيا رفعت مستوى التأهّب من التهديد الارهابي، ثم أسهمت اعتداءات بروكسل في تعزيز مشاعر القلق.

وقال البروفسور جون كورتيس من جامعة ستراثكلايد لفرانس برس، إنّ "الأمن هي المسألة الوحيدة التي تقسم المعسكرين"، حيث يتساوى من يعتقدون بأن بريطانيا افضل داخل الاتحاد الأوروبيّ أو خارجه.

وقال جو توايمان مدير الابحاث السياسية والاجتماعية لدى معهد "يوغوف" البحثي إنّ النقاش قد يشهد ميلاً لصالح حملة الخروج من الاتحاد لكنّه سيكون قصير المدى.

وأضاف ان "الأمن مهم والحدود مهمة، لكن الاقتصاد أهمّ. واعتقد أنّ الامر سيختلف، لو تعرّضت بريطانيا لا سمح الله لاعتداء".

استخبارات أوروبيّة متفاوتة&

سارع حزب الاستقلال البريطاني المعارض للبقاء في الاتحاد الأوروبي إلى إلقاء اللّوم على معاهدة شنغن التي تتيح التجوّل الحر بين بلدان الاتحاد، لأنّها اتاحت لمنفّذي اعتداءات بروكسل التي اوقعت 35 قتيلاً بالتّنقّل بحرّيّة، وبريطانيا ليست عضوًا في المعاهدة.

وقال ديرلاف الذي ترأس جهاز "ام آي 6" من 1999 إلى 2004 انه "من الافضل أمنيًّا" ان تتم السيطرة على تدفّق المهاجرين من خلال الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، من دون مزيد من التوضيح.

وأضاف ان بريطانيا "تعطي اكثر مما تأخذ" من ناحية تبادل المعلومات الاستخباراتيّة من شركائها الأوروبيين، وقال إن التّعاون لن يتوقف في حال الخروج من الاتحاد. وكتب في مجلة "بروسبكت" "الحقيقة بشأن الخروج من الاتحاد من منظور الأمن القومي هي ان الثمن سيكون متدنيًّا بالنسبة إلى بريطانيا".

وافقه هايدن الرّأي بقوله لاذاعة بي بي سي ان الاتحاد الأوروبي "ليس مساهمًا طبيعيًّا في الأمن الوطني لكل من الدول الاعضاء وإلى حد ما فإنه يعيق قيام الدولة بتوفير الأمن لمواطنيها".

وقال ان "قدرات اجهزة الاستخبارات متفاوتة جدًّا بين دول الاتحاد الأوروبي".

دور أساسي&

يصر مؤيّدو الخروج من الاتحاد الأوروبي على أنّ التعاون الاستخباراتيّ من خلال حلف شمال الأطلسي لن يتأثر، كما لن تتأثر العلاقات الحيوية مع الولايات المتحدة. ولكن روب واينرايت مدير الشرطة الأوروبية "يوروبول" اكد أن بريطانيا تعتمد على قواعد البيانات الجنائية لدى الاتحاد الأوروبي.

واكد مؤيدو البقاء بدورهم على اهمية مذكرات التوقيف الأوروبية في توقيف وتسليم المشتبه بهم في قضايا الارهاب لمواجهة القضاء. والشهر الماضي، وقّع 12 من المسؤولين العسكريين السابقين رسالة عامة، تؤكد على دور الاتحاد الأوروبي في الملف النووي الايراني ودور روسيا في اوكرانيا.

وحذّر بترايوس في مقال في صحيفة "صنداي تلغراف" من أنّ الخروج من الاتحاد سيمثل "صفعة كبيرة لقوة وصمود الاتحاد الأوروبي" في فترة حاسمة.

وكتب ان "الطريقة الامثل في الدفاع عن انفسنا هي في تعميق التعاون الاستخباراتي العسكري والدبلوماسي في الغرب والاتحاد الأوروبي، على الرغم من كل عيوبه هو لاعب اساسي في هذا الإطار".