بمناسبة ذكرى تأسيسها الخامسة عشرة، تنشر "إيلاف" تحقيقاً تواصلت فيه مع عدد من رؤساء التحرير، والإعلاميين، والفنّانين الذين هنّأوا "إيلاف" بهذه المناسبة، وأبدوا رأيهم بالإعلام الإلكترونيّ وأهميّته، وأعربوا عن آرائهم حول إمكانيّة حلول هذا الإعلام كبديل راسخ عن الإعلام الورقيّ.


سعيد حريري من بيروت: مجموعة من الإعلاميين والفنّانين وجّهوا معايداتهم لـ"إيلاف" بمناسبة احتفالها بالذكرى الخامسة عشرة على تأسيسها، وأبدوا رأيهم بأهميّة الإعلام الإلكترونيّ، ومواقع التواصل الإجتماعيّ من خلال هذا التحقيق. ننشر آراءهم هنا بحسب التسلسل الأبجديّ لأسمائهم.&

بولا يعقوبيان: إيلاف شكّلت البداية الناجحة للثورة الإلكترونيّة

&&

الإعلاميّة بولا يعقوبيان، مقدّمة برنامج "إنترفيوز" على شاشة تلفزيون المستقبل اللبنانيّ، إستهلّت حديثها معنا بالقول: "إيلاف بدأت بعهد الصحافة الإلكترونيّة في المنطقة العربيّة، وكلّ الأنظار إتّجهت آنذاك إلى العمل المحترف، والمتقن، والسرعة في نقل الخبر الذي قدّمته "إيلاف".&

وتابعت: " المستقبل للإعلام الإلكترونيّ، وسيأتي يوم قريب لا ورق فيه، الكلّ بات يأخذ الخبر والتحاليل من الشاشات الإلكترونيّة على مختلف أنواعها. الصحافة التقليديّة إلى انقراض وخاصّة المطبوعة منها.&

التلفزيون سيختلف أيضاً، وسيُصبح "على الطلب"، لن يكون هناك "مطوّلات بعد اليوم"، وأطول مقابلة سنشهدها لن تطول مدّتها عن الخمس دقائق. عصر السرعة الذي نعيشه يقتضي مواكبة هذا التغيير في العالم".&

وأطلقت يعقوبيان على مواقع التواصل الإجتماعيّ تسمية "صحافة المواطن"، قائلةً: "صحافة المواطن ليست صحافة حقيقيّة، وإنّما هي منصّة لإبداء الرأي، وستبقى الصحافة وسيبقى التحليل حاجة للجميع. لا شكّ أنّ المَشاهد التي يرصدها المواطن عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ لها مكانتها، ولكنّها لن تحلّ محلّ مهنة الصحافة، بقدر ما ستشكّل متفرّعاً للخبر، ونقله، وتحليله، والإضاءة عليه. ما زلنا نختبر القوّة الإلكترونيّة، ونعيش في العصر الإلكترونيّ، وسيشهد التاريخ أنّ "إيلاف" شكّلت البداية الناجحة للثورة الإلكترونيّة".&

جيسيكا عازار: " الأهمّ أنّ "إيلاف" بقيت في المركز الأوّل"

وباركت الإعلاميّة جيسّيكا عازار، مقدّمة نشرات أخبار شاشة "أم. تي. في" اللبنانيّة، قائلةً: " ألف مبروك لـ "إيلاف"، وليس الأهمّ أنّ "إيلاف" هي أوّل صحيفة إلكترونيّة عربيّة، وإنّما الأهمّ أنّها بقيت في المركز الأوّل، وكانت السبّاقة. "إيلاف" صحيفة إلكترونيّة تتمتّع بالمصداقيّة، وتحظى باحترام كلّ الناس".&

ورأت عازار أنّ المستقبل للإعلام الإلكترونيّ، مبرّرة ذلك بالقول: "بطبيعة الحال، ومع ثورة الإنترنت، ومواقع التواصل الإجتماعيّ التي نعيشها ستكبر قوّة الإعلام الإلكترونيّ، وبدأنا نشهد في العديد من الأماكن أنّه البديل عن الإعلام الورقيّ، وأكبر برهان على هذا الموضوع أنّ في الكثير من بلدان العالم تحوّلت أهمّ الصحف من الورقيّ إلى الإلكترونيّ. مع العلم أنّه يبقى للصحافة الورقيّة قيمتها وتاريخها، ولكنّ التطوّر يفرض تغيّرات في مجالات معيّنة. شخصياً، أحبّ الصحيفة الورقيّة لأنّها تشكّل التاريخ بالنسبة لي، ولكن شئنا أم أبينا، تبقى الصحيفة الإلكترونيّة هي أوّل ما نقرأه في صباحاتنا، وهي الأسهل في الولوج إليها".&

