في توجه من شأنه تحجيم خطاب التمييز والكراهية ومعاقبة مريديه، أنهى أعضاء في مجلس الشورى السعودي صياغة قانون جديد تحت عنوان: "نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية".&

إيلاف من الرياض: في إطار سعي المملكة العربية السعودية للقضاء على خطاب التمييز والكراهية، أنهى مجلس الشورى صياغة مشروع قانون جديد يجرًم كل من يزدري الاديان والانبياء ويسيء اليهم، بالإضافة الى كل من ينتقص الاخرين بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الطائفة.

ويسعى مشروع النظام الجديد، الذي من المقرر مناقشته في مجلس الشورى قريبا، الى تحقيق العديد من المرتكزات، يأتي في مقدمها الحفاظ على الأمن الوطني في ظل الأوضاع السياسية الراهنة، ومنع الاعتداء على دور العبادة، ومواجهة نزعات التطرف والإرهاب، وحماية النسيج الاجتماعي من مخاطر التمييز بين أفراد المجتمع وفئاته لأسباب عرقية أو قبلية أو مناطقية أو مذهبية أو طائفية أو لتصنيفات فكرية أو سياسية.

وطبقا لمبررات صياغة التشريع، فقد استند معدوه على عدم وجود نظام في السعودية يعاقب على التمييز بين الأفراد والفئات، وبما ان ضمن صلاحيات مجلس الشورى اقتراح مشروع نظام جديد أو اقتراح تعديل نظام نافذ، فقد تمت صياغة هذا المشروع لمناقشته في مجلس الشورى، &وفي حال الموافقة عليه سيتم رفعه لمجلس الوزراء لاعتماده واقراره.

تماسك المجتمع

ويأتي هذا النظام بعد أن برزت حالات فيها مساس بالذات الإلهية بالانتقاص أو السخرية والإساءة إلى الأنبياء، كما ظهرت مخالفات كثيرة فيها انتقاص للآخرين بسبب اللون أو الجنس أو العرق أو الطائفة، والتي أخذت بُعداً إعلامياً وحديثاً واسع النطاق في المجالس، فيما يعوِّل الكثير من المختصين على النظام الجديد في مساعدة الدولة والمجتمع &في الإطباق على خطاب التمييز والكراهية في السعودية.

الباحث القانوني مسعود الشهري، اوضح ان النظام الجديد يأتي ترسيخاً لنهج السعودية الثابت في احترام الأديان والثقافات الأخرى ونشر مبادئ التسامح والمساواة، مشيرا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن القانون اذا ما تم تطبيقه سيضع حداً لتجاوزات أصحاب الأفكار المشوشة الذين يبثون سمومهم عبر مختلف الوسائل، حيث سيزيد القانون من تماسك المجتمع السعودي وسوف يساهم في حفظ الحقوق والواجبات.

وقال الشهري ان المجتمع السعودي تضرر كثيرا من الافكار الفئوية والتميزية التي يتم الترويج لها من خلال شبكات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية، مبينًا أن القانون سيضع حداً لتلك الفوضى غير المنضبطة والتي سمحت بترويج مثل هذه الأفكار، مؤكدًا أن القانون جاء في وقته &ولابد ألا يتأخر في اقراره ، حيث سيعالج الكثير من الإشكاليات المتعلقة بجرائم الحض على الكراهية وازدراء الأديان والتطاول على المقدسات، إلى جانب التصدي للأفكار المسمومة.

مواجهة التحديات

المحلل السياسي الدكتور سلطان المهدي، اكد ان القانون حماية ووقاية للمجتمع، لاسيما في ظل الاوضاع السياسية التي تشهدها المنطقة، مشيرا في حديثه لـ"إيلاف" إلى ان هذه الاوضاع تلزم الجميع بالوقوف في صف واحد لمواجهة اي توجهات من شأنها ان تفكك المجتمع وفي مقدمها الإطار القانوني، واضاف: "لا بد من وجود عقد قانوني يدوّن سطور التسامح، ويعاقب المخربين، ويحدد علاقة وتعامل الناس مع بعضهم، دون تميز أو تفرقة، ويحافظ على المكانة المقدسة للذات الإلهية والأنبياء والكتب السماوية والأديان".

هذا ويتكون مشروع نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية &من 29 مادة، تتناول العقوبات والغرامات والافعال التي تعتبر جرما يعاقب عليها القانون، ومن أبرزها المساس بالذات الإلهية بالطعن أو الانتقاص أو السخرية أو الاستهزاء، والإساءة إلى الأنبياء أو أزواجهم بأي صورة من الصور، حيث يعاقب مرتكبها بالسجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، وبغرامة مالية ما بين نصف مليون الى 2 مليون ريال سعودي.

وفي ما يتعلق بجرائم التمييز، فيعاقب كل من بخس الآخرين، حقوقهم المكتسبة، بسبب الطائفة أو المذهب او اللون او الجنس من حيث الذكورة والأنوثة او العرق او القبيلة او الجنسية او المنطقة او الفئة الاجتماعية او الانتماء الفكري، بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة مالية &ما بين نصف مليون الى 2 مليون ريال.

عقوبات

اما جرائم الكراهية، فقد نص النظام على ان كل من انتقص الآخرين، أفرادا أو جماعات، أو أساء إليهم، بسبب الطائفة أو المذهب او اللون او الجنس من حيث الذكورة والأنوثة او العرق او القبيلة او الجنسية او المنطقة او الفئة الاجتماعية او الانتماء الفكري، فضلا عن كل من ارتكب قولا أو فعلا من شأنه إثارة خطاب الكراهية، فانه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، وبغرامة مالية ما بين نصف مليون الى 2 مليون ريال.

كما شمل "نظام مكافحة التمييز وبث الكراهية" تعريفات وعقوبات خاصة بإثارة النعرات القبلية والتكفير والتحريض والإنتاج أو الترويج واثارة خطاب الكراهية، وما يسري عليها من إنشاء جمعيات أو منظمات او اقامة مؤتمرات أو اجتماعات، فيما استثنى النظام من أحكامه ما يعد من النقد العلمي الهادف، أو الطرح المعرفي الموثق، أو الجدل الفكري المؤسس على ضرورات التنوع الإنساني الطبيعي، ما لا يستهدف الإساءة أو الانتقاص أو إثارة النعرات، ويرجع التقدير في ذلك إلى الجهة المختصة بتنفيذ أحكام هذا النظام.


&