باريس: سلطت "اوراق بنما" الاضواء على شركات الاوفشور، العنصر الاساسي في شبكة التهرب الضريبي. كيف تعمل هذه الشركات؟ كيف يمكن الاستفادة منها؟ وهل كل انشطتها غير قانونية؟

ما هي شركة الاوفشور؟

يعني مصطلح "أوفشور" بالانكليزية "قبالة الساحل"، اي "خارج الاراضي".

وبمعنى اخر فان شركة الأوفشور هي شركة مسجلة في بلد لا يكون المالك مقيما فيه. لكن وبخلاف فروع المؤسسات الدولية، فإن شركات الاوفشور لا تمارس أي نشاط اقتصادي في البلد الذي تتخذه مقرا لها.

ومن أجل تأسيس شركة أوفشور، فإن "الأمر يمكن ان يكون بسيطا جدا، كما يمكن ان يكون معقدا جدا"، بحسب ما أوضح لوكالة فرانس برس ايريك فيرنييه الباحث في معهد العلاقات الدولية (ايريس) ومؤلف كتاب "التهرب الضريبي والملاذات الضريبية". ويمكن أن يتم ذلك من خلال مكاتب محاماة متخصصة بعضها له شهرة عالمية واسعة، ولكن أيضا من خلال شبكة الإنترنت عبر نقرات قليلة وبضع يوروهات.

هل تعتبر غير شرعية؟

أعلن وزير الدولة الفرنسي لشؤون الميزانية كريستيان ايكيرت الاثنين إنه "ليس ممنوعا بالضرورة امتلاك شركة أوفشور أو حسابا في الخارج. المهم هو معرفة ما هو النشاط الحقيقي وراء تلك الحسابات، وما هو مصدر تدفقاتها المالية".

وهذا ما يقوله أشخاص عديدون ذكروا في "أوراق بنما"، على غرار رئيس مجموعة "ألتيس" للإعلام والاتصالات باتريك دراهي. ومن حيث المبدأ، فلدى الجميع الحق بتأسيس شركة أوفشور، طالما يتم التصريح عن الأرباح.

لماذا يتم تأسيس شركات مماثلة؟

بحسب ما أعلن فيرنييه، فإن "الفكرة الأولى هي تحسين الوضع الضريبي"، وينبغي عدم الخلط بينه وبين التهرب الضريبي.

وقال إن الهدف من ذلك هو "ضمان أن التصريح عن الأرباح يحصل على أراض تكون الضرائب فيها متدنية أو غير موجودة"، ما يسمح للشركات بزيادة أرباحها.

والواقع انه يتم تأسيس هذه الشركات بشكل عام في دول تكون ضرائبها مغرية، أي في ما يصطلح على تسميته بـ"الملاذات الضريبية"، مثل البهاماس والجزر العذراء البريطانية وبنما، وأيضا في ولاية ديلاوير في الولايات المتحدة.

وأشار فيرنييه إلى أن "هذا الأمر قد يكون أيضا من أجل تسهيل بعض المعاملات التي ليست بالضرورة غير شرعية"، ولكنها تتطلب سرية معينة تضمنها تلك الملاذات الضريبية.

من جهته، يوضح خبير الضرائب ميشال تالي إن المؤسسات التي تنشئ شركات أوفشور قد تقدم على هذه الخطوة "للاستفادة من نظام يسمح لها القيام في الخارج بما لا يمكنها القيام به في بلادها".

ففي قطاع التأمين مثلا، ونظرا إلى الأنظمة الاحترازية، فإن "بعض العقود لا يمكن إبرامها إلا في بلدان مثل جزر كايمان، لأن القانون هناك أكثر مرونة"، وفقا لتالي. وكذلك بالنسبة إلى عمليات "تأجير" الطائرات، التي لا تتم غالبا الا عبر ملاذات ضريبية.

لماذا شركات الأوفشور مشبوهة؟

وقالت محامية الضرائب في مكتب المحاماة "فيدال" غاييل مونو-لوجون لفرانس برس إنه "يتم فتح شركة أوفشور ضمن أطر قضائية بتشريعات محددة لفتح حساب مصرفي غير ظاهر مباشرة، من أجل الحصول على ممتلكات من دون كشف هوية صاحبها".

وأضافت أن "الأمر غير قانوني عندما يكون تأسيس تلك الشركات يهدف إلى إخفاء المستفيد".

وفي الغالب، فإن شركات الأوفشور تقع في بلدان تتمتع بالسرية المصرفية.

وعلاوة على ذلك، فإنها غالبا ما تستخدم أسماء وهمية، ما يسمح بإخفاء هوية المالكين الحقيقيين.

وبالتالي فانها تسمح بسهولة الإستفادة من التهرب الضريبي، "عبر اجراءات تشكل حماية معينة على صعد مختلفة" وفق فيرنييه. وفي النهاية، تستحيل معرفة من يمتلك حقا تلك الشركات.

وأوضح فيرنييه أن هذا التعتيم مثالي لتبييض الأموال المتأتية من أنشطة إجرامية، كتهريب المخدرات أو الجريمة المنظمة، التي تبلغ "آلاف مليارات الدولارات سنويا".