نيس: قتل 84 شخصًا في اعتداء نيس (جنوب شرق فرنسا)، حيث انقضت شاحنة على الحشود المتجمعة مساء الخميس للاحتفال بالعيد الوطني، بحسب حصيلة جديدة من وزارة الداخلية الفرنسية.

وكانت الحصيلة السابقة تفيد عن سقوط ما لا يقل عن 80 قتيلاً بينهم اطفال. واوضح المتحدث باسم الوزارة بيار هنري برانديه لوكالة فرانس برس أن 18 جريحًا لا يزالون في حال "حرجة جدًا" صباح الجمعة فضلاً عن "خمسين جريحًا اصاباتهم طفيفة".

وبعد ثمانية اشهر على اعتداءات باريس التي اوقعت 130 قتيلاً، غرقت فرنسا مجددًا في مشاهد من الرعب والدماء، وهذه المرة في منطقة سياحية مقصودة جدًا على شاطىء الكوت دازور.

واعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فجر الجمعة انه "لا يمكن انكار الطابع الارهابي" لاعتداء نيس "الوحشي".

وقال في خطاب عبر التلفزيون من قصر الاليزيه إن الاعتداء اوقع "77 قتيلاً"، بينهم "اطفال كثر" اضافة الى 20 جريحًا حالهم حرجة للغاية.

لكن بعد وقت قصير، اشار وزير فرنسي الى ارتفاع حصيلة الضحايا الى 80 قتيلاً.

وكان هولاند قطع زيارة الى افينيون (جنوب شرق) وقرر العودة الى باريس، حيث شارك في اجتماع لخلية الازمة التي شكلتها وزارة الداخلية ليل الخميس الجمعة بعد الاعتداء، ثم عاد الى قصر الاليزيه.

وقالت الرئاسة الفرنسية انه عبّر عن "دعمه لابناء مدينة نيس وتضامنه معهم".

وقال هولاند في خطابه عبر التلفزيون ان حالة الطوارئ في فرنسا ستمدد لثلاثة اشهر، داعياً المواطنين الاحتياطيين في الجيش الفرنسي الى المشاركة في تعزيز الامن.

كما اعلن ان فرنسا ستعزز تدخلها في سوريا والعراق اثر الاعتداء.

ولم يصدر بعد أي تبنٍ للاعتداء، لكنه يحمل بصمات جهاديين.

وتسلم فرع مكافحة الارهاب في النيابة العامة الفرنسية التحقيق.

قتل السائق

واوضح مصدر قضائي ان شاحنة بيضاء اندفعت باقصى سرعة في اتجاه الحشد الذي كان يضم الآلاف وبينه العديد من الاجانب، وحصدت ضحايا على مسافة كيلومترين. وحصل ذلك في وقت كان عرض الالعاب النارية يشارف على نهايته.

واعلنت وزارة الداخلية أن الشرطة قتلت سائق الشاحنة.

وقال رئيس مجلس منطقة نيس كريستيان ايستروزي "كانت هناك اسلحة واسلحة ثقيلة داخل الشاحنة".

وافاد صحافي في وكالة فرانس برس كان في المكان أن الشاحنة هي شاحنة تبريد، وانها دهست اشخاصًا كثيرين، ما تسبب بحالة هلع.

وقال الصحافي روبرت هولواي "كانت الفوضى عارمة. رأيت اناسًا مصابين وحطامًا يتطاير في كل مكان. رأيت اناسًا يصرخون".

واضاف "مرت الشاحنة بقربي، ولم تكن لدي الا ثوانٍ معدودة لأتنحى".

وتابع "قفزت جانبًا، واضطررت لان اخبئ وجهي كي لا يصيبني الحطام".

وعثرت السلطات داخل الشاحنة على اوراق ثبوتية لمواطن فرنسي-تونسي، كما افاد مصدر امني.

وقرابة الساعة 01,20 ت غ، قال المصدر إن "عملية التعرف على هوية سائق الشاحنة لا تزال جارية"، مشيرًا الى أن الاوراق الثبوتية التي عثر عليها تعود لرجل عمره 31 عامًا ومقر اقامته نيس.

واثر الاعتداء فرضت السلطات طوقًا امنيًا في المكان، ودعت المواطنين لملازمة الاماكن التي يتواجدون فيه.

جثث مغطاة 

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية بيار هنري برانديه إن "التحقيقات جارية حاليا لمعرفة ما اذا كان منفذ الاعتداء تصرف بمفرده ام كان لديه شركاء تمكنوا من الفرار، السبب الذي يدفعنا الى دعوة الناس لملازمة منازلهم".

وانتشر عدد كبير من افراد الشرطة والجيش في المكان.

