نصر المجالي من لندن:&شنّت أنقرة الرسمية والدبلوماسية حملة هجومية ضد السفير الأميركي لديها بعد توجيهه انتقادات لقرار تعيين 28 رئيس بلدية في عموم أنحاء تركيا، وشارك في الحملة كل من وزراء الداخلية والخارجية وشؤون الاتحاد الأوروبي.&

واعتبر وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، أن السفير الأميركي لدى أنقرة، جون باس، بخصوص قرار تعيين 28 رئيس بلدية جديداً في عموم البلاد، "تجاوز حدوده وتصرف بشكل غير مسؤول تجاه تركيا وحكومتها وشعبها".

وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في تصريح له أمس الثلاثاء، إنه ينبغي على سفراء الولايات المتحدة لدى بلاده "أداء واجباتهم برزانة ومهنية، وفق محددات اتفاقية فيينا (التي تنظم العمل الدبلوماسي بين الدول بما يحافظ على سيادة كل منها)، وعدم محاولة التصرف كحكام؛ لأننا لن نسمح لهم بذلك قطعًا".

هجمات سبتمبر

وأضاف وزير الداخلية التركي: "يقول أحد السفراء إنه من الخطأ تعيين الحكومة أو الدولة 28 رئيس بلدية بسبب الإرهاب، وهذا يستدعي أن نسألكم عن الأسباب التي دفعتكم لقتل المسؤول عن هجوم 11 سبتمبر في أفغانستان؟ وماذا كان هدفكم من قتله؟"، في إشارة إلى أسامه بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة.

وأشار الوزير التركي إلى أن الولايات المتحدة تتحدث ليل نهار عن إرهاب تنظيم "داعش"، متسائلًا باستنكار عن سبب تشجيعها لإرهاب منظمة "بي كي كي" وسط جميع التحالفات، التي تضعها ضد الإرهاب حول العالم.

وشدّد صويلو على أن بلاده لم تنسَ حتى الوقت الراهن تصريحات المسؤولين الأميركيين ليلة&15 يوليو الماضي بخصوص محاولة الانقلاب الفاشلة، مضيفًا: "نحن لم نتخلَّ عن صداقتنا مع واشنطن منذ أعوام، واليوم ننتظر من الدولة الحليفة أن تُحذّر هذا الشخص (السفير) بشكل صريح وواضح".

وتابع الوزير التركي: "السفير الأميركي تجاوز حدوده وتصرف بشكل مغرور، ويجب على الدول الكبرى تجنب تعيين أشخاص صغار كسفراء لها، وخاصة في دول قوية كتركيا".

دعوة للتراجع&

ودعا صويلو سفير الولايات المتحدة لدى تركيا إلى التراجع عن تصريحاته المذكورة، وطالب واشنطن باتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الإطار، لافتًا إلى أن هذا الأمر يُعد مطلبًا أساسيًا بالنسبة للشعب التركي وحكومته.

وكانت وزارة الداخلية التركية في نص قرارها إنه "لا يمكن لأي مسؤول منتخب أن يستغل إرادة الشعب الحرة لارتكاب الجرائم، وأن الأنظمة القضائية لا تتسامح إطلاقًا إزاء استغلال الوظائف لممارسة الإجراءات غير القانونية"، مؤكدة أن حماية الديمقراطية وسلطة القانون هما من المهام الأساسية للدولة.

وينص القرار بحكم القانون رقم 674 الصادر مطلع&سبتمبر الجاري، على خلفية محاولة انقلابية شهدتها تركيا منتصف يوليو الماضي، على إجراء التعيينات اللازمة مكان رؤساء البلديات أو أعضاء مجالسها المُقالين بتهمة دعم ومساعدة الإرهاب، في غضون 15 يومًا كحد أقصى، وفقًا لبيان وزارة الداخلية التركية.

وزير الاتحاد الاوروبي

ومن جهته، انتقد كبير المفاوضين الأتراك ووزير شؤون الاتحاد الأوروبي عمر جليك، تصريحات السفير الأميركي لدى أنقرة، وقال إن "الإرهاب يُعد خطًا أحمر بالنسبة لدولة القانون والديمقراطية"، مضيفًا أن "الدول ذات السيادة لا يمكنها أن تسمح للبلديات ومجالسها باستخدام الإمكانات والصلاحيات والآليات المقدمة إليها لخدمة الشعب من أجل دعم الإرهابيين".

وشدّد الوزير التركي على أن بعض الدول الحليفة لبلاده لا تنتهج سياسة مماثلة تجاه كل من تنظيم "داعش" ومنظمة "بي كي كي"، مبينًا أن "هذا الأمر يُعد ازدواجة معايير، وعلى العالم أن يواجه ذلك، فضلاً عن أن تركيا تشارك حلفاءها قيمًا عديدة كالديمقراطية والقانون والحرب ضد الإرهاب".

درع الفرات

وأوضح جليك أن دور تركيا في مكافحة الإرهاب بات جليًا في عملية "درع الفرات" التي أطلقها الجيش التركي لدعم الجيش السوري في مدينة جرابلس التابعة لمدينة حلب، شمال سوريا، والحرب ضد المنظمات الإرهابية هناك، وعلى رأسها "داعش".

وأشار إلى أن مهمة السفراء في تركيا هي الاستعلام من السلطات الرسمية بخصوص مثل هذه القرارات، مضيفًا: "دولة هذا السفير (السفير الأميركي) لاتزال تحتضن فتح الله غولن، وهو الذي أشرف على أكبر عملية إرهابية في تركيا (محاولة الانقلاب الفاشلة)، ولم تقم حتى باعتقاله رغم الطلب الذي تقدمت به تركيا إليها في هذا الشأن".

وأكّد جليك أنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تُسلّم غولن في إطار اتفاقية إعادة مرتكبي الجرائم المبرمة بين الجانبين، مبينًا أن الأخير يُدير منظمته الإرهابية من مكان إقامته بولاية بنسلفانيا الأميركية حتى الوقت الراهن.