بروكسل: في حال اختارت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، فسيواجه الطرفان وضعا غير مسبوق يرغمهما على بناء علاقة جديدة فيها الكثير من اوجه الغموض، بعد زواج استمر اكثر من اربعين عاما.

في ما يلي استعراض للمسائل المطروحة، من القاعدة القانونية لطلاق محتمل، الى القضايا التي ستطرح في المفاوضات الجديدة التي سيترتب على بروكسل ولندن خوضها:

اليوم التالي

ايا تكن النتيجة، يعقد اجتماع خاص في بروكسل في 24 يونيو عند الساعة 10,30 (08,30 ت غ) يشارك فيه كبار المسؤولين الأوروبيين مثل رئيس الاتحاد دونالد توسك ورئيس المفوضية جان كلود يونكر ورئيس البرلمان مارتن شولتز ورئيس وزراء هولندا مارك روتي الذي تتولى بلاده الرئاسية نصف السنوية للاتحاد الأوروبي.

وفي جميع الاحوال، من المقرر عقد قمة لجميع الدول ال28 الاعضاء في الاتحاد يومي 28 و29 يونيو.

لكن في حال افضى الاستفتاء الى الخروج، فان كبار القادة الأوروبيين امثال المستشارة الالمانية انغيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيجرون عل الارجح محادثات طارئة قبل ذلك.

كما من المرجح ان يعقد البرلمان الأوروبي جلسة طارئة قبل القمة.

الاطار القانوني

نصت المعاهدات على آلية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي، ادرجتها في "بند الانسحاب" (المادة 50) الذي اقرته معاهدة لشبونة (2009). وتحدد الآلية سبل انسحاب طوعي ومن طرف واحد، وهو حق لا يتطلب اي تبرير.

واذا اتخذ القرار، سيترتب على لندن التفاوض بشأن "اتفاق انسحاب" يقره مجلس الاتحاد الأوروبي (يضم الدول الاعضاء الـ28) بغالبية مؤهلة بعد موافقة البرلمان الأوروبي.

ولا تعود المعاهدات الأوروبية تطبق على بريطانيا اعتبارا من تاريخ دخول "اتفاق الانسحاب" حيز التنفيذ، او بعد سنتين من الابلاغ بالانسحاب في حال لم يتم التوصل الى اي اتفاق في هذه الاثناء. غير ان بوسع الاتحاد الأوروبي ولندن ان يقررا تمديد هذه المهلة بالتوافق بينهما.

"عشر سنوات من الغموض"

ان كانت آلية الطلاق موجودة، فهي لم تستخدم حتى الان، ما يثير تساؤلات كثيرة حول المفاوضات التي سيترتب اجراؤها لتحديد علاقة جديدة، بعد اربعة عقود نسجت علاقات متداخلة ومتشعبة ربطت المملكة المتحدة بباقي الاتحاد الأوروبي.

فهل يتعين تحديد هذه العلاقة الجديدة منذ اتفاق الانسحاب؟ ام يجدر اجراء المفاوضات على مسلكين منفصلين؟ يبدو الخيار الثاني مرجحا اكثر. كما يجدر بلندن تعديل تشريعاتها الوطنية لايجاد بدائل عن النصوص الكثيرة الناجمة عن مشاركتها في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في مجال الخدمات المالية.

واوردت الحكومة البريطانية في دراسة رفعت الى البرلمان في فبراير "من المرجح ان يستغرق الامر وقتا طويلا، اولا للتفاوض بشأن انسحابنا من الاتحاد الأوروبي، ثم بشأن ترتيباتنا المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي، واخيرا اتفاقاتنا التجارية مع الدول خارج الاتحاد الأوروبي". وتحدثت في الدراسة عن "فترة تصل الى عقد من الغموض" ستنعكس على الاسواق المالية او كذلك على قيمة الجنيه الاسترليني.

اختيار نموذج بين النروج وسويسرا

السيناريو الاسهل يقضي بانضمام المملكة المتحدة الى ايسلندا او النروج، كعضو في "الفضاء الاقتصادي الأوروبي"، ما سيمنحها منفذا الى السوق الداخلية. لكن سيتحتم على لندن في هذه الحالة احترام قواعد هذه السوق الملزمة، بدون ان تكون شاركت في صياغتها، كما سيترتب عليها تسديد مساهمة مالية كبيرة.

ويقضي سيناريو آخر باتباع النموذج السويسري. لكن رئيس القضاة السابق في مجلس الاتحاد الأوروبي جان كلود بيريس الذي يعمل اليوم مستشارا راى انه "من غير المرجح ان ترغب بريطانيا في سلوك هذا الطريق".

وفي دراسة حول سيناريوهات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لفت الى ان سويسرا ابرمت اكثر من مئة اتفاق مع الاتحاد الأوروبي في قطاعات محددة تستثنى منها الخدمات، مشيرا الى ان الاتحاد الأوروبي غير راض اليوم على علاقته مع برن.

ومن الخيارات الاخرى المطروحة ابرام اتفاق تبادل حر مع الاتحاد الأوروبي، او وحدة جمركية كما مع تركيا.. وقال بيريس انه اذا لم يتم ابرام اتفاق، فان بريطانيا "ستصبح ببساطة اعتبارا من تاريخ انسحابها، دولة خارجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، مثل الولايات المتحدة او الصين".

وايا كان السيناريو الذي سيطبق، راى ان امام لندن خيارين فقط: اما ان تصبح "اشبه ببلد يدور في فلك الاتحاد الأوروبي" او ان تواجه "حواجز اعلى بين اقتصادها وسوقها الرئيسية".

التبعات على البريطانيين في الاتحاد الأوروبي

ينبغي على لندن ان تفاوض حول وضع حوالى مليوني بريطاني يقيمون او يعملون في الاتحاد الأوروبي، ولا سيما حقوقهم في التقاعد وحصولهم على الخدمات الصحية في دول الاتحاد الـ27 الاخرى.

وافادت دراسة الحكومة البريطانية انه "لن يكون بوسع مواطني المملكة المتحدة المقيمين في الخارج، وبينهم الذين تقاعدوا في اسبانيا، ان يضمنوا هذه الحقوق".

ولفتت الدراسة الى انه سيتم التفاوض بشأن كل من هذه الحقوق التي يحظى بها البريطانيون في دول الاتحاد الأوروبي على قاعدة المعاملة بالمثل لرعايا الاتحاد الأوروبي في بريطانيا.