وكان في الامكان رؤية الجثث على الارض، وقد تمت تغطيتها، بينما وقف اشخاص يبكون وفي حالة صدمة على رصيف مغطى بالدم.

ونتيجة اجواء الرعب، سرت شائعات عن عمليات احتجاز رهائن تم تناقلها لساعات، على الرغم من صدور نفي رسمي لها.

ودان الرئيس الاميركي باراك اوباما بشدة "ما يبدو انه اعتداء ارهابي مروع".

وقال في بيان: "نحن متضامنون مع فرنسا، أقدم حليف لنا، في الوقت الذي تواجه فيه هذا الاعتداء".

واكد الرئيس الاميركي ان الولايات المتحدة مستعدة لمساعدة السلطات الفرنسية في التحقيق لكشف المسؤولين عن هذه المأساة.

بدورها، عبرت الحكومة البريطانية عن "صدمتها" ازاء الاعتداء "المروع"، مؤكدة ان رئيسة الوزراء تيريزا ماي تتابع تطورات الوضع وان حكومتها مستعدة لمساعدة نظيرتها الفرنسية.

كما ودان مجلس الامن الدولي "بأشد الحزم الاعتداء الارهابي الهمجي والجبان"، وفي بيان صدر بالاجماع، قالت الدول الـ15 الاعضاء في مجلس الامن انها تعرب عن "تعاطفها العميق وتقدم تعازيها" لعائلات الضحايا وللحكومة الفرنسية.

وجدد مجلس الامن التأكيد على ان "الارهاب بكل اشكاله يمثل احد اخطر التهديدات للسلام والامن الدوليين".

واضاف ان "كل عمل ارهابي هو عمل اجرامي وغير مبرر"، مجددًا التأكيد على "ضرورة ان تكافح كل الدول" التهديد الارهابي "بكافة السبل" في اطار القوانين الدولية.

ولفت البيان الى ان الدول الاعضاء في مجلس الامن "تشير ايضًا الى ضرورة ان يلاحق امام القضاء المسؤولون عن أي عمل ارهابي".

وتعيش فرنسا التي تعرضت لاعتداءين داميين منذ يناير في هاجس حصول اعتداءات جديدة.

واوقعت اعتداءات 7 و8 و9 يناير 17 قتيلاً في باريس ومحيطها، بينما قتل 130 شخصًا في تفجيرات واطلاق نار في باريس في 13 نوفمبر نفذها عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية قتل 15 منهم، معظمهم بتفجير نفسه. بينما اوقفت السلطات الفرنسية والبلجيكية عشرين مشتبهًا به على خلفية تلك الاعتداءات.

حالة الطوارئ

إلى ذلك، اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند فجر الجمعة أن حالة الطوارئ السارية منذ اعتداءات 13 نوفمبر 2015، والتي كان يفترض ان ترفع في 26 الجاري ستمدد لثلاثة اشهر بعد مقتل 80 شخصًا على الاقل دهسًا بشاحنة في اعتداء في نيس.

وقال هولاند في خطاب عبر التلفزيون من قصر الاليزيه، "قررت تمديد حالة الطوارئ التي كان يفترض أن تنتهي في 26 يوليو، لمدة ثلاثة اشهر"، مؤكدًا انه سيتم "ارسال مشروع قانون الى البرلمان بحلول الاسبوع المقبل".

وكان هولاند اعلن قبل عشر ساعات من ذلك، خلال مقابلة تلفزيونية بمناسبة العيد الوطني، انه لا يعتزم تمديد حالة الطوارئ الى ما بعد 26 يوليو الجاري، مرجعًا الفضل في ذلك الى قانون تم اقراره في مايو لتعزيز الترسانة الامنية لفرنسا.

وقال هولاند في المقابلة إن هذا القانون "سيعطينا ادوات عمل ليست شبيهة بحالة الطوارئ لكن تمنحنا وسائل المراقبة الادارية لبعض الافراد".

كما واعلن استدعاء احتياط الجيش من المواطنين لتعزيز صفوف الشرطة والدرك بعد الهجوم، وقال: "لقد قررت استدعاء الاحتياط العملاني أي كل الذين خدموا في وقت من الاوقات في صفوف الجيش أو في الدرك، لتعزيز صفوف الشرطة والدرك"، مشيرًا الى امكان استخدام هؤلاء الاحتياطيين في "مراقبة الحدود". مؤكدًا ان بلاده "ستعزز" تدخلها ضد الجهاديين في سوريا والعراق. 

وأضاف: "ما من شيء سيجعلنا نتخلى عن عزمنا على مكافحة الارهاب وسوف نعزز اكثر تحركاتنا في سوريا كما في العراق. اولئك الذين يستهدفوننا على ارضنا سنواصل ضربهم في ملاجئهم".