تعرفت على إيلاف غداة انطلاقها ورافقتها بانتظام وساهمت بجهدي المتواضع في مسيرتها، مع كوكبة من خيرة الكتاب والمفكرين والفنانين العرب. ولا أزال وبرغم العمر ومصاب بالعينين، أساهم قدر طاقتي لأن الكتابة في إيلاف مصدر بهجة وراحة ضمير لي. فهي منبري المفضل على مدى أكثر من عقد، ذلك المنبر الذي يرحب بالفكر الحر والداعي إلى القيم الديمقراطية والليبرالية والعَلمانية وإلى تلاقي الشعوب والثقافات والأديان.

انطلقت إيلاف في فترة شديدة الحرج من التاريخ المعاصر ففي تلك السنوات وقعت أحداث 11 سبتمبر وحربا أفغانستان والعراق وتفجيرات مدريد ولندن وغيرها من احداث جسام. كانت فترة هجمات وحش القاعدة، المنبثق عن الإسلام السياسي كفرعه البربري وها هي إيلاف تحتفل بميلادها الخامس عشر والعالم أمام مخاطر وحش داعش وأزمات كبرى، وهي أساسا أزمات عربية، وعلى الأخص الأزمة السورية التي تتفاقم برغم المفاوضات غير المجدية.

تعرفت من خلال إيلاف على الفقيدين العفيف الأخضر وشاكر النابلسي وعلى فريق معهما من كتاب متميزين آمنوا مع إيلاف بحرية الفكر وحرية التعبير وبالليبيرالية وحقوق الإنسان. وعلى صفحات إيلاف أدينت المظالم ضد مسيحيي المنطقة وجرى فضح هويات وأهداف الإسلام السياسي بكل تفرعاته ومذاهبه من اخوانية وخمينية وقاعدية وداعشية وغيرها.

إيلاف تجسد الحرية المسؤولة والفكر التنويري. وقد تعلمت منها الكثير سواء في مقالات كتابها أو في بابها الثقافي لمحررها الشاعر عبد القادر الجنابي أو في باب جريدة الجرائد. وإذا كان هناك من المتكلسين فكريا وسياسيا من لا يرتاحون لإيلاف فأن الذنب ذنبهم.

في هذا اليوم أتوجه بالشكر والامتنان للأستاذ عثمان العمير ولجميع العاملين في إيلاف. كما أقف بإجلال أمام ذكرى من رحلوا من كتاب إيلاف وأتذكر منهم العفيف والنابلسي وأحمد أبو مطر ورياض الأمير فمجدا لذكراهم وطوبى ومرحى لإيلاف في عطاء مستمر وشباب فكري متجدد.