وختمت جيسيكا حديثها مؤكّدة: "أصبحت مواقع التواصل الإجتماعيّ اليوم مصدراً للخبر، ولكنّ يبقى الموقع الإلكترونيّ، كموقع إيلاف مثلاً، هو صاحب المصداقيّة، وهذه المصداقية هي التي تخوّله أن يكون مصدر معلومات يوثق به".&

لطيفة: "إيلاف" سند إعلاميّ مهمّ

وكانت لنا وقفة مع الفنّانة لطيفة التي قالت: " طبعاً إيلاف من أوّل، وأقوى، وأحلى المواقع الإلكترونيّة، "إيلاف" كانت وما زالت الرائدة بين المواقع الإلكترونيّة في العالم العربيّ كلّه، والإنترنت هو كون بحدّ ذاته، وبالنسبة لي "إيلاف" هي سند إعلاميّ مهمّ، وأحيّي كلّ القائمين على "إيلاف" لأن هذا الموقع هو مرآة صادقة لكلّ فنّان مبدع في كلّ العالم العربيّ، والعالم عموماً، و"إيلاف" هي من القلائل الذين يتمتّعون بالمصداقيّة على مستوى المواقع الإلكترونيّة، وأقول "كلّ سنة وأنتم طيّبون" لكلّ مبدع ومبدعة، ولكلّ إعلاميّ وإعلاميّة في "إيلاف".&

وعن مستقبل الإعلام الإلكترونيّ قالت لطيفة: " لا شكّ أنّ التطوّر التكنولوجي فرض نفسه بقوّة على عالمنا اليوم، ونحن نعيش ثورة المعلوماتيّة التي جعلت تحوّل العديد من الصحف الورقيّة إلى صحف إلكترونيّة أمراً حتمياً، ولكنّ التطوّر الذي أصاب الورق سيصيب المواقع الإلكترونيّة عاجلاً أم آجلاً، فنحن في عصر التغيّرات السريعة والمتلاحقة، لذلك على المواقع الإلكترونيّة أن تواكب هذه الموجة بسرعة، وتندمج بمواقع التواصل الإجتماعيّ إندماجاً مدروساً، وذكياً يضمن لها الإستمراريّة في زمن التحوّلات الكبيرة".&

ماريا معلوف: عثمان العمير معروف بعشقه التحدّيات المستحيلة

وإستهلّت الإعلاميّة ماريا معلوف حديثها بالقول: "شكّلت إنطلاقة "إيلاف" صدمة كبيرة وإيجابيّة في الإعلام العربيّ، وقد وصف بعض الزملاء الكاتب والإعلاميّ عثمان العمير بالمغامر في تلك الفترة، وربّما كانت هذه الخطوة لتؤدّي إلى المجهول آنذاك بسبب الأميّة الإلكترونيّة التي كانت سائدة في حينه، وعدم جرأة الإعلام العربيّ على خوض مثل هذه التجربة، ولكنّ العمير كان معروفاً بعشقه التحدّيات المستحيلة، فخاض غمار هذه المغامرة، وحقّق إنجازاً كبيراً جداً، وأصبحت "إيلاف" قدوة، ومثالاً يُحتذى به بعد خمسة عشر عاماً على انطلاقتها، وجعلت العديد من المواقع الإلكترونيّة الجامعة والشاملة تخوض تجربة إستنساخها لأنّها تجربة رائدة ومميّزة".&

نجاح تجربة "إيلاف" خصوصاً أنّها خلقت فضاءً للتفاعل مع من يتلقّى الأحداث، وفي بعض الأحيان كانت "إيلاف" شريكاً في التغطيّة، والحدث، وجعلت الخوض في مجال العالم الرقميّ تحدّياً كبيراً، وإبداعاً عظيماً.

وتابعت معلوف رأيها بوجه المقارنة ما بين الإعلام الإلكترونيّ ووسائل التواصل الإجتماعيّ قائلةً: " سهّلت وسائل التواصل الإجتماعيّ عمليّة تبادل الأخبار والصور بشكل سريع جداً، تسبق بها أحياناً وكالات الأنباء التقليديّة التي تعوّدنا متابعتها، إلّا أنّي أرى أنّ المستقبل هو للإعلام الإلكترونيّ الذي سحب البساط من الإعلام الورقيّ التقليديّ. لا شكّ أنّ للورق سحرًا، ورونقا خاصّا&به، ولكنّ مع سرعة المعلومة المدعّمة بالصورة، والفيديو، والمشهد العفويّ الحيّ يندثر الإعلام الورقيّ تدريجياً".&

وختمت معلوف حديثها قائلةً: " نرى كبريات الصحف تنقطع عن إصدار نسختها الورقيّة لتتّجه نحو إنشاء المواقع الإلكترونيّة، وتطويرها، ودعمها، وأعتقد أن تطوّر التكنولوجيا جعلنا نتجّه إلى هذا العالم والفضاء الواسع".&

