تشهد ألمانيا حلقات نقاش جدلية حول ذلك الحي السكني الذي يُعرف باسم "الحي الأفريقي" في مدينة برلين، على خلفية ظهور مطالبات من قبل بعض الناشطين والمنظمات بضرورة اتخاذ قرار ينطوي على إعادة تسمية الحي وبعض من شوارعه.

إيلاف: بينما تتزين محطة Afrikanische Strasse U-Bahn الخاصة بمترو الأنفاق ببعض اللوحات التي تبرز جمال الحياة البرية في أفريقيا، فإن الوضع يختلف في المنطقة التي توجد أعلى تلك المحطة، وهي الخاصة بـ "الحي الأفريقي"، الذي يشتهر بمنازله السكنية الحديثة، وشركاته الصغيرة وسكانه ذوي الدخل المنخفض نسبيًا.&

اسم على غير مسمى
وفي الوقت الذي لا يوجد في الحي حديقة حيوان، ويُشَكِّل فيه الأفارقة نسبة 6 % فقط من السكان الذين يعيشون هناك. لكن بعيدًا عن كل هذه التناقضات، فقد تحوّل الحيّ إلى بؤرة نقاش عاطفية حول الذاكرة التاريخية ومناظر المدينة.

فمن ناحية، هناك من يطالب بضرورة الاحتفاظ بالمنطقة كما هي، ومن ناحية أخرى، هناك أعداد متزايدة من النشطاء والمنظمات التي تطالب بإعادة تسمية الحي.

نقلت في هذا الصدد صحيفة الغارديان البريطانية عن طاهر ديلا، مدير مبادرة الناس السود في ألمانيا وأحد المؤيدين لجهود إعادة تسمية الحي، قوله: "يدور هذا النقاش حول الطريقة التي يجب التعامل بها مع تاريخ الاستعمار الألماني المُهمَل للغاية".

ولفتت الغارديان إلى أن ديلا قام أخيرًًا برفقة آخرين بتنظيم احتفالية خاصة، أرادوا أن يحاكوا فيها مراسم إعادة تسمية الحي في أحد الشوارع، حيث صمّموا لافتات للشوارع من إبداعهم الخاص، وجَمَّعوا توقيعات على التماس، يناشد بإزالة الأسماء القديمة.

تماثيل عنصرية
جاء هذا النقاش المثار حول ذلك الموضوع في أعقاب الجدل الذي أثير خلال الشهور الماضية بسبب ظهور حركة Rhodes Must Fall الاحتجاجية التي تطالب بإزالة تماثيل سيسيل جون رودس، بدءًا من كيب تاون وصولًا إلى أكسفورد، وذلك لما هو معروف عنه من ميول عنصرية، ولكونه أحد مهندسي التوسع الاستعماري البريطاني.&

بادل أمين محمد يحمل تسمية بديلة للشارع الأفريقي يكرّم فيها السياسي التنزاني لوسي لاميك

في المقابل يرى آخرون أنه من الضروري الإبقاء على تلك التماثيل، وأنه من الضروري العمل من أجل حماية حرية التعبير بشتى الصور الممكنة.

ومضت الغارديان تشير إلى أن تاريخ "الحي الأفريقي" يعود إلى أواخر القرن التاسع عشر، حين وضع تاجر الحيوانات، كارل هاغينبيك، خطة كبرى لبرلين، تنطوي على إنشاء حديقة حيوان دائمة، تعرض بشرًا وحيوانات برية على حد سواء.&

شعور بالخزي
لكن الخطة لم تنفذ عقب وفاة هاغينبيك بلدغة ثعبان عام 1913 نتيجة لتغيرات الأحداث التي وقعت في أعقاب الحرب العالمية الأولى. لكن الحيّ تحوّل من وقتها إلى ملمح دائم من الملامح الأساسية للمدينة، حيث أُطلِقَ على بعض من شوارعها وساحاتها أسماء بعض الدول الأفريقية وأسماء بعض من أبطال الاستعمار الألماني.

عاود هنا ديلا ليقول: "يشعر السود بالخزي في كل مرة يمشون فيها في تلك الشوارع التي تحتفي بهؤلاء الأشخاص الذين ارتكبوا أبشع الحوادث الإجرامية في أفريقيا".&

في المقابل، أكد كثيرون ممن يطالبون بضرورة الإبقاء على الأسماء كما هي في الحي على أنهم يتحركون بدافع الحفاظ على الوقائع التاريخية والتصدي لما يعرف بـ "فقدان الذاكرة التاريخي".&

لجنة تحكيم
فقال جوهان غانز، أحد سكان الحي المحليون، إن "مجرد اختفاء أسماء الشوارع المثيرة للجدل وإزالتها من المدينة لن يلغي الحاجة إلى فتح نقاش عميق حول إرث ألمانيا الاستعماري". وهو وجهة النظر التي انتقدها ديلا، ووصف كل من يتبناها بافتقاره للمعرفة بخصوص القضية التي يروّج لها.

جامع الحيوانات كارل هاجنبيك مع أبنائه ونمر البنغال عام 1907

هذا وقد بدأت تُسَلَّط الأضواء بشكل كبير على تلك القضية الجدلية خلال الأشهر الأخيرة، لدرجة أن أحد النواب المحليين شكَّل لجنة تحكيم لمناقشة مسألة إعادة تسمية الشوارع، ووصل الأمر إلى الصحف المحلية، التي أيّد معظمها اقتراح إعادة التسمية.

&

أعدت «إيلاف» هذا التقرير بتصرف نقلًا عن «الغارديان». المادة الأصلية منشورة على الرابط الآتي:
https://www.theguardian.com/cities/2017/apr/04/germanys-other-brutal-history-should-berlins-african-quarter-be-renamed?CMP=oth_b-aplnews_d-2Women
&


&