هرب الكثير من الأفغان المقيمين في طهران والذين أرسلهم النظام الإيراني إلى القتال في سوريا بالإكراه وتحت طائلة اعتقالهم أو طردهم إلى بلدهم الأم أفغانستان، مع قوافل اللاجئين من سوريا إلى أوروبا، بعد تجربة مريرة قضوها وهم يقاتلون في سبيل قضية غيرهم لتطاردهم أعمالهم الإجرامية.
&
طهران: تتوافر أدلة متزايدة أكثر فأكثر على أن إيران ترسل آلاف الأفغان للقتال مع قوات النظام السوري. ويُجند الأفغان، الذين غالبيتهم من الهزارة الشيعة من أحياء المهاجرين الفقيرة والبائسة، في إيران، ثم يُشحنون للانضمام إلى ميليشيا متعددة الجنسيات، هي عمليًا "فرقة أجنبية" حشدتها إيران لدعم الأسد. لكن&كثيرًا من هؤلاء، الذين جُندوا بالإكراه والابتزاز، قرروا الهروب&من ساحات القتال، لينضموا إلى قوافل اللاجئين المتجهة نحو أوروبا. &

&
جنازات المقاتلين الأفغان في سوريا يشارك فيها أحيانًا مسؤولون إيرانيون

&

وعود بالتجنيس&
"أمير" واحد من هؤلاء الأفغان الهاربين، وهو في أوائل العشرينات من العمر، انتهى به المطاف طالب لجوء في المانيا. وكان أمير وُلد لأبوين لاجئين في أصفهان الإيرانية. وهو مثله مثل ما يقرب من 3 ملايين افغاني في ايران، عاش حياة مواطن من الدرجة الثانية. &

كان التعلم في مدرسة أو العمل في مكان ما متعذرًا على أمير، لعدم امتلاكه بطاقة هوية شخصية أو إقامة قانونية في إيران. وكان الخوف من الاعتقال والترحيل كابوسًا يعيشه أمير كل يوم. وكان من الصعوبة بمكان على أمير أن ينتقل بحرية أو يحصل على رخصة لقيادة السيارة أو حتى ان يشتري بطاقة شريحة (سيم كارد) لهاتفه الخلوي. &

في هذا الوضع المزري تلقى أمير ذات يوم عرضًا أحدث انقلابًا في حياته. يروي أمير قائلًا "ان بعض الأفغان القريبين من الحرس الثوري الايراني" تحدثوا معه ومع اصدقاء له في المسجد الذي يصلّي فيه. اضاف في مقابلة اجرتها معه "بي بي سي" في مدينة ألمانية صغيرة: "اقترحوا علينا ان نذهب الى سوريا للمساعدة في الدفاع عن الأضرحة الشيعية ضد داعش، وقالوا اننا سنحصل على جوازات سفر، ونعيش حياة سهلة بعد ذلك، بل سنكون مواطنين ايرانيين، ونستطيع ان نشتري سيارات وعقارات...".&

الحرس الثوري الإيراني وعد المقاتل أمير بأن يحصل على جواز سفر إيراني إن قاتل في سوريا

"ما فعلته يطاردني"
انخرط أمير في "لواء فاطميون"، وهو ميليشيا افغانية بالكامل، يقودها ضباط من الحرس الثوري الايراني. ورغم عدم امتلاك المجندين الأفغان جوازات سفر، فانهم نُقلوا جوًا الى سوريا مباشرة في طائرات خاصة. &

وقال أمير "ان الحرس الثوري كان يتولى كل شيء، وحين وصلنا رأينا آثار الرصاص وأضرار القصف. كانت ساحة حرب، وما فعلتُه وشاهدتُه هناك ما زال يلاحقني. فأنا لا استطيع النوم وأغضب بلا سبب". &

يقول البروفيسور سكوت لوكاس من جامعة برمنغهام البريطانية، الذي يتابع التدخل الايراني في سوريا، "ان اولى الميليشيات الأفغانية بدأت تصل في عام 2012"، مشيرا الى ان الحرس الثوري الايراني قرر ان جيش النظام السوري "لا يستطيع النجاح بمفرده". ونقلت "بي بي سي" عن البروفيسور لوكاس قوله "ان خطوط الجبهة كانت مستنزَفَة، والرجال يحاولون التهرب من الجندية".

ربما وصل عدد الذين جندوا من قبل الحرس الثوري الإيراني إلى 10.000 مقاتل أفغاني&

تجنيد الأجانب
لذا قرر الايرانيون تشكيل ما يُسمى "قوة الدفاع الوطني" من 50 الف عنصر للقتال الى جانب جيش النظام. وبسبب نقص المقاتلين الراغبين في القتال في سوريا بدأ الايرانيون يبحثون في اماكن أخرى، واخذوا يجنّدون إيرانيين وأفغانًا ولبنانيين وعراقيين وباكستانيين من الشيعة. &

في مخيم للاجئين في جزيرة ليزبو اليونانية، تحدث مراهق كانت آثار الصدمة النفسية بادية عليه، عن مقاتلي "لواء فاطميون"، وكيف كانوا يُدفَعون الى المقدمة، ليكونوا الموجة الأولى من المقاتلين الذين يمكن التضحية بهم. &

أفغانيون عدة قالوا إنهم تعرّضوا للتهديد بالترحيل أو السجن إن لم يتوجهوا إلى سوريا

&

قال "كنا أحيانًا بلا مؤن، او ماء أو خبز، نعاني من الجوع والعطش وسط الصحراء. كنا فرقة مشاة خفيفة نسير 20 ـ 30 كلم لمواجهة "العدو" ومقاتلته. وكنا نسيطر على الأرض بثمن باهظ، ثم نسلمها الى الجنود السوريين، لكنهم كانوا عادة يخسرونها مجددا لمصلحة تنظيم الدولة الاسلامية "داعش". وذات ليلة طوّقونا في بستان، واطلقوا علينا قاذفات آر بي جي، ورأيت رفيقي يتمزّق اربًا اربًا امام عيني. بعد ذلك كرهتُ الحرب، وبدأتُ اخاف من الحرب". &

إيران تؤكد أن جميع المقاتلين الأفغان هم جميعًا متطوعون يريدون الدفاع عن المقامات الشيعية في سوريا

معركة حلب
في ميناء ميتيلين اليوناني، قال افغاني آخر هارب من سوريا "أخذونا الى الحرب بالقوة. لم أكن راضيًا، لكنهم قالوا انهم سيرحلونني الى افغانستان أو يضعونني في السجن، لأني افغاني لا أملك بطاقة هوية. انتهى بي المطاف في معتقل أصغر آباد قبل ان ألتحق".&

لا تتوافر ارقام رسمية عن عدد الأفغان، الذين ارسلتهم ايران للقتال في سوريا، أو عدد القتلى منهم. لكن منظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الانسان قدرت أخيرا ان الحرس الثوري ربما جنَّد زهاء 10 آلاف افغاني.&

بينما يؤكد مقاتلون أفغان أن قادتهم الإيرانيين أجبروهم على القيام بعمليات خطيرة


&وإذ تستعد قوات النظام لشن هجوم واسع في محافظة حلب، مع موسم الربيع، يبدو ان "الفرقة الأجنبية"، التي شكلتها ايران ستقاتل، ويُقتل افرادها من أجل الأسد لفترة اخرى مقبلة. &
&