منير الحافي: سيحمل المستقبل مفاجآت في الإعلام التواصليّ

أمّا الإعلاميّ منير الحافي فقال في المناسبة: " لـ"إيلاف" منّي الف تحية معطرة برائحة الحبر الذي حوّلته هذه المؤسسة الرائدة الى حبر لا يزول! التحوّل من الحبر المطبوع الى "حبر الأثير" أمر مهم جداً مع "إيلاف" والقائمين عليها. ولعلّ هذه المؤسّسة استشرفت المستقبل باكراً فكانت السبّاقة في انشاء موقعها الالكتروني. أتمنّى لكم الاستمرار في تميّزكم وسط الكمّ الهائل من الاصدارات الالكترونية العربية".

وعن رؤيته المستقبليّة للإعلام الإلكترونيّ وعلاقته بوسائل التواصل الإجتماعيّ قال الحافي: " الإعلام الإلكترونيّ له الحيثيّة الآن لأنّه إعلام الساعة. &لا شكّ أنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ تنافس هذا الاعلام بشكل جديّ لكنّها لم تأخذ منه دوره، إذْ إنّ هناك اختلافاً بينهما من حيث الجديّة وتناول الموضوعات وغير ذلك. المستقبل بالنسبة لي، سيحمل مفاجآت كبرى في الإعلام التواصليّ بحيث إنّ كلّ ما من شأنه اختصار الموضوعات، والإكثار من التفاعليّة ما بين الكاتب والقارئ سيكون هو الطاغي في الاعلام الذي نتحدّث عنه".

نجوى كرم: لا يجب إغفال دور الصحافة في توجيه الرأي والنقد البنّاء

بدورها وجّهت الفنّانة نجوى كرم معايدتها لـ "إيلاف" قائلةً: "أودّ أن أبارك لإيلاف بعيدها الخامس عشر والعقبى للعيد المئة، وتهنئتي لهذه الصحيفة الإلكترونيّة لن تكون فقط لأنّها أوّل صحيفة إلكترونيّة تصدر في عالمنا العربيّ، وليس بسبب مصداقيتها في نقل الخبر، ومتابعته، وإنّما أيضاً بسبب الإستمرار طيلة هذه السنوات في زمن التحدّيات الكبرى، وهذا هو الأهمّ برأيي".

أمّا بالنسبة إلى مستقبل الإعلام الإلكترونيّ فقالت كرم: " إنّه مستقبل زاهر ومبشّر، ولكنّي متفائلة أيضاً بأنّ الإعلام الورقيّ لن يموت وسيبقى له جمهوره وقرّاؤه، رغم الثورة الكبيرة التي أنتجتها وسائل التواصل الإجتماعيّ، والتي أصبحت منبراً مباشراً لنا كفنّانين للتواصل مع جمهورنا، ولكن يجب ألاّ نغفل دور الصحافة في توجيه الرأي والنقد البنّاء، وفي التحقيق عن القضايا والحوادث المهمّة، لذلك أعتقد أنّه على الإعلام الإلكتروني أن يتفاعل هو الآخر مع وسائل التواصل الإجتماعيّ كي يكتمل بها، ويصل إلى أكبر شريحة ممكنة من المتلقّين".

نسرين ظواهرة: مواقع التواصل الإجتماعيّ قلّصت دور الصحافة

وفي الختام كانت تهنئة من الإعلاميّة والناقدة الفنيّة نسرين ظواهرة من جريدة النهار اللبنانيّة التي قالت: "في البداية أودّ أن أهنّئ "إيلاف"، فخمسة عشر عاماً "أونلاين" ليس بالأمر السهل أبداً، و"إيلاف" من أوّل المواقع التي أحدثت خرقاً غير طبيعيّ في وقت كان التلفزيون، والصحافة المطبوعة يحتلّان المشهد الإعلاميّ، وكانا بمثابة المرجع الحقيقيّ للفنّانين، وللقرّاء. لا أرى أن نجاح "إيلاف" هو الأساس، وإنّما الإستمراريّة هي بحدّ ذاتها قوّة وسط هذه الزحمة من المواقع الإلكترونيّة. في البداية كان للموقع الإلكترونيّ قيمته، أمّا اليوم فأصبح بإمكان أيّ كان أن يؤسّس موقعاً، وأن يطلق على نفسه لقب إعلاميّ، لذلك فاستمراريتكم بهذا المستوى العالي والراقي لمدّة خمسة عشر عاماً هي دليل أنّ الطاقم الذي يدير هذا الموقع على قدر كبير من الحرفيّة، وأذكر تماماً عندما صدرت إيلاف في العام 2001 ، دُهشتُ كثيراً لأنّ الصحافة الإلكترونيّة كانت أمرأً جديداً بالنسبة لنا جميعاً، ولم نكن نستوعب مدى أهميّة الصحافة الإلكترونيّة آنذاك".&

وتابعت ظواهرة الحديث عن مستقبل الإعلام الإلكترونيّ قائلةً: "أنا متأكّدة أنّ هذا الإعلام هو المستقبل، ونحن نرى دلائل كثيرة على الأرض: من إقفال جرائد، وإيقاف مجلّات، وحتّى التلفزيون... أشعر أنّ كلّ جيل اليوم، وبالتحديد من تتراوح أعمارهم ما بين 15 – 25 عاماً، هم جيل "السوشال ميديا" أو وسائل التواصل الإجتماعيّ، وهؤلاء يفضّلون أن يشاهدوا برامج لا تطول مدّتها عن بضع دقائق على "يوتيوب"، أو بضع ثوانٍ على "إنستغرام"، بعيداً عن الوقت الطويل لبرامج التلفزيون الكلاسيكيّة. أعتقد أنّنا ذاهبون جميعاً بإتّجاه الإعلام الإلكترونيّ، والدليل أنّ كلّ التلفزيونات، والجرائد تعمل أن يكون موقعها الإلكترونيّ بقوّة المحطّة&نفسها&، أو الجريدة المطبوعة، لا بل أقوى منها. مع الأسف، ومع أنّي إبنة جريدة النهار، إلاّ أنّي أعتقد أنّ المواقع الإلكترونيّة أصبحت اليوم راسخة بشكل أكبر كبديل عن الإعلام الورقيّ، وربّما أصبح نمط حياتنا السريع يفرض علينا ذلك، فبدل أن أترك منزلي، وأقود سيّارتي، وأجد لها مكاناً أركنها لأشتري الجريدة، تصلني في الوقت نفسه كميّة كبيرة من الأخبار على هاتفي النقّال دون أن أتحرّك، وليس فقط الأخبار، فمتى أردت أن تتحرّى أبعاد الخبر أصبح بإمكانك ذلك بالبحث عبر شبكة الإنترنت. كنّا في البداية نزعل بسبب هذا التغيّر التكنولوجي، ولكن علينا اليوم أن نفتح يدينا لنستقبل هذا التطوّر الجديد الذي أصبح واقعاً يجعلك تُجاري العالم. ومع ذلك، أفهم أهميّة الورق ورائحته... لا يمكن الإستغناء عن هذا الإحساس في أوقات معيّنة، وخصوصاً بالنسبة لمن يحبّ عادة القراءة قبل النوم!".

وأكملت ظواهرة: " لا أعتقد أن المواقع الإلكترونيّة ستموت قريباً كما يحصل مع الصحف المطبوعة اليوم، أرى أنّ الموضوع ما زال طويل الأمد. إنّه المستقبل الكاسح الذي يأخذ دور التلفزيون قليلاً، وربّما سيزداد الوضع سوءاً في المستقبل، لأنّي أشعر في بعض الأحيان أنّه لم يعد هناك قيمة للمعلومة، وأصبحنا نتّجه صوب كلّ ما هو سريع، ومختصر ضمن وقت محدّد، الأجيال القادمة أصبحت بحاجة أن تعرف أكثر في أقلّ وقت ممكن".&

وعن وجه المقارنة ما بين الإعلام الإلكترونيّ ووسائل التواصل الإجتماعيّ قالت ظواهرة: " برأيي هما مختلفان، ويجب أن يحافظ الموقع الإلكترونيّ على مستوى معيّن، وأشعر أحياناً كصحافيّة أن وسائل التواصل الإجتماعيّ بكلّ أشكالها عرّضت دور الصحافة، والصحافيين لأذيّة كبيرة، حيث إنّها قلّصت من قيمة دورهم الذي لم يعُد كما كان في السابق، لذلك على المواقع الإلكترونيّة أن تنفّذ رقابة ذاتية تضمن جودتها، ومحتواها لتحافظ على قيمتها، وتأثير كلمتها. ولكن لا شكّ أن مواقع التواصل الإجتماعيّ أصبحت بالنسبة إلى الفنّانين مثلاً بديلاً كاملاً عن الصحافة، لأنّه أصبح باستطاعة أيّ فنّان أن ينفي أو يؤكّد أيّ معلومة، أو ينشر أيّ خبر يتعلّق به بلحظة عبر صفحاته على مواقع التواصل الإجتماعيّ، وهذا أيضاً ساهم بتقليص دور الصحافيين أكثر وأكثر، ولكنّه الواقع الذي نعيشه، ولا يجب أن نلوم الفنّان لأنّه يجاريه، لأنّ ذلك مطلوب منه كما هو مطلوب منّا تماماً".